مضى قرابة عام على تنفيذ خطة بتريوس في زيادة القوات الأمريكية المحتلة في العراق … بتريوس الذي غش نفسه وغش معها رئيس ادارته وكل من لازال يعتقد ان ثمة حل للكارثة التي حلت بالعراق وأهله جراء الاحتلال الأمريكي له! جاءت الزيادة في أعداد القوات الأميركية بالعراق بـ 30 ألف جندي لنشر معظمهم خارج القواعد الأميركية تكرارا لتجربه خاضها الجنرال ماثيو ريدجواي في كوريا ويدعي الجنرال ديفيد بترايوس انه أنقذ الجهود الحربية التي كانت قد أوشكت على الانهيار بعد أن قام بتطبيق أساليب على النهج النمطي التقليدي أملا في توفير الحماية للمدنيين فأين الحقيقة؟ لقد كذب بتريوس مثلما يستمر سيده بوش بهذه الصفة المنبوذة فالذي حصل من متغيرات شكليه لأتعود أساسا لما تدعيه الادارة الأمريكية بأنها من نتائج خطة زيادة القوات فالذي حصل هو الأتي :
1. ان أخطاء بعض تنظيمات القاعدة المدعومين من الأمريكيين والايرانيين واستهدافهم المخطط للعراقيين لاسيما تصفيتهم الجسدية لقادة الجيش العراقي والعلماء والقادة السياسيين في حزب البعث خلقت فجوة عميقة بين كل تنظيم القاعدة وبين الحاضنة الشعبية التي كانت ولاتزال تقف خلف المقاومة العراقية هذا ما كشف جانب مهم من هذه التنظيمات وجعلها هدفا للمواجهة مع المواطنين الذين تضرروا بسبب أخطاء ارتكبتها هذه التنظيمات .
2. نتيجة للأخطاء التي اشرنا اليها في أولاً وبسبب وجود أناس لديهم استعداد لبيع أنفسهم للشيطان مقابل تحقيق نوازعهم المريضة من قطاع الطرق والخارجين على القانون وفاقدي الجاه والوجاهة استغل هؤلاء تداعيات الأخطاء ألكبيره للقاعدة لاسيما في محافظة الانبار اكبر معاقل مقاومة الاحتلال وعرضوا خدماتهم وباعوا أنفسهم رخيصة للمحتل وأطلقوا العنان لما أسموها كذبا بالصحوة وانساق مع هذه الظاهرة المرحلية كثير من الناس ليس قبولا منهم بوجود الاحتلال بل للتخلص مما أصابهم من جور بعض من حسبوا على تنظيمات القاعدة وللأسف الشديد فات هؤلاء وغيرهم ان كل الجرائم التي ارتكبت بحقهم أيا كان مصدرها كانت بتدبير وتخطيط المحتل الأمريكي والايراني.
3. قام الاحتلال بعملية فصل للأحياء في كثير من مدن العراق وبشكل أساسي في العاصمة بغداد التي تحولت الى سجون كبيره وهذا ما أبعدها عن ان تكون هدف للمليشيات الطائفية لاسيما الايرانية وأصبح سكان هذه السجون يعيشون خلف جدران اكبر من تلك التي يستخدمها الصهاينة لتقطيع أوصال ماتبقى من فلسطين علما ان الخروج والدخول الى هذه المعتقلات يتم بهويات وهذا ما جعل احد العراقيين يتهكم بقوله لأحد الأخوة العرب بعد ان سأله عن أوضاع مدينة بغداد فأجابه ان بغداد أكثر مدينه أمنه في العالم فدهش الأخ العربي ولكن دهشته زادت عندما عرف السبب!!
4. ثبت بما لايقبل الشك ان الاحتلال وعملاؤه كانوا وراء كل الجرائم التي ترتكب في العراق فعندما يقتضي مخططهم ان يفجروا الأوضاع يفجرونها وعندما يتطلب الأمر التهدئة يهدئونها ولم يعد احد يشك أن المليشيات العميلة كانت تعمل وفق مخطط توافقي مع المحتل ولا علاقة لعبقرية بتريوس او زيادة القوات بما حصل بل هو توزيع ادوار وتنفيذ مهام ليس إلا!.
5. ثبت أيضاً ان كل الجرائم التي تحدث لها صله مباشره بالتجاذب والتنافر بين الشريكين في احتلال العراق أمريكا وايران فكلما اختلفا زادت الجرائم وكلما اتفقا قلت وهذا لا علاقة له بعمليات المقاومة الوطنية العراقية التي تستهدف الاحتلالين وعملائهما …ولم يعد خافيا على احد لجوء الأمريكان الى النظام الايراني لتهدئة الأوضاع هنا او هناك وأصبحت اغلب الاتفاقات الأمنية تناقش مع الإيرانيين بل ان ايران اللاعب الثاني الأساس بكل ما يتعلق بمستقبل العراق وزعلها أحياناً يفجر نخوة هذه المليشيا او تلك هنا او هناك.
6. ان هذه الأوضاع لايمكن ان تصمد أمام حقائق ضرب جذورها في أساس قضية العراق فرغم ان الأمريكيين بنو بعض أمالهم على رمال تشكيلات الصحوة إلا ان ادارة بوش تدرك وبالذات قادتها العسكريين وأولهم بتريوس الطامح لمناصب أعلى ان الرهان على الصحوة رهان خاسر فالصحوة ظاهره اجتماعية جاءت رد فعل على أخطاء معينة ولذلك هي غير قادرة على الصمود والاستمرار لأسباب كثيرة في مقدمتها أنها تحمل في طياتها أسباب فشلها خصوصا المتناقضات إضافة الى ان تكوينها العشائري وتنافس رؤساء العشائر والتسابق على جني الأرباح المادية والزعامات والظهور الاعلامي والمناطقيات كلها قنابل موقوتة تهدد بانهيار هذه الظاهرة الوقتية ناهيك عن ان الأمريكيين سرعان ما سيغيرون قناعاتهم بالصحوة وسيعملون على الاطاحة بها بعد نفاذ المهام التي جاءت من اجلها..عدا ما تبذله ايران وحكومة الهالكي من محاولات لاجهاضها لاعتقادهم او خوفهم من ان تستغلها المقاومة العراقية بطريقة ذكية سيما وان النظرة الخارجية على الصحوات أنها نتاج للمحافظات ( السنية ) الملتهبة ضد الاحتلال وعملائه.
7. لعل مقتل ستار ابو ريشه احد ابرز الداعين لقيام الصحوة اضعف بشكل كبيرا بنيتها الداخلية فستار ابو ريشه كان يطمح ان تكون صحوته الجواد الذي يمتطيه وصولا للسيطرة على مواقع متقدمه في العراق المحتل في ظل تحالفه العميق مع الأمريكيين إلا ان خصومه وتطلعاته كانا له بالمرصاد وذبح وأصبح في خبر كان ومن جاء بعده ( شقيقه الأكبر احمد) فلا تعني له الصحوة إلا وسيلة لكسب مال أكثر ولن يمر وقت طويل إلا نرى ونسمع ان الصحوة هوت على رؤوس من بنو أمالهم عليها والحزب الاسلامي خطط ويعمل كل ما في وسعه للاجهاز على الصحوة وأهلها وابو ريشه اعد العدة ليترك الصحوة ويذهب الى حيث وضع أمواله التي كسبها بعد الاحتلال والأشهر القليلة القادمة ستكون الفيصل بين صحوة أرادوها وبين خصوم ذبحوها ولن تنفع لقاءات مسؤولي الصحوة هذه الأيام مع الرئيس بوش (هناك لقاء مرتقب هذه الأيام بين وفد من مسؤولي الصحوة برئاسة أحمد ابو ريشه مع الرئيس الأمريكي بوش)…فبوش في طريقه الى خارج البيت الأبيض وجماعة الصحوة في طريقهم الى خارج اللعبة بإرادتهم او رغما عنهم.
8. يعتقد البعض ان ثمة تراجع في قدرات تنظيم القاعدة وان الأمريكان وعملائهم في حكومة الهالكي أجهزوا عليها في بغداد وديالى والموصل والحقيقة ان الأمريكيين وعملائهم لم يطالوا القاعدة ولم يستهدفوها لان المسؤولين عنها ينسحبون قبل ان تصل يد الأمريكان اليهم وان الذين يستهدفون هم أناس لا علاقة لهم بالقاعدة بل من العراقيين الاصلاء الشرفاء المناهضين للاحتلال وليس أدل على ذلك من اعتقال أكثر من 1500 عراقي في الموصل في حين يعلم الأمريكان ان قيادات القاعدة غيرت أماكن تواجدها قبل فتره ليست قليله….والمهم هنا هو ان تنظيم القاعدة أعاد ترتيب نفسه وربما استفاد من أخطاء المرحلة السابقة وسيعود لينشط من جديد مستفيد من مسلمة جوهرها ان الأمريكيين غير قادرين على الاستمرار بنفس سياقات العمل التي يدعون أنهم ابتكروها حيث لاتستطيع القوات الأمريكية المجهدة جدا ان تمارس سياسة الانتشار الدائم ومواجهة حرب الشوارع والمدن ولهذا فأن القوات الأمريكية التي تعتمد على الجهد الجوي سرعان ما ستنسحب من الأماكن التي تحرك فيها الان .
9. ان الأمر الأكثر أهمية هنا إضافة الى ما اشرنا اليه أعلاه هو ان المرحلة القادمة ستشهد تطور نوعي في العمل المقاوم للاحتلالين الأمريكي والايراني وبالذات في جانبه العسكري حيث شهدت فصائل المقاومة الوطنية العراقية أعادة في تنظيمها وأساليب عملها وخططها والاهم هو توحيد جهودها في دحر الاحتلالين وقد كشفت الأشهر الست الماضية نشاط متميزا في العمليات العسكرية ضد قوات الاحتلال وقد ارتفعت خسائره المعلنة من قبله الى مستويات قياسيه ناهيك عن الخسائر الكبيرة اليومية التي يعتم عليها الأمريكان.
10. تجري هذه الأيام مناقشات لتمرير صفقه الاتفاقية الأمريكية مع عملائها في العراق وهذا ما سيزيد الأمور تعقيدا وسيوسع دائرة الخلافات حيث ستضع هذه الاتفاقية الجميع على المحك وستكشف جميع الأوراق التي كان البعض يريد اللعب بها تحت الطاولة ولذلك ستشهد الساحة السياسية العراقية تداعيات ستترك بصماتها واضحة على المرحلة اللاحقة وربما ستعيد توزيع مكونات اللعبة بشكل مختلف تماما وهذا ما يستدعي من الأطراف الوطنية المناهضة للاحتلال أعادة تقويم مواقفها وأساليب عملها وتنسيق جهودها بما يفوت الفرصة على الاحتلال و عملائه من تمرير هذه الجريمة الجديدة.
11. هناك قناعه لدى كثير من الساسة الأمريكيين حتى من داخل المعسكر المؤيد لحماقات بوش ان عدم كفاءة حكومة الهالكي وطائفيتها هي المشكلة الأكبر في العراق وليس أنشطة المسلحين فقط فالهالكي قد أثار عداء كل حلفاء المحتل الأمريكي في العراق وعلى نطاق واسع ويأتي سلوكه منطلقا من تصور مفاده أنه سيحصل على دعم مؤكد من الرئيس بوش. ولاعتقاده أن البيت الأبيض لا يمكنه ان يمارس ضده ضغوطا مؤثرة دون أن يلحق الضرر بالتأييد الداخلي لسياسته في العراق فقد راح الهالكي يستخف بالحكم ويعمل على تعزيز الهيمنة الطائفية من خلال عصابة متآمرة ومع ذلك فان الاعتقاد السائد الان هو أن حكومة رئيس الوزراء نورى الهالكى ما تزال مفككة.
إن ما قامت به إدارة بوش من جرائم تجعل من العسير نجاح جميع محاولات الترقيع الدعائي ولهذا فربما كانت أولى مهام من سيخلف بوش في البيت الأسود التفكير جديا بإزالة كل ما خلفه بوش من المياه الاسنه في سياسته ألظالمه ضد العراق والعرب والمسلمين
المصدر : ملحق جريدة حزب العث العربي الاشتراكي -قطر العراق – عدد تموز 2008م