في الواحدة صباحًا، كان كل شيء قد انتهي، قوات الأمن راحت تعد عدتها، تطلق قنابلها، تسلط خراطيم المياه علي آلاف المصريين الذين احتشدوا بميدان التحرير، ينادون بالحرية وبالعدل والحق في الكرامة والتغيير.. في دقائق معدودة كان أكثر من عشرة آلاف جندي أمن مركزي يطاردون الشيوخ والشباب، النساء والأطفال، انطلقت الهتافات والاشتباكات، انتهي الاعتصام في وقت مبكر من الصباح.
انشغل المصريون جميعًا، تابعوا تطورات الأمور منذ الصباح، حلم التغيير يراود الجميع، انطلقت الهتافات كفي ظلمًا، كفي فسادًا، كفي استبدادًا.
لم تكن تظاهرة للنخبة، ولم يكن قادتها هم رموز العمل السياسي الذين تعود الناس علي رؤيتهم لسنوات طوال، وإنما كان القادة هم شباب في عمر الزهور، حلموا بالحرية وبتكافؤ الفرص وبالعدل وبالحق في العمل، لكنهم وجدوا أمامهم سلطة تسد أذانها، ترفض الاستجابة، وتصمم علي العناد.
كانت رسالة واضحة، اختصرت معاناة المصريين في هتاف التغيير والمطالبة بالحق في الحياة الكريمة، سقط في المظاهرات التي عمت البلاد شهداء وجرحي، اعتقل المئات، إلا أن صوت مصر الحقيقي راح يدوي في كل مكان.
نعم مصر لم تمت، ولن تموت، مصر التاريخ والنضال قادرة علي أن تحقق أحلامها، مصر لن تقبل أبدًا بالعبودية أبد الدهر، وعلي حكام الوطن أن يراجعوا أنفسهم، وأن يعووا الرسالة، فالسيناريو قابل للتكرار في أي لحظة وفي أي وقت، غيروا قبل أن تتغيروا.