لم أتصور وجود شخص مسئول بمنزلة نائب في البرلمان يقول كلاما موجعا، ومهينا لمن لا يتفق معه في الرؤيا لدرجة أنه وصف من يعتقد بالليبرالية بـ "الإلحاد"، ولما نشر على لسانه في الصحافة، وحسبما قاله مرتجلا، أنكر ذلك.. وقال إن ما نشر خلاف ما قاله محاولا التنصل من مسئولية ما ذكره من كلام غير لائق. وقد يتساءل القارئ، من هو هذا المسئول؟ وما المقصود بذلك؟ وسأذكر الإسم بهدف التوضيح وليس بهدف المناكفة، لذا دعوني آخذكم قليلا الى الوراء حول فعالية ثقافية أقيمت يوم السبت الماضي في مجلس الدوي بالمحرق، تحدث فيها الكاتب الصحافي سعيد الحمد حول الليبرالية، وحضرها عدد كبير من أهالي المحرق على اختلاف مشاربهم وكانت الغالبية من التيار الديني المتشدد. ومشكلة هذا التيار، وحسبما سمعته من أناس حضروا المجلس، وقبل أن تبدأ الندوة أن هذا التيار يعتقد أنه الوحيد في الساحة (ساحة المحرق) ولا تواجد، بل لا يسمح لأي طرف أو رؤيا سياسية لا تنضوي تحت هذه المظلة ان تتواجد على أرض حبى الله أهلها بسعة الصدر والأفق، وعرفناهم على الدوام أنهم أهل للطيبة والدماثة وخفة الروح، فيا عجب أن تنقلب الرؤيا بأن يظهر صوت أو أكثر ينادي بسحق وتكفير من لا يعتقد برؤيتهم.. الله أكبر!.والقصة طويلة، وباختصار حيث حيز العمود محدود، أقول: أن المتحدث المسئول هو ( النائب إبراهيم بوصندل من كتلة الأصالة في بالبرلمان) ذكر تعقيبا على موضوع الندوة في مداخلة مفادها أننا في البحرين لا نحتاج الى ليبرالية ولا علمانية ولا ديمقراطية لكون هذه الأفكار نشأت في الغرب، وقد وردت هذه العبارة في تغطية "الأيام" كما هي في "أخبار الخليج".. ولا أدري لماذا استنكف ورودها في تغطية "أخبار الخليج"؟وتابع النائب بوصندل يقول: "ان الذي ينادي بالليبرالية في فرنسا هو إنسان كافر، غير مسلم، وفي البحرين من يتبنى أفكارا يطرحها الكفار فهو……، وواصل،لا نفهم الليبرالية بأنها نهج حرية ما أقول، وحرية أن أعمل ما أريد بجسمي، فالليبرالية في هذه الحالة تعني ان يكون الفرد ملحدا، وهذا لا نقره، وأن الليبرالية ليست بالتسطيح الذي استعرضه المتحدث في الندوة الى آخر الكلام.ولما تم نقل ما ذكره، غضب النائب مما نشر، وأرسل توضيحا الى الجريدة، نشر بالكامل حيث ضمنت له ذلك حينما حدثني على التليفون قبلها، ويا عجبا من ورود نفس العبارة (لسنا بحاجة الى الليبرالية التي نشأت في بيئة غير اسلامية)، ولا أدري ألم يلاحظها، وهنا أتساءل: لماذا حذفت كلمتا العلمانية والديمقراطية من نفس الجملة؟.. أليس هذا غرض في نفسه؟ وأين الاتساق بين القول والعمل؟تصوروا أن شخصا بهذا المقام، (عضو برلمان) انتخبه المواطنون ليكون مشاركا في سن تشريعات تصل بالبلد الى محطة الأمان والسلام والاستقرار والتقدم، ولا يقر بالديمقراطية ولا الليبرالية ولا العلمانية! ويغضب لذكر ما نقل في الندوة، ويريد نقلا مفصلا كما يريد، الطرح شيء، وما ينشر في الصحافة شيء آخر.. وبصراحة هذا لا يتفق مع الأعراف الصحفية.والأشد من ذلك أنه قال لي: لماذا تجعل الناس يضحكون عليك؟ ولما رددت عليه بشدة ومستنكرا هذه العبارة، تراجع، وقال: أقصد الضحك على كتاباتك.. وهذا أيضا شيء غير مقبول.. ورغم كل ما جاء في ردك، وفي المكالمة، فأنا أسامحك بإسم الليبرالية يا سعادة النائب