سوسن دهنيم
لم تكن تلك الندوة كالمعتاد، كانت تحمل الكثير من الألم والكثير من الترقب والكثير من التساؤلات؛ إنها الندوة الحقوقية التي أقامتها قوى المعارضة في جمعية العمل الديمقراطي (وعد) في الاسبوع الماضي والتي انتهت بفيلم يبين طبيعة المداهمات التي تتعرض لها بيوت المواطنين ليلاً. 311 عائلة كما وضح المسئول بجمعية الوفاق خليل المرزوق تعرضت للانتهاكات خلال شهرين وما أكثر المعتقلين والمقموعين في كل منطقة وكل قرية.
مداهمات ليلية للبيوت من غير اذن تفيش، تكسير للمنازل، سرقة بعض محتوياتها، ترويع الآمنين فيها، ضرب الموجودين وووو…
كان أحد المتحدثين في الندوة يصف ما حدث بصوت متهدج مرتبك وكأنه يعيش اللحظات التي عاشها وقتئذ وعاشها ذووه حين اقتحمت منازلهم، فكان يقول إن إحدى أخواته اقتحم منزلها 11 مرة جمعيها من غير إذن تفتيش في حين اقتحم بيت أخته الثانية خمس مرات وبالطريقة نفسها والقائمة تطول.
هذه الشهادات التي ألقيت في الندوة ومثلها ما كُتِب عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر مواقع الجمعيات السياسية ممن انتهكت حقوقهم بطرق غير لائقة بمن يحترم حقوق الإنسان، جميعها كانت تبين أن هذه الانتهاكات والمداهمات تمت من غير إذن تفتيش.
وهنا أتساءل: ما الفرق بين أن يتم اقتحام منزل ما بإذن أو من دونه؛ مادام من يقومون بذلك سيقترفون ما شاهدناه في مقاطع الفيديو التي انتشرت أو ما سمعناه من أصحاب هذه البيوت؟
هل نحن بحاجة لرؤية إذن ما لاقتحام بيوتنا، مادامت منازلنا ستنتهك بهذه الطريقة؟ وهل الإذن سيكون شفيعاً لقلوب كبار السن أو الأطفال أو المرضى التي قد تتوقف خوفاً وهلعاً كي تمتص الصدمة ولا تتعرض للخطر حين تقتحم منازلها؟
ما حدث ويحدث طوال هذه الفترة بحاجة لوقفة جادة من جميع الأطراف المعنية للاعتراف بالخطأ وتصحيحه، فهذه المداهمات كانت سبباً في خسارات مادية وصحية جسيمة على البعض ولابد من محاسبة من قام بها.
ثم إن نقاط التفتيش مازالت تنصب في مداخل القرى ومازالت تسبب الكثير من الهلع والتأخير للمارة فضلاً عما يحدث بها من انتهاكات أيضا رأيناها بأم أعيننا كان آخرها قبل ليلتين في إحدى القرى التي مررت بها أثناء زيارة عائلية. ما المبرر لهذه النقاط ونحن نعيش وضعاً طبيعياً – بحسب تصريحات المسئولين في الحكومة-؟ وما هو الوجه القانوني للتفتيش الذي يحدث عندها لسيارات المارة وحقائبهم وهواتفهم النقالة من غير إذن ومن غير سبب سوى مكان الميلاد المكتوب في البطاقة السكانية أو العنوان أو الاسم أحيانا؟ وخصوصاً أن فترة السلامة الوطنية قد انتهت منذ ما يقارب العام؟
اليوم وبعد مرور عام ونصف العام على الحراك الشعبي وبعد كل الأرقام التي باحت بها قوى المعارضة بخصوص الانتهاكات التي تعرض لها أبناء الشعب ومازالوا، والأرقام الصادمة بخصوص ما فُقِد من المنازل التي تعرضت لهذه الاقتحامات، أو سيارات المواطنين الذين مروا بنقاط تفتيش، والتي تجاوزت ملايين الدولارات بحسب إحصاءات قوى المعارضة، لابد من التوقف لمعرفة مكان الخلل، وأين ذهبت تلك المفقودات وكيف تسترجع ويعوض هؤلاء عن خساراتهم؟