مريم الشروقي
مقولة عضو رئيسي في تجمّع الوحدة الوطنية بأنّ الشعب البحريني غير راشد، مقولة تدل على خطل رأيه في هذا الشعب العظيم الصابر، وما يدلّ إلاّ على اضمحلال ثقافته التاريخية بعظمة هذا الشعب وتبحّره في السياسة حتىّ النخاع!
إنّ الشعب راشد وواعٍ لما يحدث، ومِن المستغرب وضع العضو غير المناسب على طاولة خطيرة كطاولة حوار التوافق الوطني، هو وغيره، ممّن أطلقوا العبارات على أنفسهم وعلى غيرهم، كعبارة «الريموت كنترول»، وعبارة «الحوار سيستمر إلى مئة عام»، وعبارات صغيرة أخرى تدل على شحّهم في معنى التوافق.
لا نريد لأمثالهم تمثيل الشعب الراشد الذي يعرف كل صغيرة وكبيرة في السياسة، بل نريد ممثّلين ناضجين سياسياً على قدر من المعرفة والثقافة بأصول إدارة الحوار أوّلاً، ومن ثمّ على قدرٍ من المسئولية والأمانة بتوصيل صوت الشعب إلى الطاولة.
والعجيب بأنّ هؤلاء لا يمثّلون الشعب كما يقول عديد من النّاس، بل يمثّلون معارضة المعارضة، أي بمعناها العامّي الواسع يمثّلون الحكومة وما تراه مناسباً لأجنداتها، وبين الحكومة وبين المعارضة وبين طاولة حوار التوافق الوطني، ضاع رشد النّاس و«تمرمطت» كرامتهم، فكلمات كالريموت كنترول وعدم الرشد، دليل على أنّ النّظرة دونيةٌ إلى شعب صنع المعجزات منذ إضراب الغوص سنة 1907!
ما نقول عن الشعب البحريني إلاّ أنّه من أنضج الشعوب العربية، وأنّه لا يُدار بالريموت كنترول، وأنّه نشر صرح العلم في الخليج إبان الفترة المظلمة، وأنّه هو من يعرف مصلحته، ويعلم ما يناسبه وما لا يناسبه من أمور ترفع من مقامه وأخرى تجعله في الحضيض.
شعبٌ قيل عنه بأنّه كالزل الايراني، صبر وكافح، وقيل عنه كثيرٌ من الجمل لتصغيره، وكان آخرها شهرةً بأنّه ريموت كنترول! لا وألف لا، لا نقبل على شعبنا بأنّ يُقال عنه غير راشد، فلقد ربّت أمّهاتنا الرجال، وهؤلاء الرجال حقّقوا ما لم يحقّقه مواطنو الخليج، كأمثال النعيمي والباكر والشملان والجمري وغيرهم.
البعض يعوّل على أنّ الشيعة هم الرافضة الدخلاء العكاكير الذين قدموا من إيران، هؤلاء هم الذين يغزون البحرين بأفكار صفوية تتبع ولاية الفقيه، ولكنّهم لم يتفقّهوا جيداً في خطورة هذه الكلمات التي قيلت، وأثرها على الأجيال القادمة، فما دام الشيعة دخلاء، فمن نحنُ إذاً ومن أين قدمنا؟ إذ أنّ الأصول التاريخية عن البحرين بأنّ أغلب العرب نزحوا إليها من نجد!
قلتم دخلاء، رافضة، خونة، في الأخير لابد من الرضوخ إلى مطالبهم ومطالب مكوّنات الشعب الأخرى، لأنّنا لا نستطيع طرد نصف المجتمع البحريني من موطنه الذي وُلِدَ وعاش وترعرع فيه.
ثم لماذا الخوف من الاستفتاء ما دام أكثر من نصف الشعب ضد المعارضة؟ والله إننا نستغرب رفض جمعيات ائتلاف الفاتح الاستفتاء، فإذا كان أكثر من النصف ريموتاً كنترولاً وغير راشد، فهذا يجعل الاستفتاء أسهل، لأنّ كبسة زر ستجعلهم يستفتون على ما يريده رؤساء تجمّع الفاتح، أليس كذلك؟
أعيدوا الجملة يا أعضاء تجمّع الفاتح «الشعب راشد»، مرّة أخرى أرجوكم «الشعب راشد»، لأنّكم تحتاجون إلى التكرار دائماً، فتصريحاتكم وألفاظكم مُحرجة، تحرج الشارع الصامت وتزيد من غضبه، إذ ليس هناك حرٌ نعرفه من الشارع الصامت يرضى بكلمات مهينة شنيعة كهذه الكلمات.
لا نقبل بإهانة الشعب البحريني الراشد أبداً، ولا نقبل بكلمات تقلّل من شأنه ووعيه، فهو أعلى من ذلك بكثير، ونستدل بالعرب أيّام الجاهلية، الذين لم يقبلوا على أنفسهم كلمات الاهانة والتصغير والذلّ، وهاهو عنتر بن شدّاد قالها مدوية قبل 14 قرناً:
لا تسقني ماء الحياة بذلّة… بل فاسقني بالعزِّ كأس الحنظل
مــاء الحياة بذلّة كجهنّم… وجهنّم بالعــزِّ أطيب مسكن
تذكير لتجمّع الفاتح: ما هي الـ 80 % من المطالب التي اتّفقتم عليها مع المعارضة؟
تذكير لسعادة النوّاب: هل تمّ تحويل ملفات الفساد إلى النيابة العامة كما طالبتم بذلك؟ أم إلى الآن لم تجتمع اللجنة لتحويل الملفات!
تذكير للمحامين الشرفاء: أين ذهبت الأموال «أموال النفط» (على قولة المعاودة)؟