بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
لست ادري ماذا أصاب امتنا العربية، هل أصابها انهيار قيم وعقيدة أم أصابها انعدام الثقة في النفس وانعدام الزعامة التي تستحق التبجيل والبيعة الشعبية، هل المرجعية المرجحة لكل قضايانا ونوايانا وأمانينا العربية أصبحت إسرائيل؟ ماذا حدث لقادتنا حتي تكون قبلتهم تل أبيب حتي في حل الخلافات الداخلية والقطرية والبينية وحتي علي مستوي الافلام وركوب الخيل وسباق الهجن؟
مملكة البحرين الشقيقة والعزيزة قررت تعيين سفير لها في واشنطن أنثي يهودية بحرينية من أصول عراقية. لا اعتراض لي علي تعيين مواطن أيا كانت ديانته في أي درجة وظيفية من وزير إلي مدير إلي سفير، سؤالي لماذا البحرين وفي هذه الظروف تعين سفيرا يهوديا وفي واشنطن علما بان اليهود عددهم في البحرين لا يزيد في أحسن الحالات عن عشرين شخصا، ليس سرا إن في البحرين أزمات قد تعصف بالبلاد في أي لحظة لا سمح الله، اذكر منها مسألة التجنيس، مسألة الديمقراطية، ومسألة الطائفية إلي جانب مسائل أخري، وسؤالي المباشر وأرجو أن تتسع صدور أهلنا في البحرين هل هذا استباق لمواجهات محتملة ونبحث عن استرضاء أمريكا عبر إسرائيل عن طريق تعيين سفيرة يهودية في واشنطن؟
المعروف أن علاقة البحرين مع الولايات المتحدة الأمريكية راسخة من قبل إنشاء دولة إسرائيل بموجب قرار أممي، وعلاقة عمان مع أمريكا من مطلع القرن التاسع عشر فلماذا هذا التدافع نحو إسرائيل؟ دولة عربية أخري راحت تستعين بإسرائيل من اجل تحقيق رغبة ذاتية تعتقد أنها تستطيع تحقيق تلك الرغبة إذا تبنتها إسرائيل ومع الأسف كل الاتصالات بإسرائيل في هذا الشأن لم تجد نفعا، استطيع القول ان تلك الدولة فشلت في تحقيق أهدافها ولم تنفع الشفاعة الإسرائيلية، والحق أن تلك الدولة العربية خسرت مكانتها مرتين مرة عند استرضاء إسرائيل لعونها ولم تجد نفعا ومرة أخري أعطت انطباعا بأنها غير قادرة علي تحقيق أهدافها بعلاقاتها ومكانتها الدولية، وعلي ذلك أرست هذه الدولة سابقة علي نفسها لا تستطيع أن تخطو مستقبلا خطوة دون دعم إسرائيلي لها.
قائد فصيل من فصائل المعارضة السودانية في دارفور يعيش في المنفي الاختياري في أوروبا، هذا القائد الموهوم بقوته ومكانته في السودان اكتشف انه طبل أجوف فهو بلا شعبية داخل السودان ولا نفوذ يذكر وليس له أتباع علي تراب السودان الشقيق، أراد أن يستعين بإسرائيل لتعينه في تحقيق أهدافه في إضعاف السودان وتفتيت وحدته وتغيير نظام الحكم فحج إلي تل أبيب ينشد المدد والعون لتحطيم بلاده من اجل دنيا يصيبها أو جاه يحظي به، لكن التاريخ علمنا بان خونة الأوطان وقناصي الشهرة لا مستقبل لهم وستطاردهم واسرهم لعنة التاريخ كما تطارد خونة العراق وأفغانستان وفلسطين وغيرهم. دولة عربية ثالثة أرادت تطبيع علاقتها بإسرائيل دون ان يحسب عليها اندفاعها نحو هذا الكيان السرطاني وعلي اعلي المستويات، وعلي مستوي شعبي جماهيري فكانت بوابة استقبال أفواج السياح الاسرائيليين، ازعم ان ذلك النظام فقد الكثير من شعبيته داخليا وعربيا ولن ترضي عنه اسرائيل ولا امريكا.
مصر العزيزة حكومتها تسير عكس اتجاهات ورغبات ومواقف شعبها من العلاقة بإسرائيل والتطبيع معها، الغاز المصري يباع لاسرائيل بأبخس الاثمان ويمنع عن الشقيق الفلسطيني بل تمعن الإدارة المصرية في محاصرة قطاع غزة. مصر قبلت أن تكون وسيطا بين الحق والباطل أي بين أصحاب الحق الفلسطينيين وقطعان المستوطنات بدلا من أن تكون مع أصحاب الحق. كل ذلك استرضاء لإسرائيل ولن ترضي حتي تكون لها السيادة من النيل الي الفرات. ما بال امتنا العربية الإسلامية؟ هل ضربت عليها الذلة والمسكنة؟ هل تستحق امتنا العربية كل هذا العذاب والخنوع. إننا امة مكتملة التكوين يتدافع بعض من قياداتنا نحو إسرائيل لاسترضائها تحت ذريعة إذا أرادت أن ترضي عليك أمريكا فعليك باسترضاء الولد الإسرائيلي، نريد أن نذكر قادتنا الميامين أنه لا مستقبل لأمة تحت التكوين في محيط امة مكتملة التكوين وكل الرهانات علي ذلك الكيان رهانات خاسرة وغير مجدية.
آخر القول: النظم السياسية تقوي اذا توفرت لها عوامل القوة والتي ترتكز علي شفافية النظام في الذمم المالية، ومشاركة المواطن في صنع القرار، ومحاربة الفساد بكل صنوفه، وتحريم الاستبداد، وترسيخ مبدأ العدالة والمساواة بين المواطنين والايمان المطلق بان الشعب هو السند الحقيقي لقوة النظام وليس الاستقواء بالخارج واللجوء اليه في الازمات او توقع حدوث ازمات.
القدس العربي 10/06/2008