هاني الفردان
أعلنت الجمعيات السياسية المعارضة الخمس (الوفاق، وعد، التقدمي، الوحدوي، والإخاء) عن ترحيبها بأي حوار جاد ذي مغزى يهدف لإخراج البلد من أزمته السياسية الخانقة التي انطلقت بقوة في 14 فبراير/ شباط 2011.
وما إن انتهت الجمعيات من ترحيبها حتى سارع مستشار عاهل البلاد الإعلامي لإعلان فشل الاتصالات بين المعارضة والسلطة، وهو المسئول الذي كان يروج لقرب انطلاق «حوار لم الشمل»، رغم تأكيدنا في مقالين سابقين أنه لا جدية لهذا الكلام، وما هو إلا سراب يروج له.
الجمعيات السياسية المعارضة كانت تدفع نحو هذا النوع من الحوار، فيما كان الصد والممانعة من الطرف الآخر الذي فضل الإمساك بزمام السيطرة على الوضع السياسي من خلال القبضة الأمنية.
في الأيام الماضية، خرج علينا البعض عبر موقع التواصل الاجتماعي يروجون لحوار جديد «حوار لم الشمل» لم تعلن الدولة عنه رسمياً، وعن وجود «اتصالات» محدودة، قيل إنها أسفرت عن شروط رسمية على المعارضة للبدء بحوار، وهي شروط لم تحظ برضا المعارضة التي أعلنت أمس ترحيبها بأي حوار جاد يقوم على أساس «مبادرة سمو ولي العهد التي أعلنها في الثالث عشر من مارس 2011، ووثيقة المنامة التي أطلقتها الجمعيات السياسية الخمس في الثاني عشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2011، وتوصيات اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق التي تم الإعلان عنها في الثالث والعشرين من نوفمبر/ تشرين الثاني 2011».
ومن هذه الأسس الثلاثة، مع رؤية المعارضة بضرورة أن يواكب ذلك إفراج عن المعتقلين السياسيين، وعرض نتائج الحوار على استفتاء شعبي، ولعدم وجود أي إعلان رسمي لحقيقة الحوار المقبلين عليه، وآلياته وأجندته والمشاركين فيه، فإن هذا الحوار انتهى قبل بدايته،، وكشف عن ذلك تصريح المستشار الإعلامي لصحيفة «الشرق الأوسط» بأن الحوار مات قبل ولادته.
حراك الحوار الذي شهدناه لا يخرج عن إطار الدعاية الإعلامية السياسية لوجود هذا الحوار عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام شبه الرسمي، لإقناع الرأي العام الدولي بشئ ما.
ما هو على أرض الواقع، يشير إلى أن المعركة أصبحت إعلامية، إذ إن البعض تمنى أن ترفض المعارضة الحوار، وبذلك تكون مادة إعلامية تروج عالمياً «أنظروا فإن المعارضة هي التي ترفض كل شئ في كل مرة». ربما ان المعارضة أدركت القصة وتركته لتبدأ وتلغي نفسها بنفسها.
التحدي يكمن أولاً في الاعتراف بأن البلد بحاجة إلى حوار جاد للخروج من أزمته الحالية ومن ثم التوافق على مفهوم الحوار، وفق رؤية مغايرة لما كان عليه «حوار التوافق الوطني».
الواقع يقول إن «حوار لمّ الشمل» ما كان إلا «سراب».