عقيل ميرزا
اشتعل مجلس النواب في جلسته الأخيرة التي عقدت يوم الثلثاء الماضي للمطالبة بتحويل 14 جهة حكومية إلى النيابة العامة بسبب ارتكاب هذه الجهات 51 مخالفة توجد بها شبهة جنائية.
لن أقول إن الجبل تمخض فولد فأراً حفاظاً على مياه وجوه أصحاب السعادة النواب، لأن الجبل تمخض فلم يلد حتى فأراً، وليته ولد فأراً لعلّ هذا الفأر يقضم شيئاً من الفساد الذي نسمع عنه ولا نرى من يقوم به.
المخالفات التي يتحدث عنها سعادة النواب لم يكتب عنها ديوان الرقابة المالية والإدارية يوم الإثنين الذي سبق جلسة الثلثاء بل هي مخالفات دونت في تقرير صدر 5 يناير/ كانون الثاني من العام الجاري ولكن النواب لم يجدوا متسعاً من وقتهم الثمين لمناقشة الموضوع إلا بعد نحو أربعة أشهر فهنيئاً للفاسدين الآمنين بغنائمهم وعقبال 100 تقرير من رصد الفساد فمناقشة الفساد بالنسبة للنواب ليس ضمن الأجندة العاجلة ذات الأهمية القصوى ويمكن تأجيل مناقشتها إلى أكثر من 100 يوم.
ثم إن الطلب المقدم من 33 نائباً لإحالة المخالفين إلى النيابة العامة هو غريب جداً وكأن أدواتهم البرلمانية مثلَّجة في ثلاجة درجة حرارتها 1000 تحت الصفر.
ما أود من أصحاب السعادة النواب أن ينوّرنونا فيه هو: هل أن المخالفات التي رصدها الديوان ارتكبت في كوكب المريخ؟! ألم ترتكب في وزارات وهيئات ومؤسسات حكومية؟ أليس لهذه الوزارات وزراء؟ ثم أليس أولى مهام النواب الرقابية محاسبة الوزراء واستجوابهم وسحب الثقة منهم؟ إذاً مالكم والنيابة العامة؟ وهي شعبة من شعب السلطة القضائية يمكنها أن تقوم بواجبها بدون رسالتكم.
أنتم أيها النواب سلطة رقابية ويمكنكم أن تستخدموا صلاحياتكم في سؤال واستجواب الوزراء الذين وقعت المخالفات تحت مظلة وزاراتهم ويمكنكم أن تسألوا الوزراء عن عدم إحالة المسئولين عن الفساد في وزاراتهم للنيابة العامة.
كنت أتمنى لو أن ما حدث في الجلسة الأخيرة تحن قبة البرلمان لو أنه جرى في غرفة استجواب يحضرها وزير في قفص الاتهام حتى ننتقل من مرحلة رصد الفساد إلى مرحلة رصد الفاسدين، ولكن يبدو أننا سنرى الكثير من الفساد ولكن لن نرى أحداً من الفاسدين المختبئين وراء ركام الفساد المتراكم.