من المقرر أن تنطق محكمة الاستئناف العليا اليوم الثلثاء (14 أغسطس/ آب 2012) بالحكم بحق 41 متهماً في 4 قضايا اختطاف إلى جانب قضية قطع اللسان، وقضايا أخرى، وشهدت هذه القضايا الكثير من الشد والجذب بين المحامين والسلطة القضائية، واستبق المحامون جلسة المحاكمة اليوم بالمطالبة ببراءة موكليهم من الاتهامات المنسوبة إليهم، كما شددوا على ضرورة أن تتخذ الجهات المعنية إجراءات جدية للتحقيق في شكاوى تعذيب المتهمين في هذه القضايا، والذين سبق أن أوصلوا شكاواهم للمحكمة.
وقالت المحامية جليلة السيد: «الملاحظ أنه لم يتم إجراء أي تحقيق مستقل في وقائع التعذيب التي تحدث عنها المستأنفون بتفاصيلها أمام المحكمة»، فيما ذكر المحامي عبدالله الشملاوي «عملنا على تسجيل أقوال المتهمين فيما تعرضوا له من تعذيب، إلا أنه لا يوجد تجاوب حتى الآن بخصوص هذه الشكاوى»، وبين المحامي محمد المطوع أن «النيابة العامة بدأت تستدعي من تقدم بشكوى تعذيب، ولكن حتى الآن لم نلمس إحالة أي شخص قُدمت ضده شكوى إلى المحكمة، ما عدا الشرطة المتهمين بالتعذيب حتى الموت داخل السجون».
وأشارت المحامية زهراء مسعود إلى عدم وجود تجاوب جدي من قبل الجهات المعنية في التحقيق في شكاوى التعذيب، بناء على ما تحدث عنه المتهمون أنفسهم في قاعة المحكمة.
——————————————————————————–
المحامون يدفعون بالبراءة ويطالبون بالتحقيق في شكاوى التعذيب
اليوم إصدار الحكم بحق 41 متهماً في قضايا اختطاف وقطع اللسان
تصدر محكمة الاستئناف العليا اليوم الثلثاء (14 أغسطس/ آب 2012) أحكامها بحق 41 متهماً في 4 قضايا اختطاف إلى جانب قضية قطع اللسان، وقضايا أخرى، وشهدت هذه القضايا الكثير من الشد والجذب بين المحامين والسلطة القضائية، واستبق المحامون جلسة المحاكمة اليوم بالمطالبة ببراءة موكليهم من الاتهامات المنسوبة إليهم، كما شددوا على ضرورة أن تتخذ الجهات المعنية إجراءات جدية للتحقيق في شكاوى تعذيب المتهمين في هذه القضايا، والذين سبق أن أوصلوا شكاواهم للمحكمة.
من جهتها، قالت المحامية جليلة السيد: «من الملاحظ أن محكمة الاستئناف سمحت إلى الكثير من المستأنفين للإدلاء بأقوالهم أمام القضاء في شأن ما تعرضوا له من تعذيب، منذ لحظة اعتقالهم وطوال فترة التحقيق معهم، إذ انتزعت الاعترافات منهم بالإكراه، وقد امتد التعذيب الذي تعرض الكثير منهم له إلى ما بعد بدء المحاكمات أمام محاكم السلامة الوطنية وحتى بعد صدور الأحكام منها»، وأضافت «الملاحظ أنه لم يتم إجراء أي تحقيق مستقل في وقائع التعذيب التي تحدث عنها المستأنفون بتفاصيلها أمام المحكمة».
وأشارت السيد في معرض تعليقها على سير هذه القضايا، إلى أنه «تبين من الاستماع لشهادات بعض شهود الإثبات في تلك القضايا مدى الوهن والتناقض الذي اكتنف لوائح الاتهام والأدلة المقدمة لإثبات التهم، والأدلة في بعض القضايا تكون المحاضر، وفي بعض الأحيان تكون مستندات عبارة عن تقارير الطبيب الشرعي، تسجيلات الخطب، وفي بعض الأحيان يكون الدليل هو الشهود. ونأمل أن تكون المحاكمات الجارية أمام القضاء العادي فرصة لتصحيح الوضع من الناحية القانونية، وذلك بإلغاء جميع الأحكام الصادرة من محاكم السلامة الوطنية، والقضاء ببطلانها، مع إطلاق سراح جميع المعتقلين فوراً، ومن بعد ذلك إتاحة فرصة حقيقية لمحاسبة من عذبوهم وانتهكوا حقوقهم، وكذلك تعويض ضحايا التعذيب، التعويض المناسب لجبر ما تعرضوا له من أضرار، بما فيها الأضرار المعنوية».
إلى ذلك، أفاد المحامي عبدالله الشملاوي أن «إجماع المتهمين على تعرضهم لصنوف التعذيب، وقت القبض وأثناء التحقيق معهم، وجميع هذه الأفعال تتكرر في مختلف القضايا، وهو ما يدلل على العشوائية في توجيه الاتهامات، وهذا ما أكده تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقضي الحقائق، وخصوصاً أن الأدلة في هذه القضايا تركزت على المصادر السرية، والاعترافات التي انتزعت تحت الإكراه فقط».
وبالحديث عن شكاوى المتهمين من تعرضهم للتعذيب، قال الشملاوي: «عملنا على تسجيل أقوال المتهمين فيما تعرضوا له من تعذيب، إلا أنه لا يوجد تجاوب حتى الآن بخصوص هذه الشكاوى، كما لا يمكن أن يقدم إلى المحاكمة عدد بسيط يتراوح بين شخصين أو 4 أشخاص، إذ ان القائمين على التعذيب يفوقون هذا العدد».
وتحدث المحامي محمد المطوع عن أبرز الملاحظات التي شابت سير قضايا الاختطاف في المحكمة، وقال انه «توصل إلى عدم جدية التحريات وبطلان الكثير منها، وعلى سبيل المثال بعض القضايا تمت إحالتها إلى جهات التحقيق الأساسية وتسمى (جمع الاستدلال) من دون وجود حتى تحريات، وبعدها تم وضع سيناريوهات مكملة، سُميت بتحريات للوصول للمتهمين، وبعض قضايا الاختطاف وخصوصاً في قضية الاختطاف المتعلقة بالشرطي صالح مشعان، يلفها جدل، فهذه القضية لم تحدث أساساً في منطقة السرايا كما جاء أوراق الدعوى، وواقع الحال أنها وقعت في منطقة السهلة، وقد تمت على اثر قيام المجني عليه (صالح مشعان) بإطلاق رصاص الشوزن على المتوفى مجيد عبدالعال، وبعدها تم اختلاق قضية الاختطاف للتغطية على واقعة القتل، إذ ان الأشخاص الذين اعتدوا على الشرطي بالضرب كانوا في منطقة السهلة وليس في منطقة السرايا، كما أن المتهمين في القضية ليست لهم علاقة بهذه الدعوى نهائياً، علاوة على أن التحريات التي جرت في هذه القضية ليست كافية للوصول للمتهمين».
وأوضح المطوع أن «غالبية القضايا التي ستصدر فيها أحكام اليوم (الثلثاء)، سبق أن صدرت فيها أحكام بناء على اعترافات ولا توجد أي أدلة أخرى، على رغم اكتشاف المحاكم أن كثيرا من الاعترافات وليدة إكراه أو صناعة من قبل جهة جمع الاستدلال، ومثال على ذلك أن محكمة التمييز قررت براءة متهمين خلال اليومين الماضيين في قضية تجمهر، وذلك أن الحكم جاء على اثر اعترافات غير واقعية، إذ ان المتهمين لم يعترفوا بأي شيء، فمن أين جاءت هذه الاعترافات؟».
وأضاف المطوع ان «90 في المئة من بعض القضايا تقوم بالدرجة الأساسية على الاعترافات، وخصوصاً أن هذه القضايا وليدة حراك سياسي، وهي ليست قضايا جنائية بل سياسية، إذ ارتأت الدولة إعطاءها الطابع الجنائي تفادياً للمساءلة أمام المجتمع الدولي، وخصوصاً أن من يحاكمون في هذه القضية إنما يحاكمون بسبب ممارستهم حقهم في حرية التعبير وآرائهم السياسية».
بخصوص شكاوى التعذيب، ذكر المطوع أن «النيابة العامة بدأت تستدعي من تقدم بشكوى تعذيب، ولكن حتى الآن لم نلمس إحالة أي شخص قُدمت ضده شكوى إلى المحكمة، ما عدا الشرطة المتهمين بالتعذيب حتى الموت داخل السجون».
وانتقدت المحامية زهراء مسعود ما اسمته بـ «عدم جدية التحريات وغياب المعلومات الدقيقة في قضية قطع اللسان، فضلاً عن عدم الاطلاع على جميع أوراق الدعوى من قبل ضابط جمع الاستدلال، إذ لم يطلع حتى على محاضر أقوال أصحاب المجني عليهم في الدعوى (الكفيل)، مع ان النيابة العامة أجرت التحقيقات بشأن البلاغات المقدمة منهم في عدد من مراكز الشرطة، إلا أن جهة جمع الاستدلال لم تطلع على تلك المحاضر، والتي تعتبر من صلب الدعوى والتي بإمكانها أن تغير مسار الأحكام الصادرة، بالإضافة إلى أن تقرير الطبيب الشرعي جاء مختصراً ومتناقضاً في ذاته، إذ انه بيّن أن لسان المجني عليه قطع بآلة حادة، في حين أنه لا يوجد أي دليل على ذلك ولا وجود لأي مقص أو سكين، والإدانة جاءت على أساس الاعترافات فقط التي اعتمدت كدليل، في حين ان هذه الاعترافات انتزعت تحت التعذيب وبالإكراه، وقد سبق أن تمسكنا بوقف السير في الدعوى لحين الفصل في شكاوى التعذيب، إلا أن الطلب رفض». وتحدثت مسعود عن تناقضات كثيرة اكتنفت هذه القضية، وقالت: «إن التناقض يلف المجني عليه في القضية، فالشخص الموجود حالياً تبين أنه يسكن في مدينة المحرق، في حين أن أوراق الدعوى تشير إلى أن المجني عليه يسكن في المنامة، كما أن اسم المجني عليه في الدعوى مغاير تماماً، إذ تم اكتشاف وجود شخصين بالاسم نفسه، ومن خلال إخراج نسخة من جواز المجني عليه من سجلات هيئة تنظيم سوق العمل اتضح أن صورته مغايرة عما يتم الحديث عنه، فالأول خارج البحرين، والثاني آسيوي أصيب في حادث عمل بعد سقوطه من السكلات». كما أشارت مسعود إلى عدم وجود تجاوب جدي من قبل الجهات المعنية في التحقيق في شكاوى التعذيب، بناء على ما تحدث عنه المتهمون أنفسهم في قاعة المحكمة.
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3629 – الثلثاء 14 أغسطس 2012م الموافق 26 رمضان 1433هـ