بان كي مون
ليست جودة التعليم في أي نظام تعليمي سوى انعكاس لجودة المعلمين. فهؤلاء هم القيمون على رسالة التعلم والساهرون على تلقين المعارف والقيم والمهارات؛ وهم الذين يعملون، في أوج عطائهم، على استثمار آمال ومواهب الشباب وعلى مساعدتهم لكي يصيروا مواطنين منتجين.
ومع ذلك، كثيراً ما لا يحظى المعلمون بما يستحقونه من اعتراف ودعم. واليوم العالمي للمعلمين تذكرة لنا بما يتحملونه من عظيم المسئوليات وبما يواجهونه من تحديات، ولاسيما في ظل الصعوبات الاقتصادية العالمية الراهنة. وينبغي لنا ألا ندع المعلمين والأطفال يدفعون كلفة الأزمة؛ ويجب علينا حماية نظمنا التعليمية من الضغوط المالية والقيود المفروضة على الموازنات في الوقت الراهن.
وتكمن إحدى أولويات مبادرتي العالمية الجديدة، مبادرة التعليم أولا، في توظيف وتدريب المزيد من المعلمين. فالعالم في حاجة إلى زهاء مليوني معلم إضافي من أجل تحقيق هدف تعميم التعليم الابتدائي بحلول العام 2015 الذي يشكل أحد الأهداف الإنمائية للألفية. فالافتقار إلى المعلمين لا يتسبب فقط في النيل من التقدم المحرز في التحاق الأطفال بالتعليم الابتدائي، بل أيضاً في تقويض الجهود التي نبذلها من أجل تحسين بيئتي المدرسة والتعلم.
ويجب علينا أيضاً أن نكفل إعداد المعلمين إعداداً جيداً ومدهم بالدعم اللازم. فمن دون معلمين مؤهلين، لا يمكن أن تقوم للتعليم الجيد قائمة. وتدريب المعلمين قبل بدء الخدمة وخلالها أمر بالغ الأهمية، وهو بنفس أهمية توفير ظروف العمل الجيدة والأجور المناسبة وفرص التطوير الوظيفي الكافية.
ويتحمل المعلمون أنفسهم مسئولية تهيئة بيئة سليمة ومؤاتية لازدهار الأطفال. ويمكن أن يمثل المعلمون أيضاً نماذج قوية لقيم التسامح والمواطنة الصالحة والتضامن مع المحرومين، وذلك دور آمل أن ينهض به الجميع.
وبمناسبة اليوم الدولي للمعلمين، أشيد بملايين المعلمين الذين يعملون في شتى أنحاء العالم بشغف ومهارة من أجل تنشئة التلاميذ ويخلفون من دون شك أثراً عميقاً في عالمنا. ولا مناص من الاعتراف بأن الاستثمار في المعلمين هو استثمار حكيم في مساعينا الرامية إلى بناء اقتصادات قوية ومجتمعات متماسكة ومستقبل تتهيأ فيه إمكانات العيش الكريم وتتاح فيه الفرص أمام الجميع.