قاسم حسين
كان من المصادفات التاريخية البحتة تزامن الذكرى الأولى لإطلاق «تقرير بسيوني»، مع «اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب»، الذي احتفل به لأول مرةٍ في 23 نوفمبر 2011.
في هذا اليوم، اعتبر محمود شريف بسيوني، في تصريحه لمنظمة «هيومن رايتس ووتش»، إن تنفيذ الحكومة البحرينية لتوصيات لجنته غير كافٍ. وأضاف: «هناك عددٌ من التوصيات الخاصة بالمحاسبة لم تُنفذ أو تم تنفيذها على مضض. ولم تحقق النيابة العامة حتى الآن في أكثر من 300 قضية تعذيب مزعوم، ينطوي بعضها على حالات وفاة أثناء الاحتجاز، ولم يتم فتح تحقيقات أو ملاحقات قضائية من واقع مبدأ مسئولية القيادة، حتى على مستوى المشرفين المباشرين، فيما يخص من قُتلوا رهن الاحتجاز نتيجة للتعذيب».
الرجل غير متّهَمٍ لدى السلطة بالتحيّز للمعارضة بطبيعة الحال، وإنّما قال قولته للتاريخ، والمؤكّد أن شهادته غير مجروحةٍ لدى المجتمع الدولي الذي مازال يلحُّ على تطبيقٍ كاملٍ للتوصيات وينتقد المماطلة والتأخير، بما فيه الولايات المتحدة وبريطانيا، أقرب الحلفاء والأصدقاء.
السيد بسيوني انتقد إدانة الناشط الحقوقي البحريني نبيل رجب، «التي تدلل على استمرار الملاحقة القانونية للأشخاص، لا لشيء إلا لممارسة حقوقٍ يحميها القانون الدولي لحقوق الإنسان» على حد قوله.
منظمة «هيومن رايتس ووتش» أصدرت بياناً بمناسبة الاحتفال بالذكرى الأولى لصدور تقرير بسيوني، قالت فيه إن السلطات البحرينية أخفقت في تنفيذ أهم توصياته، بما فيها تلك المتعلقة بالمحاسبة وغيرها من قضايا حقوق الإنسان. وقد خلصت المنظمة من خلال رصدها للوضع البحريني، إلى أن قوات الأمن وأجهزة حكومية أخرى ارتكبت انتهاكات جسيمة وممنهجة لحقوق الإنسان، فيما يتعلق بقمع الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالديمقراطية في العام 2011.
نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «هيومن رايتس ووتش» جو ستورك قال «إن السلطات في البحرين لم تتولَّ تنفيذ أهم التوصيات رغم مرور عام، بل إن سجل البحرين في مجال حقوق الإنسان تدهور». ومثل هذا الحكم يقوم على معطيات وأرقام، مع تزايد أعداد المعتقلين والتوسع في اعتقال النساء، وإصدار أحكام على الطواقم الطبية والتمريضية التي تولت علاج الجرحى فترة اشتداد الأزمة. كما شهدت فترة ما بعد بسيوني سقوط ضِعفي عدد الضحايا الذين وثّقهم في تقريره، بالإضافة إلى اعتقال ومحاكمة الناشطين الحقوقيين الذين كانوا يقومون برصد وتوثيق حالات انتهاك حقوق الإنسان.
فكرة الاحتفال عالمياً بهذا اليوم تقوم على إنهاء حالة الإفلات من العقاب، باعتبار أن للضحايا في أي بلد حقوقاً يجب الدفاع عنها، ولا تسقط بالتقادم أو الإهمال. وقد سبق قبل ستة أعوام، أن طرحت مؤسسات المجتمع المدني مبادرةً تقوم على فكرة العدالة الانتقالية، استلهاماً من تجارب الدول الأخرى التي مرّت بأوقات عصيبة كالتي مررنا بها في الثمانينات والتسعينات، مثل جنوب إفريقيا والأرجنتين والمغرب. لكن هذه الفكرة التي تدل على ما بلغته الحركة الحقوقية في البحرين من نضجٍ وإحساسٍ بالمسئولية، رُفضت وخُنقت في المهد.
في الأسابيع الأخيرة، استجدت أمورٌ أخرى تزيد الملف ثقلاً، من حصار العكر ومهزة، إلى سحب الجنسيات واعتقال خطباء وعلماء دين… وكلها يعتبرها العالم انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان ےالأساسية، ولحرية الرأي والتعبير