طالبوا بآلية دولية لمتابعة تنفيذ «توصيات جنيف»
«الوفد الأهلي»: رفض الحكومة «العدالة الجنائية» يزيد الانتهاكات الحقوقية
قال أعضاء في الوفد الأهلي المشارك في المراجعة الأممية لملف البحرين في جنيف ان «رفض الحكومة للتوصيات المقدمة بشأن العدالة الجنائية التي ينبغي بموجبها محاسبة كبار المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان يرسخ سياسة الإفلات من العقاب ويزيد من انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد».
وشددوا في ندوة قدمها أربعة منهم، هم منذر الخور، ومحمد التاجر، وفريدة غلام، ورولا الصفار في مقر جمعية وعد في أم الحصم مساء الأربعاء (26 سبتمبر/ أيلول 2012) على أن «النصر الحقيقي هو أن تحقق الدولة فعليا ما تعهدت به»، مجددين مطالبتهم بـ «جدول زمني لانجاز ما تعهدت به الحكومة وآلية دولية لمراقبة ما يتحقق من تعهدات».
وتم خلال الندوة تكريم الإعلامي احمد رضي المفرج عنه بعد فترة توقيف ناهزت 4 أشهر، الذي قدم شكره لجمعية وعد وبقية الجمعيات السياسية والحقوقية على تضامنها معه.
الخور: نريد جدولاً زمنيّاً لتنفيذ توصيات جنيف
وفي أولى المداخلات خلال الندوة تحدث عضو المرصد البحريني لحقوق الإنسان منذر الخور عن مفهوم اعتماد تقرير البحرين في مجلس حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن «من مارس العمل على الصعيد الدولي يعرف أن الأمر هناك لا يأتي بطريقة الفزعة إن أمكنني وصفها، إذ لم تتلق أي دولة في تاريخ مجلس حقوق الإنسان هذا العدد من التوصيات، فهو رقم قياسي عالمي».
وأضاف «التوصيات هي عبارة عن إرشادات ونصائح تقدم من الدول المشاركة إلى الدولة التي تقدم لها التقرير، وقبول الحكومة للتوصيات يعني إقرارا منها بوجود خلل حقوقي وقيام الدولة بانتهاكات لحقوق الإنسان».
وأردف الخور «الآن البحرين موضوعة ضمن الدول التي تحظى بسجل حقوقي سيئ الصيت، وقد وضعت ضمن قائمة 16 دولة تنتهك حقوق الإنسان في العالم».
وشدد على أن «النصر الحقيقي هو أن تحقق الدولة فعليا ما تعهدت به، وليس بهرجات إعلامية هنا وهناك، ونحن كحقوقيين طالبنا بجدول زمني لانجاز ما تعهدت به الحكومة وآلية دولية لمراقبة ما يتحقق من تعهدات».
وأكمل «نحن أيضا طالبنا بجلسة خاصة عن موضوع البحرين وفي العادة هذه الجلسات تنتهي بتعيين مقرر خاص ليكون موجودا في البحرين، وخاصة أن كل التوصيات التي فيها محاسبة ومعاقبة المتسببين والمسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان تم رفضها».
وأشار الخور إلى أنه «تم رفض التوقيع على بروتوكولات مناهضة التعذيب من قبل الحكومة لأنهم يعرفون أنها آليات حمائية، وكذلك رفضوا التوصيات المتعلقة بحرية عمل مؤسسات المجتمع المدني، علما أن العهد الدولي فيه مواد تنص على رفع القيود عنها، هذا بالإضافة إلى أن المراجعة الدورية الشاملة تراقب السلطة القضائية في التعاطي مع جميع الأمور ومن ضمنها التعامل مع مؤسسات المجتمع المدني».
التاجر: الحكومة تلتف على التوصيات بحملة علاقات عامة
من جهته قال عضو المرصد البحريني لحقوق الإنسان المحامي محمد التاجر «لما كان الإقرار من الأسرة البشرية تشكل أساسا للحرية والسلام في العالم، ولما كانت الدول في منظمة الأمم المتحدة أكدت ضرورة رعاية حقوق الإنسان عالميا وهو أمر بالغ الأهمية، لذلك نشر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بصفته المثل الأعلى الذي يجب أن تصل إليه جميع الدول».
وأوضح أن «مجلس حقوق الإنسان هيئة دولية تضطلع بجميع المسئوليات الحقوقية، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان أمانته العامة، وهو يتكون من 47 دولة، ومقره في جنيف، ويستطيع أن يعقد دورات استثنائية بالإضافة إلى اجتماعاته المحددة».
وذكر أن «دور مجلس حقوق الإنسان يشمل وقف انتهاكات حقوق الإنسان، وقد أناط بمؤسسات حقوق الإنسان المشاركة في حماية حقوق الإنسان، لذلك شارك الوفد الأهلي البحريني في جنيف على هذا الأساس».
وأردف «من هذه الممارسات المقرة في جنيف تقديم تقارير موازية من قبل الوفود الأهلية، وهي أدت إلى صدور 176 توصية من مجلس حقوق الإنسان منها العدالة الجنائية وتعويض الضحايا، وتدريب قوات حفظ النظام على حقوق الإنسان، وحقوق الطفل، ومكافحة الاتجار بالأشخاص، والحث على الحوار الوطني، واحترام حقوق الإنسان بما فيها دور العبادة، وحماية حقوق المرأة وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان».
وأكمل التاجر «هناك 15 توصية دولية تدعو الحكومة إلى تنفيذ توصيات لجنة بسيوني، و14 أخرى تحثها على تعديل عدد من القوانين والتشريعات، ومجموعة إضافية تتعلق بتجريم التعذيب، وتوصيات عديدة تؤكد السماح بالتعبير السياسي والحراك السلمي».
ولفت التاجر إلى أن «هذه التوصيات بشكل عام ترعى حرية التعبير والمعتقد، ومن أهم المبادئ التي قام بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حماية المتعاونين مع الأمم المتحدة، ولكن دولة تلجأ إلى حجب مواقع الأمم المتحدة، والبث المباشر لموقع هذه المنظمة، لا نعتقد بأنها قادرة على الوفاء بالتزاماتها الدولية في هذا الصدد».
وأكمل «الدولة في واقع مر، فلم تقبل شيئا جوهريا في بداية الأمر في مايو/ ايار الماضي، لكنها قالت سنأخذ وقتا للتشاور، وكانت الدولة الوحيدة التي أجلت الرد من مايو الماضي حتى سبتمبر الحالي».
وأضاف التاجر «أعلنت الحكومة إدخال العديد من التشريعات منها قانون العمل والطفل وإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، واللجنة الخاصة بالتظلمات، واللجنة الخاصة بشكاوى التعذيب، وبدء تدريب رجال الأمن، وإعادة توظيف جميع المفصولين، والقبول الجزئي للمقررين الخاصين للأمم المتحدة، والقبول بالتحقيق الرسمي في القتل خارج القانون، وإعادة بناء المساجد المهدومة، وتعريف التعذيب بما يتناسب مع اتفاقية منع التعذيب، فيما قالت الدولة انها ستشرع بحوار وطني، وقبلت بإسقاط التهم الخاصة بحرية التعبير، لكن شيئا جوهريا في ذلك لم يحدث».
وتابع «أما عن التشريعات، كقانون الطفل فلم يتم رفع سن الطفل إلى 18 عاما، ومازال الطفل يحاكم وفق قانون الأحداث الذي يحاكمه كأي راشد إذا جاوز عمره 15 عاما».
وجدد تأكيده أن «أهم التوصيات المقدمة في جنيف لم تتم الموافقة عليها، فلم نلمس تحسنا كبيرا في سلوك رجال الأمن، والنتيجة منذ مايو حتى سبتمبر 770 معتقلاً، والأطفال منهم بلغوا 84، ولم يتم السماح بالتظاهر السلمي، ولم تتم إعادة جميع المفصولين، ولم تقم الحكومة بتعديل قانون العقوبات ليسمح بالتعبير عن الرأي السياسي والتظاهر السلمي».
وختم التاجر بقوله «بالتالي فإن ما نراه أن سياسة العلاقات العامة مستمرة، فيما لم يتم تنفيذ غالبية التوصيات التي قدمت للحكومة في جنيف».
غلام: تحسين الوضع الحقوقي يحتاج لتغييرات سياسية
أما عضو المرصد البحريني لحقوق الإنسان فريدة غلام فذكرت أنه «يظهر تأخر حكومة البحرين ضمن تقرير لمكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان في تقديم تقاريرها المختصة بالتزامات البحرين».
وقالت «لا اعلم لماذا الإعلام لا يذكر معلومات تتحدث عن تخلف البحرين عن تسليم تقاريرها السابقة والتي بعضها يصل موعده النهائي لست سنوات سابقة».
وتابعت «من هذه التقارير اتفاقية القضاء على التمييز العنصري المقرة في العام 1990، واتفاقية السيداو، ومناهضة التعذيب، والبرتوكولين المتعلقين بالطفولة، والاتفاقية الدولية رقم 111 المتعلقة بالتمييز في العمل والمهنة، علما بأنها اتفاقية أساسية في الاتحاد العالمي للعمل».
وشددت غلام على أن «وجود المقرر الخاص بالتعذيب في البحرين مهم، وخاصة مع توافر التوثيق الذي قدمه تقرير بسيوني، والتأكيد على انه تم انتزاع الاعترافات من الكثير من المعتقلين ومن ضمنهم الرموز الوطنية تحت التعذيب».
وواصلت ان «التوصيات المرفوضة تتعلق بالتعذيب والمساءلة، التي تعني المسئولين في المناصب العليا، الدولة تريد غض الطرف عن هذا الموضوع، لذلك هم غير راضين عن تنفيذ العدالة الجنائية».
وأشارت إلى أن «الدولة تفسر أي تعبير عن الرأي على أنه محاولات إرهابية، الوضع في البحرين لن يتحرك ما لم تكن هناك إرادة سياسية من قبل الدولة، لجان الحقيقة احد أدوات تحقيق القانون، والمفروض أن تؤدي لجان الحقيقة إلى تغيير سياسي وحتى لو كان غير مقصود، لكن هذه الحالة ليست موجودة في البحرين، وعادت الدولة تمارس الانتهاكات نفسها، والحديث عن أنه لا توجد مشكلة سياسية».
الصفار: تهديد الوفد الأهلي يتناقض مع التطمينات الرسمية
من جهتها، قالت عضو المرصد البحريني لحقوق الإنسان رولا الصفار «الحكومة ترفض النظام الأساسي لروما، لأن هناك ممارسات ممنهجة تخالف هذا النظام، فلو طبق هذا النظام لكانت البحرين بألف خير».
وأفادت بأن «الوفد الأهلي البحريني في جنيف كان عظيما، وكان أداؤه ممتازا، كنا متوافقين إلى أن انتهينا وعدنا إلى البحرين».
وأكملت الصفار «جئنا إلى البحرين وفوجئنا بكمّ كبير من محاولات التشهير والتهديد رغم التأكيدات الرسمية على أنه لن يضار أحد من الوفد الأهلي بسبب تعبيره عن رأيه، لكن وجدنا الإعلام الرسمي يوجه سهامه لنا ويطالب بنزع الجنسيات عنا».
وقالت «نحن عندما خرجنا من البحرين خرجنا من مطار البحرين والحكومة تعرف نحن إلى أين كنا ذاهبين، ولم نخف شيئا عن مقصدنا».
وختمت الصفار بقولها «الوفد الأهلي كان مؤثرا، وقام بزيارات إلى اتحاد نقابات العمال، والجمعيات والمنظمات الدولية المسئولة عن حقوق الإنسان، والمقررين الخاصين بحقوق الإنسان، وقد أكدوا لنا أنه لا يجوز استخدام الغازات بهذا الحجم حتى لو كان الهدف تفريق المتظاهرين».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3674 – الجمعة 28 سبتمبر 2012م الموافق 12 ذي القعدة 1433هـ