عدد خاص حول مؤتمر القطر الخامس بالسودان
افتتاحية الهدف
مؤتمر القطر الخامس: مؤتمر الشهيد صدام حسين
الدلالات والمعاني
انعقد مؤتمر القطر الخامس مؤتمر الشهيد صدام حسين خلال الفترة من 5-6/7/2007م، بعد أكثر من ثلاثة عقود على انعقاد المؤتمر الرابع، ولذلك فهو يعد انطلاقة جديدة وعلامة بارزة في مسيرة حزبنا النضالية، وتتويج لمرحلة عمل حزبي دؤوب وصبور وجسور، بعد انعقاد سلسلة من المؤتمرات الحزبية شاركت فيها قواعد الحزب بالفرق الحزبية ثم الشعب والفروع قاربت المائة مؤتمر، وفرت لها كل عوامل وفرص النجاح من حيث التأمين والاجواء الديمقراطية الشفافة، التي ساهمت بالإنتقال بالرفاق إلى مستوى المسئولية في مناقشاتهم واختيارهم للقيادات. وبكل ثقة نستطيع أن نردد وبصوت عالٍ (المقولة الخالدة) أن الحزب قد دخل مرحلة جديدة وعهد جديد، *(تبدأ فيه صفحة جديدة، صفحة الذين يجابهون المعضلات العامة ببرودة العقل ولهيب الإيمان ويجاهدون بأفكارهم ولو وقف ضدهم أهل الأرض جميعاً، ويسيرون في الحياة عراة النفوس، انهم قساة على أنفسهم، قساة على غيرهم، إذا اكتشفوا في فكرهم خطأ رجعوا عنه، غير هيابين ولا خجلين لأن غايتهم الحقيقة لا لأنفسهم، وإذا تبينوا الحق في مكان أنكر الابن أباه وهجر الصديق صديقه).
لقد تشرف المؤتمر الخامس بحمل اسم سيد شهداء القرن الرفيق المجاهد صدام حسين الامين العام للحزب (هدية العراق للبعث، وهدية البعث للأمة) اجلالاً وتكريماً لهذا الرمز الكبير، الذي عرفناه بعثياً صلباً ملتزماً منذ أن كان شاباً يافعاً حينما تصدى للشعوبية بضرب عبد الكريم قاسم في شارع الرشيد، وتصديه لإعادة بناء الحزب في العراق عام 1965، وقيادته لثورة 17-30 يوليو (تموز) 1968 المجيدة في العراق، واستكماله لإستقلال العراق بتحرير ثورته النفطية 1972، وقيادته لمشروع بناء العراق الجديد، وإنتصاره الكبير للأمة على العدوان الإيراني ومشروع تصدير ما سمي بالثورة سنة 1980، ومواجهته بكل ثقة وعنفوان للعدوان الثلاثي 1991، وقيادته لملحمة أم المعارك الخالدة والحواسم، ورفضه المساومة والإذعان، حتى استشهاده بثبات وبطولة.
إن تسمية المؤتمر باسم الشهيد صدام حسين يأتي ليؤكد أن حزب البعث العربي الاشتراكي حزب واحد، وقيادته واحدة، هي القيادة القومية، كما أنه يأتي اعتراف بدور الفرد القائد خاصة الشهيد صدام حسين في الجوانب الفكرية وفي نظرية العمل البعثية، كما أنه يأتي تذكرة لكل بعثي بان امينه العام قدم نفسه شهيداً في صورة تجسدت فيها معاني البطولة والفداء في يوم عيد الفداء وان البعثي لا يساوم في المبادئ، وأنه (أول من يضحي وآخر من يستفيد)
على الصعيد الوطني السوداني جاء إنعقاد المؤتمر الخامس مؤتمر الشهيد صدام حسين في ظل ظروف بالغة التعقيد، بعد اتفاقية نيفاشا بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان وبتأثير خارجي واضح لتضع مخرجاً ضعيفاً مأذوماً، قدمت فيه الحكومة تنازلات لا زالت مستمرة، واستبعدت فيها القوى الوطنية الفاعلة، مع اشتداد سوء الأحوال في دارفور الذي فتح الباب على مصراعيه أمام التدخلات الدولية الأجنبية، وكذلك الحال في الشرق، بما يعني تهديد الوحدة الوطنية للسودان وإصرار النظام على نهجه في استبعاد القوى الوطنية واتباع اسلوب الحلول الجزئية الثنائية والإستفراد بالسلطة.
على الصعيد الداخلي الحزبي فإن انعقاد المؤتمر الخامس جاء بعد وفاة الرفيق المناضل الأستاذ بدر الدين مدثر أمين سر القطر عضو القيادة القومية، وإصرار الحزب على المضي قدماً في نهجه الثابت وطنياً وقومياً وإقليمياً وعالمياً، الأمر الذي أكسبه الثقة بالنفس والفاعلية في الشأن الداخلي، ليتحول حزبنا إلى رقم لا يمكن تجاوزه في الساحة السياسية السودانية، بامتداد تنظيماته النضالية في العاصمة والأقاليم وكل مساحة السودان الواسعة، وفي النشاط الواجهي في العمل الطلابي والنقابي وكان استحقاق هذا النمو والتمدد إنعقاد المؤتمر الخامس.
من الدلالات الهامة وعي المؤتمر الجمعي بخطورة المرحلة، والإعداد الآني والمستقبلي، وجدية المناقشات والإلتزام التام بمبادئ الديمقراطية المركزية كصيغة ثورية تعبر عن الحقوق والواجبات لعضوية المؤتمر، والتأكيد على المعاني النضالية والتربوية المهمة لهذه الممارسة، وعلى صحة المبدأ نفسه، من خلال ممارسة النقد الموضوعي والبناء، وإصرار عضوية المؤتمر للحفاظ على وحدة الحزب النظمية والفكرية وفعاليته النضالية.
إن المؤتمر الخامس مؤتمر الشهيد صدام حسين يؤشر على دخول الحزب مرحلة جديدة يمكن أن نطلق عليها مجازاً مرحلة تأسيس جديدة لإهتمام المؤتمر بالتنظيم وتأكيده على أن هذا الهدف الكبير الأساس الذي لا يمكن الوصول إليه إلا بتحقيق نهضة ثقافية حزبية جدية، وفي الوقت نفسه الاهتمام بالإعداد الحزبي، والعمل على القضاء على الظواهر السلبية والأمراض المجتمعية، وتأكيد قدرة الحزب الإنفتاح على اوسع الجماهير بتمكين الرفاق العمل جنباً إلى جنب.
إن المرحلة الجديدة للعمل الحزبي ذات معاني كبيرة من أهمها علاقة الحزب الثوري بالجماهير، والتي يستمد فيها حيويته وفعاليته وتأكيد المؤتمر العمل على تحويل الحزب الثوري إلى حزب أوسع الجماهير، وفي هذا إدراك تام لحقيقة المرحلة الجديدة بإعتبارها مرحلة التمدد الجماهيري وإتباع سياسة الانفتاح على الجماهير بأسلوب مدروس وتخطيط علمي. مع استيعاب تام لأهمية الكسب الحزبي والفعال للطلائع الثورية، صاحبة الطاقات الخلاقة العظيمة.
لقد انعقد المؤتمر الخامس مؤتمر الشهيد صدام حسين بعد تطورات قومية على جانب كبير من الأهمية والتحدي، أهمها احتلال قاعدة الأمة المحررة العراق، إحتلالاً أمريكياً صهيونياً، مع استمرار المخطط الخبيث لتفتيت العراق، ورفع شعار اجتثاث البعث أينما وجد حزب البعث من خلال التصفية الجسدية لقيادته وملاحقة كوادره وتشريدهم، ولعله من الدلالات الكبيرة بالرد على المخطط انعقاد المؤتمر الخامس، وإن عقول البعثيين قادرة على العطاء بالفعل والعطاء البعثي المميز، ورسالة لأعداء الأمة والخونة بان حزبنا قادر على مواجهة السودان وإفشال مخططات الأعداء، ولذلك جاء اختيار شهيد يوليو تموز ليعبر عن معاني الامتداد والنصر الذي حققه حزبنا في هذا الشهر العظيم.
ومن المعاني الكبيرة للمؤتمر الخامس مؤتمر الشهيد صدام حسين انتخاب قيادة قطر واحتياط بعد أن تم تحديد المعايير النضالية التي على ضوءها يتم انتخاب لكل رفيق يرى في نفسه الكفاءة والقدرة على تحمل المسؤولية، وهذا ما حصل.
نحن في جريدة الهدف جريدة حزب البعث العربي الاشتراكي إذ نصدر هذا العدد الخاص نشعر بالزهو والاعتزاز بحزبنا ونهنئ القيادة الجديدة المنتخبة كل نجاح وتوفيق.
وفي الوقت نفسه نحي كل الرفاق المناضلين الذين شاركوا في المؤتمرات الحزبية المختلفة للفرق والشعب والفروع والقطر، والذين أكدوا بمشاركتهم الفعالة دورهم النضالي في مسيرة الحزب.
التحية لكل الرفاق الذين سهروا على راحة رفاقهم ووفروا لهم ملجأ آمن، وأمدوا المؤتمرات بأسباب الإستقرار والشعور بالأمن النفسي للأعضاء المشاركين من خلال توفير أماكن آمنة لانعقاد المؤتمرات.
التحية والتقدير لقيادة القطر السابقة التي تصدت وبمسؤولية لحمل راية النضال والسير بها إلى أمام رغم كل الصعاب التي واجهتها، خلال حقبة زمنية طويلة .. كما أنها عملت بجهد مضاعف وأعدت جيداً لمؤتمر القطر والمؤتمرات الأدنى وبدقة متناهية أدهشت الأعداء وزادت من إعجاب الرفاق برفاقهم.
التحية والتقدير لحزبنا القومي ولقيادته القومية رمز الأمة ورمز وحدته وهي تقوم بواجباتها النضالية في ظروف معقدة وصعبة، والتحية للرفيق المجاهد المناضل عزت إبراهيم الدوري الأمين العام للحزب الذي خاطب المؤتمر وظل يتابع فعالياته وبارك نتائجه.
التحية لسيد الشهداء البطل صدام حسين ورفاقه الشهداء طه يسن رمضان عضو القيادة القومية للحزب والبندر، والرفاق في معتقلات الاسر.
التحية والتقدير للمقاومة المجاهدة في العراق وفلسطين وحزب البعث المقاوم.
هيئة التحرير
بسم الله الرحمن الرحيم
حزب البعث العربي الاشتراكي أمة عربية واحدة
قيادة قطر السودان ذات رسالة خالدة
استعراض موجز للتقرير السياسي لمؤتمر القطر الخامس
لحزب البعث العربي الاشتراكي
دورة الشهيد صدام حسين
التقرير السياسي لمؤتمر القطر الخامس، دورة الرفيق الشهيد صدام حسين، الذي انعقد أيام 5، 6 يوليو 2007 تحت شعار: (تعاهدنا ان يشكل هذا المؤتمر نقلة نوعية في نضال الحزب .. منطلقاً للتأكيد على إيجابيات مسيرته وتجاوز سلبياتها)
استعرض تطورات الأوضاع السياسية في بلادنا، ونضال الحركة الجماهيرية بكل فصائلها، والذي تركز منذ مطلع الاستقلال السياسي حول أهداف: تعزيز الوحدة الوطنية وصيانة الاستقلال السياسي وتعزيزه بالاستقلال الاقتصادي، والحل السلمي الديمقراطي لمشكلة الجنوب، والخروج من حالة الفقر والجهل والمرض بالتنمية الاقتصادية وبناء مجتمع الكفاية والعدالة الاجتماعية، والنضال من أجل نظام ديمقراطي يرتبط بالإنجاز ويعبر عن مصالح جماهير الشعب الكادحة ويفجر طاقاتها وإبداعاتها الخلاقة ويجسد وحدة النضال العربي والإفريقي من أجل التحرر والاستقلال والتقدم في مواجهة قوى الاستعمار والإمبريالية والصهيونية.
أكدت مقدمة التقرير على هوية البعث كحزب قومي وثوري، وعلى منهجه التاريخي الحضاري القومي الثوري الجدلي ومبادئه وأهدافه في الوحدة والحرية والاشتراكية وترابطها في إطار العلاقة العضوية التي لا انفصام فيها بين الوطني والقومي المستندة على الإدراك الواعي للخصوصيات دون تجاوزها. فحزب البعث العربي الاشتراكي ـ كما جاء في المقدمة، هو حزب منحاز بل هو حزب الطبقات الكادحة من فلاحين وعمال وحرفيين … الخ بالإضافة إلى الطلبة. وهو حزب يؤمن بالتعددية الديمقراطية، وخاض في سبيل ذلك مواجهات عنيفة مع الأنظمة المستبدة في أقطار الوطن العربي مثلما ظل يعمل دوماً من أجل تعميق مبدأ المواطنة، من خلال تعزيز الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية على أسس المساواة، والبعد عن السياسات الضيقة القائمة على التمييز الأثني أو الديني أو الطائفي أو الجهوي أو الثقافي.
كما أكد إيمان حزب البعث العربي الاشتراكي بالملكية وبحق التملك والإرث، وبدور القطاع الخاص المتجدد في مراحل البناء الاشتراكي، فإنه يرى أهمية إشراف الدولة على النشاط الاقتصادي من خلال قيادة القطاع العام للأنشطة والمؤسسات الاستراتيجية التنموية الاقتصادية والخدمية الاجتماعية.
إلى جانب المقدمة التي جاءت مؤكدة على هوية السودان الإسلامية الإفريقية وعلى الرابطة العضوية بين العروبة والإسلام وبان الإسلام كان وسيبقى للأمة الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية، فقد أشتمل التقرير السياسي على مباحث حول التحليل السياسي لأوضاع القطر، والأزمة الاقتصادية، ونظام 30 يونيو 1989 الديكتاتوري الرجعي، وحركة 28 رمضان المجيدة، ومسالة الجنوب، ودارفور، وتطورات الوضع السياسي بعد 11 سبتمبر، والوضع العربي الراهن، ومحاور النضال الوطني.
وأكد التحليل السياسي، أن نضال جماهير الشعب السوداني، منذ الاستقلال، ولا سيما نجاحه في إسقاط الأنظمة الديكتاتورية في 1964م و 1985م قد فضح عجز وإفلاس القوى التقليدية، العسكرية والمدنية، وكان نتيجة توسيع دائرة الوعي السياسي وجذب قطاعات واسعة من الشعب إلى ميدان الصراع السياسي والاجتماعي وأن استمرار حالة التخلف جراء استمرار ذات السياسات الاقتصادية والمالية التقليدية من قبل النظم المتعاقبة بعد الاستقلال، وغياب التنمية والخضوع لشروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، واستمرار الحرب الأهلية، واقتران تلك السياسات بالقمع المنظم من قبل الأنظمة الديكتاتورية التي استهدفت تفتيت وإضعاف الحركة الجماهيرية وقواها الطليعية … الخ أدى إلى دوران البلاد في حلقة مفرغة بين أنظمة ديكتاتورية اتسمت جميعاً بالعجز والإفلاس، مما أدى إلى تدهور الأوضاع على مختلف الأصعدة، بينما ازدادت الأزمة الوطنية تفاقماً وشمولاً في عهد انقلاب الجبهة الإسلامية وأضحى مصير البلاد مرهوناً بتقرير المصير، بعد أن ارتهنت الإرادة الوطنية للأجنبي، عوضاً عن إنجاز مهام ما بعد الاستقلال صار الواجب المقدم لجماهير شعبنا هو الدفاع عن استقلال البلاد وسيادتها ووحدتها الوطنية، إلى جانب النضال من أجل التقدم الاقتصادي والعدل الاجتماعي والحقوق الأساسية والحريات العامة.
ومن خلال تحليل سياسته الاقتصادية، خلص التقرير إلى أن برنامج نظام 30 يونيو، وهو البرنامج الاقتصادي للجبهة الإسلامية، والذي يعبر عن مصالح الفئات الرأسمالية الطفيلية ومتوافق مع اقتصاد صندوق النقد الدولي، وبالتالي لم ولن يتمكن موضوعياً من تحقيق التنمية المتوازنة والمستقلة والعدالة الاجتماعية ولن يشكل مخرجاً من الأزمة الاقتصادية، بل سيفاقمها. وأوضح بأن الطريق للخروج من الأزمة الاقتصادية يسير باتجاهين الأول: اتجاه مرحلي يتعاطى مع واقع الأزمة. الثاني: اتجاه لحل جذري استراتيجي يتعاطى مع مسببات وآليات تكريس التبعية والتخلف وذلك بانتهاج طريق ونمط التنمية الاشتراكية، ولقد اعتبر التقرير أن الانهيارات المتسارعة للتطبيقات الشيوعية لا تعد انتصاراً للرأسمالية أو هزيمة للاشتراكية مؤكداً على أن أوضاع الرأسمالية لم تكن بأفضل حال. وأن اللحظات الأخيرة من الصراع بينهما كانت صراعاً بين خيارين مأزومين لنموذج حضاري واحد.
مشيراً إلى أن الاشتراكية في بلداننا وبلدان العالم الثالث ضرورة وطنية لتعزيز السيادة والدفاع عن الوحدة الوطنية، وأن مستقبلها مرتبط بفك الارتباط بينها وبين الماركسية وبتحريرها من الآثار السالبة للتطبيقات الشيوعية والتجارب الفاشلة وبالقدر الذي ترتبط فيه بالحرية والديمقراطية وتعبر فيه عن الخصائص الوطنية والقومية.
وتطرق التقرير السياسي إلى موقف النظام من الحريات الأساسية والتعددية السياسية والنقابية، ضد النظام الديكتاتوري الذي تكشفت طبيعته المعادية للديمقراطية منذ يومه الأول، ودور حزب البعث العربي الاشتراكي، بجانب القوى السياسية والجماهيرية الأخرى في معارضة النظام وسياساته وصمودها في مواجهة القمع والتعذيب والتشريد.
كما تطرق التقرير أيضاً إلى حركة 28 رمضان المجيدة وإلى المعارضة العسكرية منذ نشوئها خلال حقبة مايو، وتطورها السياسي، ودورها في النضال ضد نظام مايو، وفي انتصار انتفاضة مارس أبريل، وفي التصدي لنظام 30 يونيو وقد أفرد التقرير لها مبحثاً منفصلاً.
وأبان التقرير أن حركة 28 رمضان المجيدة (23 أبريل1990) هي أحد إنجازات التنظيم الوطني لضباط وصف وجنود القوات المسلحة وهو تنظيم نشأ في عام 1979، ويتميز عن غيره من التنظيمات العسكرية بولائه وإخلاصه للوطن ولرقيه وتقدمه وانحيازه لأوسع الجماهير والتزامه الثابت والذي لا يقبل المساومة بالخيار الديمقراطي. حيث اعتبر أن الالتزام بالخيار الديمقراطي التعددي هو الشرط الحاسم في تشكيل عضويته وفي الاتفاق أو الاختلاف مع القوى الأخرى.
وخلافاً لكل الإشاعات والترويجات المغرضة وغير المغرضة أكد التقرير السياسي أن التنظيم الوطني لضباط وصف وجنود القوات المسلحة لم يكن يسابق انقلاب 30/6/1989م على السلطة فالترويج المغرض يرمي إلى مساواة حركة 28 رمضان المجيدة بأهدافها الوطنية وعلى رأسها إعادة الديمقراطية بانقلاب الجبهة الإسلامية التي أجهضت الديمقراطية.
إن التنظيم الوطني كان يعتبر نفسه في فترة ما قبل 89 حارساً للتعددية ومناضلاً من أجل تكريس وتجذير التوجه الديمقراطي لذا فإنه رغم قاعدته الواسعة داخل القوات المسلحة وقدراته التنظيمية المتميزة لم يكن يخطط للوصول إلى السلطة وقد راهن في الأسابيع الأولى التي أعقبت انقلاب 30 يونيو على دوره في تعبئة القوات المسلحة والنظامية للإنحياز لإنتفاضة الشعب عند نجاح الإضراب السياسي والعصيان المدني وبعد أن تضاءلت فرص قيام الإنتفاضة الشعبية ضد الانقلاب تطبيقاً لميثاق الدفاع عن الديمقراطية فقد تقرر التحرك لإعادة السلطة للشعب عبر عمل فني دون إهمال الدعوة للانتفاضة.
كما استعرض التقرير تطور مشكلة جنوب السودان منذ نشوئها ومواقف مختلف الأنظمة التي مرت على حكم السودان وتعاملها معها، وبشكل خاص نظام 30 يونيو الذي اعتمد الحسم العسكري منذ يومه الأول كخيار وحيد لمعالجة المشكلة مما دفع بها إلى تعقيدات جديدة، وقد ضاعف من هذه التعقيدات الناشئة عن اختيارات نظام الإنقاذ الديكتاتوري الرجعي المواقف الخاطئة لبعض واستراتيجيته تتمسك بثوابت الوحدة والسيادة والاستقلال الوطني واستعادة الديمقراطية المرتبطة بالإنجاز والتنمية المستقلة الشاملة والمتوازنة جغرافياً واجتماعياً ووقف الحرب والتصدي لمشاريع التدخل الأجنبي وترتقي بالعمل السياسي إلى مستوى الفعل النضالي التاريخي ويصبح المعيار لأي إنجاز وطني هو إمكانية تغييره لواقع التجزئة والتخلف والتبعية وابتعاده عن نهج المصالح الذاتية الضيقة وعقلية الصفقات الثنائية المشبوهة وأضاف: إن تعزيز القدرات النضالية والتنظيمية لهذه القوى الحية ضمن هذا الاصطفاف الجديد ومفاهيمه المبدئية هو الكفيل ببلورة وتفعيل آلية النضال الشعبي القومي التقدمي الديمقراطي كخيار تصنعه إرادة الشعب وفعله، تحت إطار تحالف وطني جامع وفعال للنضال السلمي داخل قطرنا ينشط ويستنهض ويؤطر منظمات الشعب السياسية والديمقراطية والنقابية والاجتماعية. وأكد التقرير على أن المخاطر المحدقة بشعبنا التي تنتج من الأزمة الوطنية الشاملة والتهديد الجدي للنسيج الاجتماعي للبلاد ووحدتها الوطنية تقوم على اعتبارات مترابطة لا يمكن معالجة أي منها بمعزل عن الأخرى مشيراً إلى أن الترابط قائم قطعاً بين شعارات استعادة الديمقراطية والتعددية السياسية وحقوق الإنسان والتصدي للأزمة الاقتصادية متكونة أو متمثلة في الخصخصة والفساد الإداري والمالي وتشجيع التهريب وتسهيل ممكنات التدخل الأجنبي وتقوية الصلات مع من يستبيح الوطن العربي وإفريقيا بالقواعد الأجنبية لقوات الأعداء جواً وبراً وبحراً وكل من يبني جسوراً للمنظمات الأجنبية المشبوهة لاختراق ساحتنا الوطنية أو ينصاع بأي شكل من الأشكال لقرارات الإمبريالية الأمريكية والصهيونية بفرض رؤيتها لإعادة ترتيب أوضاع المنطقة.
وجدد الحزب طرحه لمشروع برنامج وطني قومي يؤكد على النضال من أجل بديل وطني تقدمي يحافظ على الاستقلال ويعزز الوحدة والسيادة الوطنية للسودان شعباً وأرضاً ويستند على الشرعية الدستورية ويتأسس على الإقرار بمبدأ التعددية الحزبية السياسية ومبدأ التداول السلمي للسلطة وكفالة الحريات الأساسية والاستقرار والتطور السياسي وإنماء عناصر الوحدة الوطنية والديمقراطية والتقدم وشق دروب السلام والتعايش الوطني والانبعاث الحضاري بما يعزز دور السودان في النضال القومي العربي وفي إفريقيا والعالم الإسلامي وفي الساحة الدولية وأمن البرنامج على النضال من أجل إلغاء القوانين المقيدة للحريات وتأكيد حيدة ووطنية الخدمة المدنية مع ضمان حق كل المفصولين سياسياً وتعسفياً في العودة للعمل وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم، والنضال من أجل وحدة استقلالية ديمقراطية الحركة النقابية بجانب النضال ضد تصفية القطاع العام ورهن مقدرات بلادنا الاقتصادية لسياسات صندوق النقد الدولي وربطها التبعي بعجلة السوق الحر والرأسمالية العالمية وبمصالح الرأسمالية الطفيلية لا سيما الجبهوية التي تتصدر قوى النهب والفساد والاحتكار. يشدد البرنامج على النضال ضد دعاة الانفصال في الشمال أو في الجنوب وفضح كافة أغطيته والتأكيد على أن السودان هو قطر عربي إفريقي إسلامي وإن السودانية هي الإنتماء إلى جنسية قانونية لكيان سياسي موحد يتساوى فيه المواطنون مساواة مطلقة وتتفاعل فيه حضارة عربية إسلامية مع ثقافات محلية. ودعم التضامن والكفاح المشترك بين إفريقيا العربية وإفريقيا جنوب الصحراء وفضح التآمر الغربي على وحدة النضال العربي الإفريقي والتصدي للهجمة الإمبريالية الصهيونية على الوطن العربي وتعزيز صمود الأمة العربية في ساحات المواجهة في فلسطين والعراق وجنوب لبنان ورفض كل أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني تحت أي صورة وفي أي مجال والتعبير بكل الوسائل وفي كل المنابر عن دور السودان المتلاحم مع النضال الإنساني لأحرار العالم ضد الإمبريالية والصهيونية والهيمنة والعدوان والتدخل في شئون الشعوب الحرة تحت ذرائع حماية الديمقراطية وحقوق الإنسان والأقليات ومكافحة الإرهاب … الخ وأكد التقرير على الالتزام بالبرنامج أعلاه كشرط للخروج من الأزمة الوطنية الشاملة بأن تضطلع بمهمة إنجازه حكومة وحدة وطنية حقيقية انتقالية تتكون من كافة القوى والفعاليات السياسية والاجتماعية الوطنية بدون تمييز ـ أو أن تصبح بنود البرنامج هي العناوين التي تناضل تحت راياتها بعد الفرز الواضح جبهة عريضة للمعارضة تعمل للإطاحة بالنظام وإنجاز برنامجها.
حزب البعث العربي الاشتراكي
قيادة قطر السودان
الخرطوم
18/7/2007م
كلمة أمين سر قيادة القطر أمام المؤتمر القطري الخامس
بسم الله الرحمن الرحيم
(لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياناً عند ربهم يرزقون)
(صدق الله العظيم)
أيتها الرفيقات أيها الرفاق:
لنعطر أفواهنا وقوفاً بسورة الفاتحة ترحماً على روح سيد شهداء عصرنا الرفيق القائد/ صدام حسين ورفاقه طه يس رمضان وعواد البندر وبرزان وشهداء حركة رمضان والقادسية وأم المعارك والحواسم وشهداء الحركة الوطنية في العراق وفلسطين والسودان والأمة العربية قاطبة.
بسم الله الرحمن الرحيم
(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)
(صدق الله العظيم)
أيها الرفاق:
فلنقرأ سورة الفاتحة ترحماً على أمواتنا وعلى رأسهم الرفيق القائد المؤسس أحمد ميشيل عفلق والرفيق بدر الدين مدثر والرفيق سعدون حمادي والرفيق سعد قاسم حمودي وعلى أموات المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات عليهم رحمة الله جميعاً.
اللهم من كان محسناً فزد في إحسانه ومن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته.
بسم الله نفتتح أعمال المؤتمر الخامس لحزب البعث العربي الاشتراكي قطر السودان دورة الشهيد صدام حسين. ونرحب بالرفيق ( ) أمين سر الحزب.
أيتها الرفيقات والرفاق..
لقد دخلت أمتنا في مرحلة تاريخية جديدة من مراحل نضالها من أجل تحررها ونهوضها القومي والحضاري والرسالي وقد سمّي القائد الشهيد صدام حسين المعركة الأخيرة بالحواسم، لأنها المعركة الحاسمة التي لا تقبل المساومات ولا النكوص من منتصف الطريق وقد عمدها سيد الشهداء ورفاقه بدمائهم الطاهرة، وقد صدقوا ما عاهدوا الله عليه برفضهم عروض رامسفليد ومساومات كونداليزا رايس وقدموا أرواحهم رخيصة في سبيل الله والوطن والإنسانية.
وتثبيتاً لقلوب المجاهدين والمناضلين على طريق تحرير العراق وفلسطين وتحقيق أهداف أمتنا في الوحدة والحرية والاشتراكية. إن الرفيق القائد صدام حسين قد استقبل المشنقة باطمئنان فرحاً مستبشراً إيماناً منه بالله ووعده الحق لمن يقاتلون في سبيله بالشهادة أو النصر. وقد ضرب بذلك ورفاقه الشهداء أروع أمثلة التضحية والفداء في سبيل المبادئ والإخلاص لقضية الشعب والأمة. وقد جسد بذلك شعاره: (البعثي أول من يضحي وآخر من يستفيد) وهكذا قدم لنا القائد أنموذجاً في اقتران الإيمان بالعمل فلا جدوى من إيمان لا يقترن بالعمل الصالح في سبيل الله والشعب وهكذا يعلمنا القائد الشهيد بأن الحزبي يجب أن يرتقي بنضاله وبشكل خاص في مرحلة الحواسم إلى مستوى الجهاد والاستشهاد في مواجهة التحديات المصيرية، وأن الحزب يجب أن يتقدم صفوف الشعب وأن القيادة يجب أن تتقدم صفوف الحزب في مواجهة المخاطر والمحن .. ومن هنا أيضاً يمكننا أن نفهم أسباب تميز دور حزب البعث في السودان في الظروف الصعبة بينما يتراجع دوره في الظروف السهلة: وإذا راجعنا تاريخ حركة النضال الوطني منذ عام 1960م فسوف نكشف أن حزب البعث كان الأكثر جرأة وجسارة وصلابة في مواجهة الحكم الديكتاتوري في أنظمة 17 نوفمبر و25 مايو و30 يونيو، وفي ظروف التشريد والتنكيل والتعذيب كان صوت البعث هو الأعلى والأقوى فلم يساوم هذه الأنظمة ولم يتصالح معها ولم يشارك في مجالسها التشريعية الصورية (المجلس التشريعي ـ مجلس الشعب ـ المجلس الوطني).
أيتها الرفيقات والرفاق:
لقد أثبتت التطورات على الأصعدة الوطنية والقومية والإنسانية صحة نهج البعث. وأهمية التمسك بفكر الحزب والإبداع في تطبيقاته في مواجهة هذه التطورات وأيضاً أهمية التمسك بأهداف النضال العربي في الوحدة والحرية والاشتراكية.
لقد أتضح الآن أكثر من أي وقت مضى الأبعاد الشمولية للصراع بين الأمة وأعدائها بما في ذلك الأبعاد الحضارية والثقافية التي تعبر عن هويتها ودورها في محيطها الإنساني الذي تمظهر في أحد أبعاده بالعولمة الرأسمالية المتوحشة.
إن مخاطر المشروع الإمبريالي الصهيوني تهدد كل شعوب العالم وتهدد بشكل خاص وأكثر تركيزاً الأمة العربية وهو ما أدركه القائد الشهيد في قمة عمان 1989م وحذر منه وطالب الحكام العرب بالاتفاق على إعداد العدة لمواجهته.
إن الانفعال وردات الفعل المتخلفة والسلبية لن تضع أمتنا ولا الإنسانية أمام مواجهته جدية للمشروع الإمبريالي الصهيوني، فالإمبريالية توظف بعض مفردات رد الفعل المتخلف في التسويق لسياساتها العدوانية والتدخلية تحت شعار الحرب والإجراءات الاستباقية في مواجهة الإرهاب.
وبالتأكيد فإن الانحناء أمام المشروع الإمبريالي الصهيوني أو مسايرته لن يجدي نفعاً. والذين يعتقدون أن الإمبريالية الأمريكية خالدة في قمة قطبيها الأحادية لم يقرأوا التاريخ جيداً: فماذا بعد القمة سوى التدحرج إلى السطح، إن زمن الإمبراطوريات قد ولى فالعصر هو عصر الشعوب، بيد أن ذلك لن يتم تلقائياً ولا بالاستسلام للأمر الواقع وإنما من خلال النضال والكفاح والجهاد.. إن المقاومة العراقية الباسلة قد أدت إلى تساقط نمور الإمبريالية في أسبانيا وإيطاليا وبريطانيا كما تساقطوا من حول بوش الذي أفل نجمه في أمريكا وتنامي التيار المعادي للعولمة الرأسمالية المتوحشة واتسعت الجبهة المعادية للإمبريالية في أمريكا اللاتينية ويوماً بعد الآخر يشتد الخناق حول عنق القطبية الأحادية الإمبريالية الأمريكية.
إن فكر البعث الذي إستشرق منذ وقت مبكر منذ نهاية العقد الثالث من القرن الماضي أبعاد هذا الصراع يوفر لنا قاعدة راسخة وذخيرة غنية في هذه المواجهة الشاملة وفي الطرف المقابل فإن فلاسفة الإمبريالية والعولمة الرأسمالية المتوحشة بمنطق طبقي طائفي وعنصري بغيض يتبنون الدعوة للتصادم الحضاري وهكذا تبدو ردات الفعل المتخلفة أو السلبية وكأنها نتاج طبيعي أو مصطنع في خدمة أهداف هذا الطرف، وحتى عندما يرتقي النضال البعثي إلى المستوى الجهادي كما هو الحال في فلسطين والعراق فإنه يعبر عنه بصيغة حضارية تأكيداً لحق الشعوب في الكفاح المسلح من أجل الحرية والاستقلال وهو حق يتعاطف معه كل أحرار العالم بمختلف ثقافاتهم وأديانهم وانتماءاتهم الفكرية والسياسية وضمن مبادئه فالبعث يحترم القوميات الأخرى ويؤكد على الحوار الحضاري وحق كل الشعوب في الحياة الحرة الكريمة.
إن الإبداع في عرض فكر البعث في جانب منه يمكننا من تحصين شعبنا والدفاع عن هويتنا وقيمنا الروحية ومصالحنا المشروعة وحقنا الطبيعي في الحرية والاستقلال والتقدم ويكفل ذلك لكل شعوب العالم وقومياته في إطار عالم تسوده قيم الحق والعدل والسلم.
وبالتلازم مع أعلاه فإن الإعلاء من أهداف النضال العربي في الوحدة والحرية والاشتراكية ينير الطريق أمام جماهير شعبنا ويمكنها من خوض معاركها الوطنية والقومية بجدارة واقتدار.
لذا .. يجب ألا تتراجع دعوتنا من أجل الوحدة العربية بسبب مهددات الوحدة الوطنية لأننا لن نتمكن من مواجهة المخاطر المحدقة بقطرنا إلا من خلال وحدة النضال العربي في معركة المصير الواحد وفي مواجهة العدو الواحد. كما أن التراجع إلى القطرية يقودنا إلى التراجع إلى الإقليمية والجهوية فالقبلية فالعشائرية.
كما أن التراجع عن دعوتنا من أجل بناء نظام اشتراكي يحشد الإمكانيات المادية والبشرية لتنمية متوازنة وعادلة تخرج بلادنا من حالة التخلف يقودنا إلى التراجع عن الدور القيادي للقطاع العام في النشاط الاقتصادي وعن دور الدولة في التنمية والخدمات والرعاية الاجتماعية وإلى اتخاذ موقف دفاعي إزاء الخصخصة وبيع الأصول التي هي ثمرة جهد وتضحيات أجيال من أجدادنا وآبائنا وبالتالي التفريط في مستقبل أبناءنا وأحفادنا ورهن البلاد للأجنبي.
إن التمسك بالمبادئ والأهداف هو الذي يمهد الطريق أمام المستقبل أما سياسة التنازلات والتراجعات فإنها لن تخرج بلادنا من النفق المظلم.
أيتها الرفيقات والرفاق..
إذا كانت التطورات التي حفلت بها العقود السبعة الماضية قد أثبتت صحة فكر البعث وسلامة مبادئه وأهدافه ومصداقيته في النضال والجهاد حد الاستشهاد بنفس راضية مطمئنة فقد أثبتت أيضاً صحة نهج البعث وتطبيقاته على الواقع السوداني..
فإن تحليلات الحزب لهذا الواقع لم تخرج عن جوهر التحليل السياسي الصادر في مارس 1963 وإن ازدادت عمقاً ورسوخاً بعد أن صقلتها التجارب وأكدت مصداقيتها التطورات على اختلاف وتعدد أنظمة الحكم المتعاقبة..
إن الثبات في التحليل وأساسياته لا يعكس رؤية جامدة للواقع السياسي والاجتماعي ولا يعكس حكماً قبلياً على القوى التي أفرزها واقع التخلف فالشاهد هو استمرار الأزمة الوطنية الشاملة بلا حل ديمقراطي تقدمي والتي ازدادت تفاقماً وتعقيداً بمرور الزمن سيما في ظل النظام الراهن حتى وصلت بلادنا إلى حال من التفريط في الاستقلال والسيادة الوطنية وبما ينذر بمخاطر تقسيمها أرضاً وشعباً جراء الاستجابة لضغوط قوى التدخل الأجنبي وامتداداتها المحلية بالموافقة على تحكيم الأجنبي وعلى الضمانات الدولية للصفقات المبرمة مع بعض أطراف النزاع السياسي بالقطر والموافقة على تواجد قوات أجنبية على أرض السودان للنهوض بمهام هي من صميم اختصاص السيادة الوطنية، وإخضاع البلاد لشروط البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تكريساً للتبعية المالية والاقتصادية إلى جانب إطلاق يد الرأسمالية الطفيلية الإسلاموية التي أشاعت المظالم والفساد والفوضى والخراب الاقتصادي والاجتماعي تكريساً لواقع التخلف.. الخ. السياسات والممارسات كما هو موصوف في التقرير السياسي للمؤتمر.
ولا مخرج إلا بالنضال من أجل تسليم كامل السلطة للشعب من أجل أن تأخذ حركة الصراع السياسي والاجتماعي مداها الطبيعي تعبيراً عن الإرادة الحرة للجماهير.
أيتها الرفيقات والرفاق..
لقد تعاهدنا على أن يشكل هذا المؤتمر نقلة نوعية في نضال الحزب وأن يشكل منطلقاً للتأكيد على إيجابيات مسيرة الحزب بالقطر وتجاوز سلبياتها ومن المؤشرات المهمة في تصاعد مسيرتنا النضالية:
والالتزام الدقيق بالنظام الداخلي والأسس التنظيمية وإن تعقد مؤتمرات الحزب وعلى رأسها مؤتمر القطر في مواعيدها المقررة وفق النظام وكلما دعت الحاجة ضمن الفترة المقررة.
تقوية المركز القيادي واستكمال بناء المكاتب واللجان المركزية على صعيد القطر.
اعتماد اللامركزية في إدارة العمل الحزبي إبتداءاً بالالتزام بأداء الواجبات المنصوص عليها في النظام الداخلي من الخلية صعوداً. ومنح التنظيمات الرأسية والمكاتب واللجان صلاحيات واسعة تمكنها من ممارسة مهامها في إطار الخط العام للحزب والمتابعة الدورية.
توسيع دائرة المشاركة في العمل القيادي من خلال الاجتماعات المشتركة والاسترشاد بورقة الفعل البعثي.
اعتماد مبدأ المحاسبة.
انتظام التقارير الدورية.
المالية.
من الواضح التأثير السلبي الناتج عن ضعف الموارد المالية والذي ينعكس في عدم قدرتنا على:
توفير مقر مركزي للحزب.
إدامة الفعاليات السياسية والإعلامية المركزية ناهيك عن إصدار صحيفة.
د- التواصل مع تنظيمات الحزب ميدانياً.
هـ- دعم المقاومة.
ذ- التكافل.
الخيارات:
الأنظمة. وهذا خيار مرفوض بشكل مطلق.
الاشتراكات والتبرعات.
سلفيات للاستثمار.
هذا إلى جانب المعالجات الصادرة في التقرير التنظيمي للمؤتمر.
إن مناقشتكم الجادة لتقارير المؤتمر سوف تؤدي إلى ترصينها واستكمال أو اقتراح إستكمال نواقصها إلى جانب ما تقررونه من معالجات ومن توصيات للقيادة المنتخبة.
وفي الختام:
نحي باسمكم الرفاق المجاهدين والمناضلين في العراق وفلسطين وكل ساحات النضال العربي وشيخ المجاهدين الرفيق عزت إبراهيم الذي انتخبته القيادة في دورتها الأخيرة أميناً عاماً للحزب.
ونحي رفاقنا والمجاهدين من أبناء شعبنا في معسكرات الأسر الصهيوني وعلى رأسهم الرفيق أبو محمود راكاد محمود أمين سر التنظيم وأمين عام جبهة التحرير العربية.
كما نحي رفاقنا الذين ثابروا على النضال والتضحية في مواجهة نظام الجبهة الإسلامية الديكتاتورية الرجعي..
كما نحي الطلاب والشباب على أدائهم المتميز ونحي الرفيقات على نضالهن رغم قساوة الظروف، والصامدين المثابرين من الرفاق المرضي وكبار السن.. وكل الرفاق والحزبيين الذين لم يبدلوا تبديلا.
والسلام عليكم،،،
حول مقاومة إنقلاب 30 يونيو
لم يفاجأ الحزب بسقوط الديمقراطية الثالثة باعتبارها النتيجة الطبيعية لعجز وفساد القوى التقليدية، ولتجاهل مخططات الجبهة الإسلامية للاجهاز على الخيار الديمقراطي، ولا سيما عندما وصل الأمر إلى حد إشراك الجبهة الإسلامية في حكومتين من حكومات الصادق المتوالية، وشل رئاسة الوزارة الأخيرة ـ حكومة الجبهة الوطنية المتحدة ـ شللاً تاماً في مواجهة تآمر الجبهة على الديمقراطية بسبب ما أعلن عن العلاقة الاستراتيجية بين حزب الأمة والجبهة بعد خروج الجبهة الإسلامية على الإجماع الوطني، وتكوين حكومة الجبهة الوطنية المتحدة. فقد عمل حزبنا منذ اليوم الأول لانتفاضة مارس / 1985 المجيدة في ندواته المركزية والفرعية وفي صحافته وبياناته وتصريحاته وعبر وسائل النضال المتعددة، على الدعوة إلى تطوير الديمقراطية وتكييفها مع الواقع السوداني وتوسيع قاعدتها الشعبية وربطها بإنجاز المهام العاجلة لوضع حركة التطور الوطني في مسارها الصحيح. كما قام بالتعبئة ضد مخاطر الردة، وفضح قوى التآمر الداخلي والخارجي على الديمقراطية ممثلة في بقايا النظام المايوي، وبشكل خاصة الجبهة الإسلامية القومية (راجع ما ورد حول ذلك بشكل خاص في (وثيقة الشعب أقوى والردة مستحيلة): ندوة 10/8/1989 بجامعة الخرطوم، ووثيقة (عجز الحكومة ومخاطر الردة)، ندوة 25/4/1987 بميدان المولد بالخرطوم، وحديث الرفيق أمين السر في اجتماع مجلس رأس الدولة بالأحزاب بتاريخ 1/3/1989 المنشور في الهدف بتاريخ 3/3/1989.
كما عمل الحزب منذ اليوم الأول لانقلاب 30 يونيو 1989 على فضح الانقلاب ودور الجبهة الإسلامية في تقويض النظام الديمقراطي وقطع الطريق أمام مسيرة السلام والوحدة الوطنية، ومن أجل فرض أيدلوجياتها وبرنامجها عن طريق الدكتاتورية والإرهاب، بعد أن فشلت في تحقيق ذلك عن طريق الصراع الديمقراطي، ولا سيما بعد أن انعقد الإجماع الوطني على البرنامج المرحلي والذي اعتمد تمثيل القوى الحديثة في قانون الانتخابات المقبل. وكما عمل حزبنا على تجميع القوى السياسية والاجتماعية للاضطلاع بدورها في مواجهة الدكتاتورية بتنفيذ الإضراب السياسي والعصيان المدني، حسب ميثاق الدفاع عن الديمقراطية الذي تم التوقيع عليه في 17 نوفمبر 1985. ودعا إلى إحلال بديل ديمقراطي جديد يتجاوز ما اتسمت به تجربة الديمقراطية الثالثة من عجز وفساد. ولقد قام في سبيل ذلك بنشاط واسع في تعبئة جماهير الشعب من خلال البيانات وجريدة الهدف، والكتابة على الحائط وفي إعداد وتقديم مذكرة النقابات والاتحادات المهنية، وفي صياغة أهم تصورات ميثاق التجمع الوطني المجاز في أكتوبر 1989، وفي إضراب الأطباء وفي حركة 28 رمضان أبريل المجيدة، وفي مختلف أشكال المقاومة للنظام الديكتاتوري على امتداد القطر.
المقاومة السياسية:
لقد شاركت مختلف التكوينات السياسية والاجتماعية والعسكرية وفي طليعتها حزبنا بدرجات متفاوتة الانقلاب، كما يؤكد ذلك بيانات مختلف القوى السياسية والنقابات والاتحادات ونجحت في إحكام طوق العزلة حول النظام وحزب الجبهة. ولكنها لم تنجح في تنفيذ الإضراب السياسي والعصيان المدني، أو في إسقاط النظام رغم إشتراكها جميعاً في توقيع ميثاق 17/11/1985 للدفاع عن الديمقراطية، ورغم ضعف قاعدة النظام الشعبية والعسكرية وعجزه وإفلاسه السياسي والاقتصادي، الذي تبدي منذ أيامه الأولى. وذلك لأسباب عديدة من بينها سياسات البطش والإرهاب والقمع الشرسة التي اتبعها النظام (الفئة الحاكمة)، إن تنفيذ الاضراب السياسي والعصيان المدني لما يقتضيه من تضحيات ومعاناة، معناه العودة من جديد إلى أوضاع ما قبل 30 يونيو 1989، بكل ما إكتنفها من عجز وفساد، وتغيب لدور الحركة الجماهيرية من المشاركة في صنع القرار السياسي ومستقبل السودان رغم التضحيات الجسام التي تحملت أعبائها طوال تاريخ نضالها في إسقاط الديكتاتورية الأولى والثانية، وبسبب التخلف الفكري والاقتصادي والاجتماعي السياسي للأحزاب التقليدية التي زاد من مخاوفها وشكوكها ما يمكن أن يفسر عنه تنفيذ الإضراب السياسي من احتمالات تغيير في موازين القوى أو صعود بديل منافس لمصالحها، لا سيما وأن أحداث ونتائج إنتفاضية ديسمبر 1988، كانت وما تزال عالقة في مخيلتها، الأمر الذي عكس عمق تناقضات وصراعات المعارضة وحقيقة قدراتها وإمكاناتها بشكل عام وأحزابها التقليدية على وجه الخصوص.
بيد أن ذلك ليس بالأمر الجديد، فقد قام حزب البعث العربي الاشتراكي منذ بدايات نشأته بتحليل واقع وإمكانات وإتجاهات هذه القوى ـ تحليل مارس 1962 ـ وبشكل أعمق وأوسع في وثيقة (البعث وقضايا النضال الوطني في السودان) التي لا تزال في جوهر تحليلاتها تشكل موقف الحزب الثابت بالقطر، كما عبرت عن ذلك أيضاً وثيقة (نحو مخرج ديمقراطي لأزمة التطور الوطني مايو 1978) بعيد المصالحة التي شملت الأخوان المسلمين والصادق المهدي مع النظام المايوي وانفراط عقد الجبهة الوطنية المعرضة.
إن حزب البعث العرب