هيئة المستشارين القانونيين: المشروع تمييز ضد أهل المنامة
«النواب» يقر قانوناً يلغي المجلس البلدي للعاصمة واستبداله بآخر معين
وافق مجلس النواب في جلسته أمس على تقرير لجنة المرافق العامة والبيئة بشأن مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون البلديات، ويقضي المشروع بإلغاء مجلس بلدي العاصمة وإنشاء الأمانة العامة للعاصمة، كما يتم بمقتضاه تشكيل مجلس أمانة العاصمة يتكون من عدد لا يقل عن عشرة أعضاء يتم تعيينهم بأمر ملكي بمن فيهم الرئيس ونائب الرئيس من بين الأعضاء المنتخبين من قبل مؤسسات المجتمع المدني للمدة ذاتها المقررة للمجالس البلدية.
وكانت هيئة المستشارين القانونيين في مجلس النواب رأت عدم دستورية الاقتراح بقانون بتعديل قانون البلديات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001 والذي يهدف إلى إلغاء المجلس البلدي لمنطقة العاصمة واستبداله بأمانة عامّة معيّنة بأمر ملكي من بين الأعضاء المنتخبين من قبل مؤسسات المجتمع المدني.
وأشار تقرير لجنة المرافق العامة والبيئة بمجلس النواب والتي أوصت بالموافقة على الاقتراح بقانون رغم رأي هيئة المستشارين القانونيين بالمجلس المعترض على دستوريته ورفض هيئة التشريع والإفتاء إبداء رأيها إلا بعد وصول الاقتراح بقانون إليه بشكل رسمي إلى أن الاقتراح بقانون يتضمن استبدال نص المادة رقم (1) من قانون البلديات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001 بنص جديد، وإضافة فقرات جديدة إلى المادة رقم (5) من القانون ذاته، وذلك لتشكيل مجلس أمانة عامة في محافظة العاصمة يتكوّن من عشرة أعضاء على الأقل يتم تعيينهم بأمر ملكي من بين الأعضاء المنتخبين من قبل مؤسسات المجتمع المدني، وتحلّ الأمانة العامة محل المجلس البلدي الحالي، كما هو معمول به في كثير من الدول العربية والأجنبية.
وبيّنت هيئة المستشارين القانونيين انها انتهت إلى عدم دستورية الاقتراح بقانون لمخالفته المواد (4، 18، 31) من دستور مملكة البحرين، حيث إنه انطلاقاً من الفلسفة التي تبناها ميثاق العمل الوطني والدستور في تقرير مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين، فإن الاقتراح بقانون تعتريه شبهة عدم الدستورية في ثلاث صور.
وأشارت إلى أن «الاقتراح فيه إخلال بمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات العامة فالأصل أن سلطة المشرِّع في تنظيم الحقوق والحريات العامة سلطة تقديرية ما لم يقيّدها الدستور بضوابط معينة، وتتمثل هذه السلطة في المفاضلة التي يجريها المشرِّع بين البدائل المختلفة المتصلة بالموضوع محل التنظيم، بحيث لا تجاوز سلطة التنظيم حَد مصادرة الحق أو الحرية وحرمان فئة من المواطنين من حقوقهم وحرياتهم المنصوص عليها في الدستور أو القانون أو تقييد ممارستها (حكم المحكمة الدستورية في القضية رقم (د/1/03) س1 قضائية جلسة 26/4/2004 – ص 134)».
ولفتت إلى أن «المشرع يملك طبقاً للمادة (50 – أ) من الدستور تنظيم موضوع تشكيل مجالس البلديات باعتناق الأسلوب الذي يحقق مصلحة الجماعة، الذي قد يكون بالتعيين أو الانتخاب أو الخلط بينهما، شريطة أن يتم تطبيق الطريقة التي يقررها المشرِّع على سائر مجالس البلديات الخمس في الدولة، وذلك إعمالاً لمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات العامة دون تمييز بينهم، ومن ثم فإذا قرَّر المشرِّع طريقة الانتخاب لأربعة مجالس بلدية وطريقة التعيين لتشكيل «مجلس أمانة» إحدى البلديات دون غيرها من بقية مجالس البلديات الأخرى فإن ذلك هو التمييز المحظور، ويكون المشرِّع قد خالف مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص المنصوص عليه في المادتين (4، 18) من الدستور»، وتابعت «قصر الاقتراح بقانون تشكيل مجلس أمانة على العاصمة دون غيرها من البلديات الخمس بالتعيين من بين الأعضاء المنتخبين في مؤسسات المجتمع المدني دون غيرهم، وهو بذلك قد أحدَث تمييزاً بين بلدية العاصمة وباقي البلديات التي تُشكَّل مجالسها عن طريق الانتخاب، الأمر الذي يُعد مساساً بإرادة الناخبين في دائرة العاصمة دون بقية الناخبين في البلديات الأخرى، وهو بهذه المثابة تجاوز سلطة المشرِّع في تنظيم وتحديد الحقوق والحريات لانطوائه على إهدار لأصل هذه الحقوق والحريات بالمخالفة للمادة (31) من الدستور».
وأكدت الهيئة أن «الاقتراح فيه إخلال بمبدأ المساواة أمام القانون إذ ان قصر الاقتراح بقانون اختيار أعضاء مجلس أمانة العاصمة على أعضاء مؤسسات المجتمع المدني المنتخبين دون غيرهم من المواطنين غير الأعضاء في تلك المؤسسات، يُحدث تمييزاً دون مبرر بين المواطنين الذين تطابقت مراكزهم القانونية (صفة المواطن) وتوافرت بحقهم الشروط الموضوعية لمباشرة حقوقهم وحرياتهم»، مشيرة إلى ان «الاقتراح بقانون مايز بين أعضاء مؤسسات المجتمع المدني المنتخبين وغير المنتخبين في تلك المؤسسات، حيث قصر اختيار أعضاء مجلس أمانة العاصمة على المنتخبين دون الأعضاء المعينين، ما يُشكل مخالفة لمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون».
وأفادت بأن «الاقتراح تضمَّن تمييزاً دون مبرر بين أعضاء مجلس أمانة العاصمة وأعضاء المجالس البلدية الأخرى حينما استثناهم من شرطَي السن وهو ثلاثون سنة ميلادية، والقيد في جداول الناخبين في الدائرة الانتخابية التي يُرشَّح العضو نفسه فيها والإقامة في نطاق البلدية طوال مدة العضوية (مادة 7) البندين ب، هـ من قانون البلديات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001)، وهما الشرطان اللذان يجب توافرهما في كل من يرشح نفسه لجميع أعضاء المجالس البلدية الأخرى، ويترتب على تخلّف أيّ منهما إسقاط العضوية عن عضو المجلس البلدي، ما يشكل – تبعاً لذلك – تمييزاً بين أعضاء مجلس أمانة العاصمة وأعضاء المجالس البلدية الأخرى وخروجاً صريحاً على مبدأ المساواة أمام القانون».
وشددت الهيئة على ان «الاقتراح قيّد حرية المواطنين في مباشرة حق الترشيح إذ انطوى الاقتراح بقانون على تقييد لحرية المواطن في مباشرة حق الترشيح، وذلك بقصر تعيين أعضاء مجلس أمانة العاصمة على الأعضاء المنتخبين في مؤسسات المجتمع المدني دون غيرهم، فيكون بذلك قد أجبر المواطن الراغب في ترشيح نفسه لعضوية مجلس الأمانة على الانضمام لعضوية إحدى مؤسسات المجتمع حتى يستوفي شرط التعيين في مجلس الأمانة، وأنشأ قيداً على مباشرة الحق في الترشيح بالمخالفة للدستور الذي جعل الأصل حرية مباشرة الحقوق والحريات».
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4288 – الأربعاء 04 يونيو 2014م الموافق 06 شعبان 1435هـ