الدكتور غالب الفريجات
الغرب معروف ببخله وتقتيره، حتى في تمويل فاتورة عدوانه، ان لم ترجح كفة فائدته على انفاقه، فهذه فلسفة براجماتية، تتعامل مع القضايا والمبادئ من الزاوية النفعية، فليست هناك مبادئ ولا حتى اخلاق، بل هناك مصالح ثابتة، ومادام النفط العربي مستعد ان يدفع فاتورة عدوانه فلم لا، لان المكاسب ستكون كبيرة على دول العدوان، فيتم تعويض نفقاته العسكرية، وتدور عجلة صناعة السلاح والعتاد، ويتم الاستيلاء على الثروة النفطية، استخراجا وتصديراً وتسويقاً، ويتم اخضاع العرب في منطقة نفوذ عالمية هامة، تملك التحكم في الموقع الاستراتيجي للعالم.
ينعق البعض منا ويهلل، لمنقذي الشعوب، في كل من واشنطن وعواصم اوروبا، مثل لندن وباريس، وينسى اويتناسى هؤلاء المطبلين لقوات الاحتلال، ان هذه العواصم هي الحليف الاستراتيجي للكيان الصهيوني، وانها وراء تخلف العرب وتجزأتهم.
لولم يكن للنفط دور في العدوان، لما غامر الاميركان وحلفاؤهم من الاوروبيين، في غزوالعراق واحتلاله، ثم في التباكي على امن المدنيين في ليبيا، فقد قالوها بصريح العبارة، عندما اقدم مجلس الجامعة العربية على الطلب من مجلس الامن، لاقامة حضر جوي على ليبيا، ان العرب هم الذين سيتحملون فاتورة الحضرالجوي، واكلت القطة السنة زعمائنا في الجامعة، فلم ينبسوببنة شفة، لا بل ان بعض العربان اراد ان يظهر بمظهر الدول العظمى، في المشاركة في الحضر بما يملك من قوة جوية ضاربة، في الاغلب انها ستنطلق من قواعد اجنبية جاثمة على صدور المواطنين، وهم على وعي انهم صغار صغار حتى لوتنفخت اوداجهم.
هل هناك امة تقبل ان تضع نفسها بطواعية في خدمة اعدائها؟، غير امة الجامعة العربية بنظامها الرسمي، وهل هناك حكام يسارعون في العدوان على ابناء جلدتهم، من اجل سواد عيون اعدائهم، غير حكام الوطن العربي، الذين يرتعدون خوفاً من شعوبهم، ويمارسون في حقهم كل انواع التعذيب والسجن والاعتقال والحرمان، من ابسط الحقوق المدنية والسيادية، في وقت يسارعون في تلبية تعليمات اسيادهم، القادمة من واشنطن ولندن وباريس، وحتى تل ابيب.
منذ منتصف القرن الماضي، وجامعة الدول العربية تراوح مكانها، كجثة هامدة لا حراك فيها، لا تنتج الا الخزي والعار، في الضعف والذل والهوان، فمنذ قيام الكيان الصهيوني، وضياع فلسطين، وحتى غزوالعراق واحتلاله، والجامعة باعضائها تجتر كلامها، ولا تساوي قراراتها ثمن الورق الذي تكتب عليه، وحتى امينها العام بات عاهة بشرية متجولة، يقوم بتسويق العدوان على ابناء الامة وبلدانهم، ومن حق هذه الجامعة ان تفخر بأنها في طريقها للخلاص من ثالث عضومن اعضائها، فمن فلسطين الى العراق وحتى ليبيا، فهنيئاً لها بهذه الانجازات الباهر.
معذورون اعضاء النظام العربي الرسمي، لان شعوبهم تنعم بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان، ووحده شعب ليبيا المحروم من هذه النعم، ووحده نظام القذافي الذي لا يمارس الديمقراطية، فلابد من معاقبته على ذلك، وان يتسابقوعلى المشاركة في هذا العقاب.
النظام الليبي واحد من الانظمة المعتوهة حقاً، وليس له مثيل في على وجه الكرة الارضية، ولكن هذا المعتوه لا يجوز ان يتم استبداله والخلاص منه باحتلال اجنبي، فالخلاص منه تتطلب مسيرة طويلة من النضال، ومعاناة قاسية على طريق تحقيق الهدف، الا ان غاية السرعة في الخلاص، توقعنا في اشكالية ان الخلاص ليس على ايدي الشعب، بل على ايدي قوة الاحتلال، وهذه اكبر معضلة تواجه كل الوان المعارضة السياسية، التي تلهث وراء السلطة، اياً كانت الوسيلة التي يمكن ان توصلها اليها، فهي لن تكون بأفضل من سابقتها ولن تقدم شيئاً على طريق تحقيق اهداف الجماهير في التحرر السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
تباً لكم يامن اصبحتم وصمة عار في جبين الامة، وتبا لمن لا يحمل السلاح في وجوهكم، لانكم لا تستحقون الحياة على هذه الارض الطاهرة.