من الطبيعي أن يتوجه الجميع لمراجعة ما حدث في العراق، وأن يتم تقييم التجربة العراقية لكي تستخلص الدروس والعبر. الا أن هذه المراجعة يجب أن لا تنسينا أن الهدف الأمريكي- البريطاني من احتلال العراق، ليس صدام ونظامه بحد ذاتهما، وانما جملة من الأهداف السياسية والاقتصادية والحضارية التي أعلنت عنها الولايات المتحدة بكل وضوح، وأملى جزء أساسي منها (ذلك المتعلق بالصراع العربي – الصهيوني) كشروط وبكل وقاحة وزير الخارجية الأمريكي أثناء زيارته الأخيرة لسوريا. هذه الأهداف وعندما تقول الولايات المتحدة أنه لم يكن بمقدورها تحقيقها الا بإسقاط النظام العراقي، فأن ذلك يعني تلقائيا أن هذا النظام كان يمثل حالة تحدي ومقاومة لهذه الأهداف وبغض النظر عن حجم إيجابياته وسلبياته التي ليس هي موضوعنا هنا.
نقول هذه الكلام ونحن نرى عددا من الكتابات التي تركز علىما يطلق عليه مساوئ النظام العراقي بشكل عام دون أن تلتفت، بل وتتغاضى عن القضية الأكبر وهي حقيقة أن قوات الاحتلال الامريكي – البريطاني جاءت للعراق ليس بهدف وانما بحجة القضاء على هذه المساوئ، وأن الأهداف الحقيقية للاحتلال بدأت الولايات المتحدة بتنفيذها بالفعل. وهي بذلك – أي تلك الكتابات – تأخذ الجانب الأسهل أو الأكثر أمانا لمصالحها في الصراع الدائر حاليا، وتوفر على نفسها عناء المساهمة في التصدي لتلك المخططات. بل أن بعض هذه الكتابات بات يروج الى إعطاء الشعب العراقي حق تقرير مصيره، وأن من أوصلتهم الدبابات الأمريكية الى بغداد هم من يمثلون اليوم الشعب العراقي، واذا ما قرروا القبول بالاحتلال الأمريكي – البريطاني مقابل مقاعد في الحكم، فلا يحق لأحد بعد ذلك المطالبة بمقاومة احتلال.