حسن المدحوب
قطعاً، شهر رمضان بنكهة السياسة هذا العام، هو ذاته رمضان العام الماضي والذي سبقه. فالبلد ما تزال تعيش أجواء شديدة الحرارة في حراكها السياسي الذي يعطي حرارةً أشد للحالة الأمنية المتوترة في البلد. والنتيجة أن مشهد الاعتقالات والمناوشات المستمرة هو الذي يرسم إيقاع البلد في هذا الشهر، كما سبقه من أشهر، ولا ندري إلى متى سيستمر هذا المشهد المؤلم على كل بحريني.
الاعتقالات التي تتم هذه الأيام بوتيرة متسارعة، إحدى المؤشرات على أن الحل السياسي ما يزال بعيد المنال على أزمة هذا البلد، وأن الحل الأمني يظل هو سيد الموقف، رغم كل الدعوات الصادقة التي توجه من الخيرين في هذا الوطن للوصول إلى مخرج وطني يحقق المساواة والعدالة والإنصاف للجميع.
البحرين، ومنذ العام 1975 جرّبت الحل الأمني مراراً وتكراراً، وكانت الانتهاكات تزداد شراسة كلما اشتدت المطالبات الوطنية للعودة إلى الديمقراطية وإنهاء التمييز الذي يلف مفاصل البلد، ومع ذلك لم تستطع آلة القمع والاعتقالات والمعادلات الأمنية أن تقضي على النزعة الفطرية لدى البحرينيين، حالهم حال كل شعوب الأرض في تحقيق مطالب وطنية عادلة، تحقّق الخير لكل البحرينيين.
النتيجة التي أوصلتنا إليها الحلول الأمنية والمطابخ السرية، هي أنها قسّمت البحرينيين، وحاولت أن تضخ جرعات الكراهية بينهم تحقيقاً للمعادلة المعروفة تاريخياً «فرّق تسد تسيطر تنتصر!».
كلما تقدّم الحل الأمني وازدادت انتهاكات حقوق الإنسان، كلما تأخر الحل السياسي، وكلما تأخر هذا الحل فإن جراحات البحرينيين تزداد عمقاً، وتعقّد الوصول إلى مخرج لما تعيشه البلاد من أزمة، وكلما ازداد الناس يقيناً أن أنصاف الحلول ليست مجدية، وأن البلد تحتاج إلى مخرج حقيقي يحقق الإنصاف والعدل للجميع، ويضمن مستقبلاً آمناً لهم ولأبنائهم، لا وجود فيه لزوّار الفجر ولا العصر من الملثمين!
هؤلاء الزوار من الملثمين، ليسوا قدر البحرينيين، وليسوا هم من سيكتبون تاريخ هذه الأرض، وليسوا هم من سيوجدون المخرج والحل لأزمة هذا الوطن، بل هم على العكس، رغم كل الهلع والخوف الذي ينشرونه، إلا أنهم يزرعون في كل بيت يدخلونه دون إذن قضائي، بذرة جديدة لدى الناس للنزوع إلى الإصرار أكثر للوصول إلى ديمقراطية حقيقية عنوانها الرئيس الأمن حق للجميع.