منذ بدأ تدوين التاريخ، كان نضال البشرية من أجل الحرية والكرامة محور الحياة الإنسانية ورسالة الأديان، ومع ظهور الحضارات ترسخت قيم حب الأرض وعشقها وتماهيها مع قيم الدفاع عن العرض والشرف، لذا نجد التاريخ يسطر بحروف من نور ويتوج بأكاليل من غار أبطال وفرسان الدفاع عن الأرض والحضارة، ويرمي في مزبلته بالخونة وأدلاء الأجنبي الغازي والمعتدي، فإذا ذكرت الخيانة ذُكر أبو رغال الذي دل إبرهة على طريق الكعبة، وذُكر ابن العلقمي فاتح أسوار بغداد للتتار.
نسوق هذا المفتتح، في إطار مناقشتنا لما يطرح من قبل البعض حول المقاومة الوطنية المشرفة ضد الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق المجاهد، فقد بذلت الإدارة الأمريكية جهوداً كبيرة منذ فترة من الزمن لمسخ المفاهيم والقيم التي استقرت عليها حضارات العالم، بل وتزوير ما استقر عليه العرف والأديان السماوية والقوانين الدولية، والفطرة السوية التي فطر الله الناس عليها برفض الضيم والظلم وتأكيد حق الشعوب في المقاومة ضد المعتدي، فنراها تحاول جاهدة أن تضفي على عملائها صفات الوطنية والديمقراطية وغيرها من النعوت، كما نراها تفعل مع ما يسمى بمجلس الحكم الذي اختار الحاكم الأمريكي بريمر أعضاءه وفق حسابات طائفية عنصرية بغيضة لإثارة نعرات قبرها شعب العراق منذ زمن. ونعت مقاومة الشعب العراقي المجاهد بشتى النعوت، هذه المقاومة الباسلة ورجالها الأبطال والتي تسطر المعارك الدائرة على الأرض العراقية. أن المقاومة الباسلة التي أظهرها الشعب العراقي ستكون مثالاً تحتذي به قوى مجتمعاتنا العربية الحية لمقاومة وإحباط مخططات العدو الأمريكي وظهيره الإسرائيلي. فشعبنا العربي له تاريخه المجيد في النضال من أجل الحرية والكرامة والاستقلال.