مريم الشروقي
أبدى وزير التربية والتعليم ماجد النعيمي «أسفه» لمقاطعة جمعية الوفاق جلسة الحوار أمس والجلسة المقبلة، وفي حين اعتبر أن وجود «الوفاق» مهم، إلا أنه أكد أن مقاطعتهم لن تؤثر على سير الجلسات.
وكنّا نتمنى من وزير التربية والتعليم أن يبدي أسفه ومحاولاته في إرجاع الحوار عوضاً عن كلامه السابق، إن كان يعلم أهمّية هذه الجمعية وخطورة تأثيرها على شارعها قبل أن يباشر سير الجلسات المقبلة. والسياسي المحترف هو الذي ينظر إلى الأبعاد والنتائج غير المثمرة لمقاطعة الوفاق عملية الحوار والتوافق الوطني.
وبالفعل لن تؤثّر مقاطعة الوفاق على سير الجلسات كما صرّح بذلك وزير التربية والتعليم، ولكنها بالطبع ستؤثّر على سير التوافق، وعلى الخروج بمرئيات تُرفع لجلالة الملك، كما وستؤثّر على عدم تهدئة الشارع المحترق، وبدل أن تكون دفّة الحوار مجديةً والجلسات بنفس الأهمّية والثقل، ستكون مجرّد جلسات لا حول لها ولا قوّة، فالجميع يعلم مدى تأثير الوفاق في شارعها.
إذا امتنعت هذه الجمعية عن جلسات الحوار، فلماذا الحوار إذاً؟ إذ أنّ جمعيات المعارضة خسرت نصفها الرئيسي فوق الطاولة، ولم يبق إلا الثلاثة أرباع القريبين من السلطة، وبذلك نختتم الجلسات، لأنّها لا تعني شيئاً إلاّ زيادة كلام وخسارة أوراق!
نجد بأنّ جمعية الوفاق والسلطة تحتاجان إلى توافق فيما بينهما قبل أن يبدأ وزير العدل في رئاسة الجلسة المقبلة، لأنّ التوافق المعوّل الرئيسي على تهدئة الشارع فيما بينهما، فإذا خسر أحدهما الآخر فلا توافق سيطال الشعب البحريني.
كم سنة سنهدرها حتى نتحاور جيّداً؟ وكم سنة سننتظر من أجل مرئيات الحوار؟ وكم سنة أخرى سنبني ما تهدّم من ثقة وتنوّع وسلم؟ حتى نجيب على هذه الأسئلة لابد لنا من معرفة أصول اللعب مع السلطة ومع الوفاق.
شارع الوفاق عريضٌ جدّاً، وليس في صفوفه من يطعن الآخر، بل جميعهم يلبّون ويمتثلون لقول قائدهم، أما جمعيات الريموت كنترول فهي جمعيات مذبذبة حتى على صعيد التصريحات، ولا تعلم أهمّية وخطورة شارعها، ولا كيف تحافظ على وحدته، وجلّ ما همّ هذه الجمعيات هو الخيرات التي ترصد هنا وهناك وفقط!
ننتظر من الجميع وضع الأيادي ببعضها، ومحاولة تقليل الخسارة وترقيع الفتق الذي حدث بيننا، وننتظر من الوفاق ومن السلطة دخول مضمار الحوار الحقيقي الذي سيخرجنا فعلاً من أزمتنا الحالية إلى دولة مؤسّسات، بالمعنى الصحيح. والعبرة ليس في خسارة السلطة أو ضغط الوفاق، بل العبرة عندما نستطيع فعلاً تجاوز المحن والاعتراف بالأخطاء وتعديل ما هدّمناه، لا لشيء إلا من أجل وطننا البحرين. وجمعة مباركة.