جميل المحاري
مع قرب موعد الانتخابات النيابية والبلدية تصاعدت الحملات المشككة في موقف القوى الوطنية المعارضة من حيث المشاركة أو المقاطعة. وفي كلتا الحالتين، فإن هناك مَن ينتقد ويسفّه خيار الجمعيات السياسية مهما كان هذا الخيار.
فإن كان خيارها المشاركة في الانتخابات المقبلة، فإن ذلك يعني لدى البعض أنها خانت شارعها وتخلت عن المطالب التي كانت تنادي بها خلال الفترة الماضية، وإن هي اتخذت موقف المقاطعة، فإنما هي فعلت ذلك بناء على توجيهات الولي الفقيه في الخارج ولم تراعي المصالح الوطنية، وأنها في هذه الحالة تسير نحو موتها المحتم، وستتيح المجال لوصول نواب غير أكفاء، مما سينتج عنه مجلس نواب ضعيف كما هو حال المجلس النيابي الحالي بعد أن انسحبت كتلة الوفاق من المجلس جراء الأحداث السياسية.
وبالطبع لم تكتف الجهات المشككة بانتقاد موقف القوى السياسية المعارضة في كلتا الحالتين، وإنما حاولت بكل الحيل والأخبار الكاذبة والملفقة شق صف المعارضة، ودق إسفين الخلاف بين المعارضة وشارعها في أحيان كثيرة وبين الجمعيات السياسية المعارضة فيما بينها في أحيان أخرى.
فأحياناً يتم الحديث عن صفقة بين السلطة وجمعية الوفاق تقضي بأن تحصل الوفاق على عدد من الحقائب الوزارية مقابل الموافقة على المشاركة في الانتخابات، وأحياناً يتم نشر أخبار كاذبة عن نية قياديين في الجمعيات المعارضة من خارج الوفاق في الترشح في الانتخابات.
لقد أعلنت الجمعيات السياسية المعارضة ومن خلال مؤتمر صحافي عقد يوم السبت الماضي عن موقفها بكل وضوح وبشكل جماعي، «لا للمشاركة في الانتخابات البرلمانية والبلدية ما لم يكن هناك حل للأزمة السياسية في البلاد». ونقطة على السطر.
المعارضة شرحت موقفها بالقول، أولاً: ليس هذا هو البرلمان الذي نريده، وليس هذا هو البرلمان الذي ضحى الكثير من المواطنين البحرينيين من أجله، برلمان مفصل بدقة كي يضمن تغليب فئة على أخرى، برلمان لا يملك أي صلاحيات، أو استقلالية، وجوده كعدمه تماماً.
ثانياً: إن المشاركة في الانتخابات البرلمانية والبلدية المقبلة تعني التسليم بالوضع السياسي القائم، وإعطاء صك بالبراءة لجميع الانتهاكات التي ارتكبت خلال السنوات الثلاث الماضية.
ثالثا: وهو الأهم أنه ليس بيد الوفاق أو غيرها من الجمعيات أن تحدد إن كانت هي ستشارك أم لا، وإنما ذلك بيد الشارع الذي تمثله، فبخلاف الشارع الآخر، فإن الشارع المعارض يمتلك من الوعي ما يجعله سيداً لقراره، كما أن هذا الشارع لديه تأثير ومواقف لا يمكن لأي قوى سياسية أن تتجاهلها أو تقفز فوقها.
المعارضة واضحة في مواقفها وسعت دائماً الى إعطاء الفرصة لتجاوز الأزمة، ولكن أيضاً لديها شارع عريض، وهذا الشارح ضحى بالغالي والنفيس ولا يمكن ان يكون ذلك دون استحقاق.