إن الانطباع الأولي الذي تولد لنا عند قراءتنا بيان وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف انه لم يتسنى له الاستماع لخطاب رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان وربما اعتمد على فهم غيره أو انه يعلق على خطاب آخر لشخص آخر، وتدعو المعارضة الشعب البحريني الكريم للاستماع وقراءة الخطابين والحكم عليهما فيما لهما أو عليهما. لكننا نتجاوز هذا الانطباع لنستثمر هذا التعليق في مناقشة بعض الأفكار السياسية التي وردت في الخطاب في افتتاح مؤتمر جمعية وعد مساء الخميس الماضي وفي تعليق وزير العدل.
الأولى: المواطنة المتساوية:
نتفق مع الوزير على أن البحرين بحاجة إلى عنوان المساواة بين المواطنين كأساس إلى بناء الدولة، وهذا هو جوهر مطلبنا نحن في المعارضة: المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، ونرى أن هذه المواطنة المتساوية لا تنسجم مع شرطية أن يكون رئيس الوزراء وثلاثة من نوابه ووزير الخارجية ووزير الداخلية ووزير المالية ووزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف ووزير الدفاع ورئيس هيئة شئون الإعلام ووزيرة الثقافة… كلهم من أسرة الوزير ونأمل ان يكون تأكيده على المواطنة نقطة تحول عند الوزير والسلطة نحو المواطنة المتساوية والكفاءة في العمل بدلا عن التقسيمات الأسرية والطائفية القائمة حاليا.
الثانية: رفض فكرة المحاصصة الطائفية:
ونتفق مع الوزير في رفض فكرة المحاصصة الطائفية، فهذه هي روح الخطاب الذي ندعو وزير العدل لإعادة قراءته، فما تدعو له المعارضة هو ضرورة التوافق بين جميع ابناء البحرين كمواطنين بحرينيين متساوين في الحقوق والواجبات ورفض تقسيمهم بناءا على أصولهم الأسرية والطائفية والقبائلية. وفكرة الديمقراطية التوافقية هي مقابل الديمقراطية العادية التي تعتمد نسبة 50+1، فنحن في المعارضة ومن اجل منح الضمانات العملية نؤكد على ان جميع المواطنين سيشتركون في إدارة شئون البلاد، فقد حرصنا على طرح فكرة الديمقراطية التوافقية التي هي ضرورية في القرارات المصيرية مثل كتابة الدستور وتعيين رئيس الوزراء والتي تحتاج إلى أغلبية خاصة تفوق الأغلبية العادية وبما يصل إلى أكثر من 60 بالمئة، وذلك لضمان مشاركة جميع القوى السياسية الممثلة للمواطنين في اتخاذ القرارات المصيرية والهامة .
الثالثة: الدعوة للحل الوطني وعدم انتظار أقلمة الأزمة البحرينية:
إن روح ونص خطاب الشيخ علي سلمان هو دعوة للعمل على إنجاح التحول الديمقراطي الذي يكون فيه الشعب مصدر السلطات جميعا في ظل نظام ديمقراطي عبر التوافق بين أبناء البحرين جميعا وعلى قاعدة المواطنة المتساوية بدلا من أن نترك بحريننا الغالية في أزمة طاحنة لتكون ساحة صراع إقليمي يكون ضحيته جميع أبناء البحرين والبحرين كوطن. إننا ندعو وزير العدل لإعادة سماع الخطاب مجددا، فالمعارضة تعمل على إيجاد الحل الوطني الحقيقي القائم على أساس أن "الشعب مصدر السلطات جميعا" حتى لا تتحول بلادنا إلى حلبة صراع إقليمي نخسر فيها جميعا، وهذا ما عملت وتعمل المعارضة على إبعاد البلاد عنه.
رابعا: امتلاك الشجاعة الأدبية والسياسية عند المعارضة والنظام:
لقد امتلكت المعارضة السياسية كامل الشجاعة الأدبية والسياسية في أدانه العنف من أي طرف جاء وعبرت عن هذا الموقف في عشرات البيانات والخطب وأكدت على أن السلمية هي خيار استراتيجي لها ولو لا جهد المعارضة الصادق وضبطها لنفسها ولجماهيرها لانزلقت البحرين إلى حالة من العنف جراء عنف النظام المفرط والذي وثق بعضه السيد بسيوني وأدان فيه النظام بشكل جلي وواضح لا لبس فيه، بينما لم يشر السيد بسيوني إلى عنف المعارضة ولا بمقدار خمس في المائة من عنف النظام قياسا لعنف النظام. وما ندعو له السلطة أن تمتلك نصف شجاعة المعارضة وتدين العنف الصادر من الأجهزة الرسمية الذي تسبب حتى الآن في قتل ما لا يقل عن 105 من المواطنين والتسبب في فقد ما لا يقل عن 58 موطن بصرهم بشكل كلي أو جزئي و في إعاقات دائمة للمئات منهم، وإغراق مناطق السكن بالغازات الخانقة كل يوم وليلة في صورة عقاب جماعي غير مبرر ومستهجن من المعارضة وجميع منظمات حقوق الإنسان المحلية والإقليمية والدولية.
الخامسة: عدم إضاعة الوقت
إننا نتفق تمام الاتفاق انه لا مجال لمزيد من تضييع الوقت ونحن على استعداد فوري للجلوس في حوار صادق وجاد وبدون شروط مسبقة يضم جميع شركاء الوطن بتمثيل عادل ومعبر عن إرادة شعب البحرين للتفاوض حول التحول الديمقراطي المنشود الذي ينطلق من المبادئ العالمية الإنسانية المستقرة من المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، ومن ان الشعب مصدر السلطات جميعا، ومن قدسية الحرية، وضرورة احترام حقوق الإنسان وفقا للاتفاقيات والمعاهدات الدولية وفي مقدمتها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين للحقوق المدنية السياسية والاقتصادية والثقافية التي صادقت عليها البحرين.
وتأمل قوى المعارضة السياسية أن يكون هذا التوضيح نقطة انطلاق لتفاوض سياسي عاجل وحل ديمقراطي سريع في البحرين.
جمعية الوفاق الوطني الإسلامية
20 اكتوبر 2012