قالت القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة في موقفها عقب إعلان مراسيم بقوانين أصدرها ملك البحرين بعيد لقائه برئيس الوزراء البريطاني السيد ديفيد كاميرون، تضمنت تعديلات وتغليظات على قانون والتجمعات والمسيرات، وقد جاء هذان المرسومان بعد ساعات قليلة من إصدار رئاسة المفوضية العليا لشؤون الإنسان في الأمم المتحدة بياناً تعبر فيه عن تكرار قلقها “من تقييد التظاهرات والتجمعات العامة”، داعية السلطات البحرينية الى “تنفيذ التزاماتها الدولية في مجال حماية الحقوق بالكامل، بما فيه احترام حقوق حرية التعبير والتجمعات السلمية والجمعيات”.
وأوضحت المعارضة في البحرين أن إصدار المرسومان الملكيات يأتي ليتضمن حظر ممارسة حرية التعبير في العاصمة المنامة، وبشكل مطلق وكلي، وهي المنطقة التي تقع فيها أغلب المؤسسات الرسمية التي يفترض أن تكون أغلب المظاهرات أمامها في كل دول العالم، في صورة لم تعرفها أي من الدول بما فيها دول العالم النامي التي لا تحترم الديمقراطية، بما يعني في واقع الحال إنهاء كلي لحق ممارسة حرية التعبير بالتظاهر والتجمع السلمي وتسيير المسيرات والمظاهرات، وتعطيل كامل لهذه الحرية، والتي لم يبق في القانون إلا اسمها.
ووجهت القوى المعارضة في هذا الشأن خطابها إلى المجتمع الدولي، ذلك أنه لا يوجد في مؤسسات الدولة ما يحمي المواطنين من التعسف الذي تقوم عليه كافة سلطات الدولة، وقالت بأن إصدار هذه المراسيم بعيد صدور بيان الأمم المتحدة لبيانها السابق الإشارة إليه يتضمن تحدياً صريحاً للأمم المتحدة، وصفعة لكل التزامات البحرين الدولية في مجال حماية الحقوق، وتعبيراً عن إنكار أي قيمة للأمم المتحدة وهيئاتها، ومناكفة واضحة تقوم على تعمد إدارة الظهر لأكبر هيئة معبرة عن إرادة المجتمع الدولي، وسيصبح أثر ذلك شعور بوجود الغطاء الكامل اذا ما صمت المجتمع الدولي عن ذلك، ويرتقب شعب البحرين من المجتمع الدولي موقف امام التحدي الصارخ لالتزامات البحرين الدولية التي تحدثت عنها الأمم المتحدة.
وأكدت القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة في البحرين بأن هذا القانون الذي يحظر التظاهر والتجمع في العاصمة ويضع العديد من القيود على حرية الرأي والتعبير، يتنافى مع المواثيق والمقررات الدولية وهو مخالف دستوريا وقانونا وعرفاً.. وفقاً للتالي:
1. لقد كفل القانون الدولي الحق في التظاهر و فرض حماية لحرية الرأي و التعبير, واعتبرها مصونة بالقانون الدولي العام وخاصة القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتعتبر من النظام العام في القانون الدولي لحقوق الإنسان، ومن القواعد الآمرة فيه، فلا يجوز الانتقاص منها أو الحد منها، كما أنها تعتبر حقوق طبيعية تلتصق بالإنسان، ولا يجوز الاتفاق علي مخالفتها، لأنها قاعدة عامة لذلك فإن قمع المظاهرات جرائم دولية تستوجب المحاكمة .
2. وقد نصت القوانين الوطنية والدولية على هذا الحق بالنص الصريح والواضح، وأكدت على أهمية احترامه وحمايته. ففي المادة (5) من ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان جاء الآتي: (دعماً لحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، كل شخص له الحق، منفرداً أو بالاشتراك مع آخرين، على المستوى المحلي أو الدولي في الاجتماع سلمياً مع أشخاص آخرين وفي تكوين أو المشاركة في منظمات غير حكومية أو مجموعات).
3. وتنص المادة (20) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان على أن (1) “لكل شخص الحق في حرية الاشتراك في الجمعيات والجماعات السلمية” وهذا حق أصيل لكل أنسان ولا يمكن لأحد انتزاعه أو منعه.
4. أكد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية, في المادة (21) منه على ان “يكون الحق في التجمع السلمي معترف به” وهو ما وقعت عليه البحرين وصار لزاما عليها الالتزام بما وررد فيه.
5. وأقر ميثاق الامم المتحدة في المادة (12) منه (حق الفرد أو الجماعة في المشاركة في أنشطة سلم تندد بانتهاكات حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وعلى الدولة اتخاذ كافة تدابيرها الأمنية لحماية المشاركين فيها) وبمقتضى ذلك يكون من حق أي متظاهر أن تحميه الدولة.
6. وتشير المادة (11) من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والمادة (15) من الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان على حق كل شخص في الاجتماع السلمي بدون سلاح مع عدم جواز فرض قيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك المفروضة طبقا للقانون، والتي تشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لسلامة الوطن ومصلحة الأمن القومي، أو السلامة العامة أو النظام العام، وحماية الصحة العامة، أو الأخلاق العامة أو منع الجريمة، أو المساس بحقوق الآخرين أو حرياتهم.
7. وفي هذا الصدد، أقرت المادة (24) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان حق التجمع السلمي والتظاهر للمواطن وكفل له الحق في ممارسة أي نشاط سياسي سلمي.
8. ودعت منظمة العفو الدولية في العديد من بياناتها وتقاريرها، البحرين لرفع الحظر عن التظاهر، مشددة على أن الحظر يلغي الحق في حرية التعبير وفي التجمع وتكوين الجمعيات.
9. وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، أن إجراءات الطوارئ ستؤدي إلى تقييد شديد للحقوق الأساسية، وأن من شأن الإجراءات المقترح منح الحكومة سلطات مفرطة للتعسف في تقييد حقوق من قبيل حرية التجمع والتعبير.. وأن الإجراءات الأخيرة ليست مناسبة ولا متناسبة مع ما يدور في البلاد، خاصة وأنها على ما يبدو عملياً لإنهاء أي فرصة لممارسة الحق في التجمع السلمي.
10. ونص دستور البحرين في المادة 23، على أن “حرية الراي والبحث العلمي مكفولة، ولكل انسان حق التعبير عن رايه ونشره بالقول او الكتابة او غيرهما، وذلك وفقا للشروط والاوضاع التي يبينها القانون، مع عدم المساس باسس العقيدة الاسلامية ووحدة الشعب، وبما لا يثير الفرقة او الطائفية”… كما نصت المادة 31 على أنه “لا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور او تحديدها الا بقانون، او بناءً عليه. ولا يجوز ان ينال التنظيم او التحديد من جوهر الحق او الحرية”.
11. كما نص ميثاق العمل الوطني، على أن “لكل مواطن حق التعبير عن رأيه بالقول أو بالكتابة أو بأي طريقة أخرى من طرق التعبير عن الرأي أو الإبداع الشخصي، وبمقتضى هذا المبدأ فإن حرية البحث العلمي وحرية النشر والصحافة والطباعة مكفولة في الحدود التي يبينها القانون”.
وأكدت القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة بأن السلطة في البحرين توظف سيادة القانون في ممارستهاللسلطة المطلقة في إصدار القوانين، في حين أن سيادة القانون تقتضي احترام القوانين لحقوق الإنسان المقررة بموجب المواثيق الدولية، فمتى ما تعدت القوانين هذه الحقوق اعتبر خروجاً على دولة سيادة القانون، واعتبر القانون مجرد أداة لمصادرة حقوق الإنسان، وينزل بمستواه ليكون مجرد سوط يضاف إلى أسواط المعذبين، وصورة من صور محاصرة الحق والحرية.
وختمت القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة بيانها بأن على المجتمع الدولي أن يفهم رسالة السلطة إليه، وهي أنها لا تحمل حلاً سياسياً للأزمة، ولا تسعى لذلك، وأن الحلول السياسية ملغاة، وليست معطلة فقط، وإنما لدى السلطة مشروعاً معلناً متكاملاً للهجوم على المعارضة أعلن عنه كبار مسئولي الدولة من اعلى المستويات، وتنفذ خطوات هذا المشروع الواحد تلو الأخر، في صورة لحالة الطوارئ غير المعلنة، مستغلة صمت المجتمع الدولي المؤثر، لأنها تحدت الأمم المتحدة التي لم تعد مؤثرة في السياسة البحرينية، وأن أي حديث عن حوار مجرد استهلاك يترجم عبر حزم القوانين والإجراءات التي تقوم على مزيد من القمع وصور من انتهاكات حقوق الإنسان، مؤكدة بأن مطالب المعارضة مطالب سياسية نحو التحول نحو الديمقراطية، لن تنال منها هذه القوانين، لأنها تحمل معاني الكرامة الإنسانية التي لا تنفك عن كينونة الإنسان، وأن استمرار الدولة في منهجها دون رادع من المجتمع الدولي لن يحقق أي استقرار للبلاد، محذرة من تشظي الأزمة لمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان أضعاف ما ذكره تقرير السيد/ بسيوني، ولكن هذه المرة في ضوء معرفة كاملة من المجتمع الدولي لما يتأسس عليه النظام السياسي البحريني من منهجية متكاملة في انتهاك حقوق الإنسان، ما يضاعف المسئولية على المجتمع الدولي، خصوصاً مع الإفصاح الصريح بتحدي الأمم المتحدة وهيئاتها في الالتزام بالشرعية الدولية.
وبناء على ذلك، طالبت القوى الوطنية الديمقراطية في البحرين المجتمع الدولي الإضطلاع بدور فاعل لحماية المواطنين البحرينيين من تعسف السلطات في المصادرة لحقوقهم، واستخدام القوة والعنف ضدهم لإجبارهم على عدم ممارسة حق التعبير عن الرأي، مشددة على أن الإكتفاء بالبيانات ومواقف الإدانة لا تكفي أمام سلطة لا تعترف إلا بآلة القمع والبطش ضد مواطنيها لمحاولة إسكات صوتهم عن المطالبة بالحقوق وبالتحول الديمقراطي أسوة ببقية شعوب الأرض.
8 أغسطس 2013
القوى الوطنية الديمقراطية المعارضة:
جمعية الوفاق الوطني الاسلامية
جمعية العمل الوطني الديمقراطي “وعد”
جمعية التجمع القومي الديمقراطي
جمعية التجمع الوطني الديمقراطي الوحدوي
جمعية الاخاء الوطني