ذكر تقريرورد في قناة "العربية" الأسبوع الماضي "ان إيران أصبحت أكبر دولة لسجن الصحفيين" وذلك في إطار ما نتج من أحداث بعد فوز الرئيس أحمدي نجاد (الخط المتشدد) في انتخابات يونيو من العام الماضي على منافسيه أمير موسوي وكروبي (الخط الاصلاحي)، وهما من نفس خط الإمام الخميني.
كان أمير موسوي رئيسا للوزراء في فترة سابقة، ولا يعقل أن يصل شخص الى هذا المنصب، وهو بعيد عن توجهات الخميني إلا أن التصنيف الحالي يضعه في خانة الإصلاحيين مع محمد خاتمي، وهو الآخر تبوأ منصب رئاسة الجمهورية الإسلامية في إيران.
ولا يعنينا كثيرا، ونحن نتابع أخبار إيران من الذي وصل الى الرئاسة في هذا المقال، حيث مضت على الحدث سنة كاملة، والكل يعرف ما جرى نتيجة تدخل قوات الباسيج والشرطة، قبض على من قبض، وحوكم من حوكم، وأعدم من أعدم، وأفرج عن من أفرج عنه، ولازال خطاب (الرئيس نجاد) محتدا في التلميح بمحاكمة كل من موسوي وكروبي وخاتمي ومعارضيه.
بقدر ما يعنينا في العمل الصحفي، وجود هذا العدد من زملاء المهنة قيد السجون ويعانون ضنك التسريح، ومصيرا مجهولا بعد المنع من الكتابة، وحرمانهم من وظائفهم، بل وصل الامر الى المنع من مغادرة بلادهم.
نعود للتنويه الى ما جاء في تقرير "العربية" بان عددا من الصحفيين والكتاب تمكن من مغادرة إيران وموجود حاليا في تركيا وهو يتراوح ما بين (3000 و4000) صحفي!
هذا الوضع البائس يدفعني الى التساؤل عن ثلاثة أمور، أولهما : ضخامة هذا العدد!.. وثانيها المصير المجهول لهم!
وثالث الأمور، كما أوضح مصدر مقرب من النظام في إيران: ان معظم من غادروا من الصحفيين إيران قد افتعلوا أحداثا مع النظام لكي يقبض عليهم، ثم يطلق سراحهم بعد فترة معينة، وبالتالي فإنهم إذا خرجوا من السجن، فإن الهم الأول لهؤلاء الصحفيين هو البحث عن مأوى، عمل، وكالة دولية، سفارة دولة باعتباره سجين رأي يبحث عن الأمان، فيتم الترتيب له لترك البلاد.. فما مدى دقة ذلك؟
وهذا الامر مثير للجدل والشكوك، اذ لا أعتقد أن أحدا يود دخول السجن في إيران أو في غيرها من الدول العربية والإسلامية أو من دول العالم الثالث، ولا حتى في أمريكا لأن السجن ليس نزهة، ما عدا الدول الاسكندنافية، لا مانع من دخول السجن حيث الأكل والشرب والتطبيب متوفر، ولا ضرب، ولا تعذيب، ولا إهانة، يضاف الى ذلك راتب يومي مستمر.. فماذا يريد السجين أفضل من ذلك؟
ما أريد التوصل اليه، في هذا الصدد، اذا كان هذا العدد صحيحا، أقل او أكثر بقليل، فالمسألة تكشف فعلا عن وجود أزمة بين النظام وقطاع عريض من شعبه غالبيتهم من السياسيين والصحفيين والكتاب وغيرهم الموضوعين قيد "الهافكري".
هذا الوضع بلا شك يصعب بل ويصعد من الإجراءات الدولية المتخذة ضد ايران في الوقت الراهن أو في المرحلة المقبلة سواء المتعلقة بالملف النووي أو الملف الحقوقي.. وهنا لا أملك إلا أن أقول: "اتقوا الله في الصحفيين".