منصور الجمري
المحلل السياسي جون ألترمان، طرح في أحد مقالاته أن الربيع العربي، الذي انطلق في العام 2011، يراه البعض عصر الأسلمة المتمثلة ببروز التيارات السلفية والإخوانية، ولكن في رأيه أن منطقة الشرق الأوسط دخلت عصر الحروب والنزاعات بالوكالة.
إن الحروب الناشئة متعددة الأقطاب، وسورية هي أكثر بلد يشهد كل هذه التناقضات، حيث تسعى مجموعة من القوى الإقليمية والعالمية إلى تشكيل مستقبله، وما يثير الانتباه ليس الحجم الكبير للمساعدات التي تتلقاه مجموعات المعارضة، وإنما التنوع والاختلافات والتناقضات بين هذه المجموعات؛ ما يفتح المجال أمام احتمالات عديدة، بعضها خطير جداً ويشبه ما حدث في مطلع الثمانينات من القرن الماضي عندما ضخت العديد من الدول الأموال والرجال والسلاح لكي تشهد بأمّ عينها كيف ينقلب هؤلاء عليهم في فترة لاحقة.
دول الخليج تتصدر الساحة السياسية على المستوى الإقليمي من خلال سياسات مختلفة، وفيما يراهن البعض على جماعات المعارضة لإزاحة النظام السوري، يعوّل البعض الآخر على عكس ذلك.
الأخطر في الأمر أن الخطاب المستخدم لشحذ الهمم والتحشيد يعتبر طائفياً بامتياز؛ ما ينذر باحتمال اندلاع حرب إقليمية على أساس طائفي، وهذا ستكون عواقبه وخيمة، ونهايته لن تكون بيد من يحرك الأمور حالياً.
هذا الوضع الإقليمي الشائك يلقي بظلاله على مختلف القضايا في كل البلدان، وفي البحرين هناك خطورة على مدى إمكانية البحرينيين في الاعتماد على أنفسهم لحل مشكلاتهم بعيداً عن المؤثرات الإقليمية.
وفي الوقت الذي يبدو فيه الحل واضحاً على الجانب الحقوقي (تنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق وتوصيات جنيف)، وعلى الجانب السياسي (انفتاح النظام السياسي على الإرادة الشعبية لمختلف فئات الوطن بصورة عادلة)، إلا أن قصر النظر يمدد الأزمة زمنياً.
إن جانباً من قصر النظر الحالي يعتمد على الحل الأمني، واستفزاز الساحة السياسية، وإنهاكها بالتطرف والعنف من كل جانب، بانتظار أن يحدث شيء ما يحرك الأمور في هذا الجانب أو ذاك.
الخطاب المتطرف يدعو إلى التخلص من الآخر، وهو السائد حالياً، في حين أن الخطاب الذي نأمل في انتشاره هو ذاك الذي يدعو إلى اعتبار التنوع أساساً للقوة، ويستطيع من خلال ذلك احتضان كل فئات المجتمع، بحيث يكون النظام السياسي لكل البحرين، وليس لجزء واحد فقط من المجتمع، وبحيث ننظر جميعاً إلى مستقبل يهنأ فيه الجميع، وليس مستقبلاً قائماً على ترتيبات ممقوتة إنسانياً. المستقبل الأفضل يحتاج وجهة نظر ثاقبة، وإرادة وطنية جامعة.