منصور الجمري
في مطلع العام 2011 انتشرت حالة من التفاؤل في المنطقة العربية بعد أن تمكّن عامة الناس في بلدان كانت تختنق سياسياً من إحداث تغييرات سريعة وغير متوقعة… هذا ما حدث في تونس ومصر آنذاك، واهتزت الميادين في مختلف البلدان؛ لأن الناس رأوا أن بإمكانهم تحقيق تطلعاتهم السياسية نحو الحرية والكرامة. ولكن الاضطرابات والانتفاضات والثورات والصراعات انتشرت وتعقدت، مع تداخل الكثير من العوامل وتضارب المصالح وتقاطعها.
وبالرجوع إلى ما حدث آنذاك وما يحدث حالياً، فإن هناك على ما يبدو توجّه لردع المتفائلين بإصلاح أوضاعهم من خلال استبدال ذلك التفاؤل، الذي انتشر في مطلع 2011 بمشاعر التشاؤم العميق، واليأس من إمكانية إصلاح الأمور، وإن التطلع نحو مستقبل مختلف له ثمن، بل إن له عقاباً رادعاً، حتى لو كان نتيجة ذلك شلل سياسي مكلف جداً.
ومن المؤسف أن بعضاً مما يجري حالياً في البحرين يعتبر نوعاً من العقم السياسي، الذي أنتجته رغبات جامحة في إنزال عقوبات قاسية وأبدية على فئات محددة من المجتمع.
وفي تقديري، إن من ينظر إلى الأمور بهذا الشكل قد يفقد مع الزمن القدرة على ممارسة أي دور مختلف فيما لو احتاجت البلاد إلى تقريب وجهات النظر، والخروج بحل سياسي يمثل انتصاراً للجميع.
إنني من الذين يؤمنون بأن جميع البحرينيين يعيشون في قارب واحد، وإنه لن يتمكّن أحد من رمي الآخر خارج هذا القارب، وإن إحداث أي خلل أو عطب في القارب يضر بالجميع، وإنه لا مخرج سوى قبول الجميع لبعضهم البعض، والاتفاق على حل سياسي يقوم على الثوابت، التي عبَّروا عنها في المفاصل التاريخية التي مرَّت بها البحرين.