هاني الفردان
جاءت نتائج «معركة جنيف» العمالية المتعلقة بملف البحرين والشكوى العمالية العالمية من قبل 12 منظمة عمالية دولية تتهم فيها الحكومة البحرينية بانتهاكها اتفاقية التمييز (التوظيف والمهنة) رقم 111، جيدة لنضال الطبقة العمالية.
جاءت النتائج مخالفة كالعادة لما كان يريده «المؤزمون» في هذا الوطن، بل جاءت لتمثل لهم ضربة قوية، وعجلت من إنهاء الملف العمالي في البحرين لصالح العمال المفصولين والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، جاءت النتائج مخيبة لآمال السلطة ومواليها بشطب الشكوى.
جاءت نتائج اجتماع مجلس إدارة منظمة العمل الدولية في دورته الـ319 واضحة وصريحة، أهمها إمهال حكومة البحرين حتى مارس/ آذار 2014 لإنهاء ملف المفصولين بشكل كامل، في إيحاء لإمكانية قبول الشكوى العمالية في المرة المقبلة. والطلب من حكومة البحرين ضمان سلامة وأمن القياديين في اتحاد النقابات. ويحثِّ الحكومة واتحاد النقابات و «الغرفة» على مواصلة جهودهم للتوصل إلى اتفاق بشأن الاتفاقية الثلاثية التكميلية. ودعوة مكتب مجلس الإدارة إلى تقديم كل المساعدة التقنية المطلوبة من قبل جميع الأطراف، بما فيها الحكومة أو اتحاد النقابات أو الغرفة، للتوصل إلى الاتفاق المذكور.
وقع على تقرير منظمة العمل الدولية ثلاث جهات بحرينية، وزير العمل جميل حميدان، الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين سلمان سيدجعفر المحفوظ، وممثل غرفة تجارة وصناعة البحرين عثمان شريف، فقط، دون أي طرف آخر، وهو ما حطم آمال ومشاعر «مؤزمين» في هذا الوطن.
نتيجة غباء المستشارين، ونصائح المؤزمين، وقعت السلطة في مأزق؛ إعادة الروح للشكوى العمالية بعد أن رفضت التوقيع على الاتفاقية الثلاثية، وما ترتب على ذلك من فضيحة عودة وفد منظمة العمل الدولية من البحرين من دونها، ونتيجة لتقرير مدير قسم معايير العمل الدولية كيلوبترا دومبيا هنري عن نتائج زيارتها إلى البحرين مؤخراً، وفشل التوقيع على «الاتفاق الثلاثي» أوقع الحكومة في مأزق استمرار الشكوى ضدها والمهلة الأخيرة.
المأزق الثاني الذي وضعت السلطة فيه، نتيجة غباء «المؤزمين» وتحريضهم المستمر ضد النقابيين، هي طلب منظمة العمل الدولية من الحكومة «ضمان سلامة وأمن القياديين في اتحاد النقابات»، وهو طلب ليس جديدا على الحكومة البحرينية إذا ما عرفنا أن مجلس حقوق الإنسان والامين العام للأمم المتحدة بان كي مون، والمفوضة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي، انتقدوا التهديدات التي تعرض لها الوفد الأهلي البحريني الذي شارك في جلسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، وذلك في إطار الاستعراض الدوري الشامل لمملكة البحرين، في 21 مايو/ أيار 2012.
ففي مايو 2012 شهد مجلس حقوق الإنسان «ملاسنة» بين رئيسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، لورا ديبوي لاسير، ووزير شئون حقوق الإنسان صلاح علي بعد أن أشارت رئيسة المجلس إلى ضرورة عدم مضايقة السلطة البحرينية لممثلي المجتمع المدني الذين حضروا إلى جنيف عند عودتهم للبحرين.
كما صدر تقرير عن الأمين العام للأمم المتحدة في أغسطس/ آب 2012، بشأن التهديدات التي يتعرض لها نشطاء البحرين بسبب تعاونهم مع آليات الأمم المتحدة، كما أدرجت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي في سبتمبر/ أيلول 2012، البحرين ضمن 16 دولة، تهدد نشطاءها المتعاونين مع الأمم المتحدة.
السلطة لا تتعلم من الدروس ولا تستوعب التجارب، ولم تفهم درس مجلس حقوق الإنسان في 2012 و2013 وسياسة التحريض التي انتهجت على نشطاء حقوق الإنسان وتخوينهم، ولذلك عادت الكرة من جديد وسمحت بـ «التخوين» والهجوم على النقابيين، فتنبهت منظمة العمل الدولية لذلك وضمنت توصياتها التي صادقت عليها الحكومة طلبا بحماية وضمان سلامة نقابيي الاتحاد العام للنقابات، رغم تجاهل بيان وزارة العمل لهذه التوصية، وما أشيع عن رفضها لها بشدة.
غباء «المؤزمين» أوجد في 2012 حماية دولية لنشطاء حقوق الإنسان، من قبل مجلس حقوق الإنسان، واستمرارا لغبائهم، فقد أوجدوا حماية جديدة لنقابيي الاتحاد العام من قبل مجلس إدارة منظمة العمل الدولية في 2013.
جاءت توصيات منظمة العمل الدولية لتضع النقاط على الحروف، فلم تتحدث التوصيات عن أي طرف رابع بين أطراف الإنتاج البحرينية، بل تحدثت بكل وضوح عن الحكومة، والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين ممثِلاً عن العمال، وغرفة تجارة وصناعة البحرين كممثل عن أصحاب الاعمال، لتنهي هذه التوصيات أحلام البعض بدخول «الاتحاد الحر» كطرف رابع في المشهد العمالي البحريني داخل أروقة منظمة العمل الدولية.
يعتقد البعض وخصوصاً «المؤزمين» و «المورطين» للسلطة أنهم أفشلوا مخططاً معداً مسبقاً من قبل «خونة» للتدخل في شئون البحرين، يعتقد البعض أنهم استطاعوا فرض رؤيتهم في إجبار السلطة على التراجع عن التوقيع على الاتفاق الثلاثي بين أطراف الإنتاج الثلاثة، لغلق ملف المفصولين.
صحيح أن السلطة المربكة في الكثير من المشاهد السياسية وحالياً العمالية، رفضت التوقيع على الاتفاقية الثلاثية، إلا أنها وقعت في مأزق الشكوى ومهلة مارس المقبل، وحماية نقابيي الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين.
خسائر «المؤزمين» في هذا الوطن تتكرر للمرة المليون، والسلطة لا تستوعب الدروس والعبر.