حسن المدحوب
هكذا تعودنا دائماً، على وقع الحوادث الأمنية التي تعيشها البلاد، تنتعش حملات وحفلات الكراهية في البحرين، ولا تمر حادثة من هذه الحوادث، إلا ونجد أن وحل هذه الحملات يزداد طيناً، والنتيجة أن آلام البحرينيين تزداد ولا تتوقف.
يقال لنا كثيراً، إن الدعوات التي نطلقها لبث ثقافة التسامح في وطننا، هي كمن «يؤذّن في خرابة»، وأن الواقع المأساوي أبلغ من المثاليات التي يتم التغني بها عن التسامح ورفض بث الكراهيات المنفلتة، ونحن نرى أنه وعلى الرغم من أن في هذا الحديث شيئاً من المنطق، إلا أن المنطق الأصح هو الإيمان أن قدرنا كبحرينيين، يمنعنا من أن نسير في تأييد هذا التوجه أو حتى التغاضي عنه.
من منا لا يدرك أن آلام البحرينيين كبيرة، وأن عذاباتهم وأحزانهم يمكن أن تملأ مجلدات بها؟ ونعرف جيداً أن الحديث عن التسامح غالباً ما يصطدم مع الواقع الذي يفرضه الحل الأمني، ولكننا نسأل دائماً عن البديل عن الدعوة إلى التسامح، في مجتمع صغير كالبحرين؟ أليست الكراهية التي نرفضها جميعا؟ إذا كان الأمر كذلك، فماذا سيختار البحرينيون؟
على مدى سنوات من عمر الأزمة التي طالت لأكثر من ثلاثة أعوام، كان الأمل يحدونا دائماً بأن تصل البحرين إلى حل توافقي يريح البلاد والعباد مما هم فيه، غير أننا نجد أنه كلما اقتربنا من ذلك نعود مرةً أخرى إلى ذات المربع الأمني الذي يطيح بالحلول السياسية الممكنة، والمحصلة أننا نظلّ في ذات الدوامة بلا توقف!
من حق البحرينيين جميعاً أن يطووا سجل أحزانهم، يكفينا كل هذه الآلام التي عاشها الناس، ويكفينا الدماء التي سالت من هذه الجهة أو تلك. يكفينا ما جرى من حملات كراهية، ألم يحن الوقت لأن يجد الناس أفراحهم المفقودة؟ ألم يحن الوقت لنقول كبحرينيين إننا نرفض كل حملات الكراهية للآخر، أياً كان هذا الآخر؟
قلناها مراراً، إن الكراهية لا تبني وطناً للجميع، ولا أمناً للجميع، ولا خيراً لأحد، نعم، ربما يستفيد منها مروّجوها في رفع أرصدتهم البنكية وعقاراتهم، ومنافعهم الشخصية، ومناصبهم الوظيفية، ولكنها تهدم هذا الوطن الذي عاش فيه آباؤنا وأجدادنا جنباً إلى جنب، ولا نظنّ أن أحداً من البحرينيين يتمنى ذلك أو يريده.
نقول لكل من يبشر بالكراهية والأحقاد قدراً للبحرينيين، إن هذه الترهات ليست قدرنا الحتمي، وسنظل نبشر بالتسامح والتعايش بين كل البحرينيين، كلما اشتدت حملات الكراهية ومهما تعاظمت، لأننا نريد الخير لهذا الوطن وأهله.
ربما تجد هذه الكراهيات سوقاً رائجةً لدى البعض من مختلف الأطراف، بسبب ضغط الحالة الأمنية والسياسية المتأزمة حالياً، ولكن لكل بداية نهاية، ولكل عقدة فرج، وهذه الأزمة التي يعيشها البحرينيون مآلها في النهاية أن تحل، ووقتها سيدرك الجميع أن الدعوة إلى التسامح كانت الخيار الأصوب لخير البحرين، ولمستقبل البحرين، ولأجيال البحرين. ونحن واثقون أن ذلك سيتم قريباً، وقريباً جداً.