منصور الجمري
إحدى الظواهر المؤسفة التي انتشرت في بحريننا هي رواج سلعة دعاة الكراهية، واعتقاد البعض أن هذه الكراهية سبيلهم للغلبة والاستحواذ على المغانم وقهر الآخرين وانتقاص حقوقهم وتحويلهم إلى العيش على هامش الحياة.
هذا الاعتقاد ليس جديداً وإنَّما عرفته بلدان وأمم من قبلُ، ولعل الذين يمارسون هذا النهج لم يطلعوا على دروس التاريخ ولا يعلمون أن الحقد والكراهية استثمار خاسر لا محالة، وهذا النوع من البشر لا يسود الآخرين طال الزمان أم قصر.
هذا الكلام ليس جديداً، وكثيرون تحدثوا عن هذا الموضوع، وبعض ما قاله الكاتب الشهير دايل كارنيجي في هذا المجال إنه «عندما نكره أعداءنا فنحن نسلطهم على أنفسنا، نسلطهم على نومنا، نسلطهم على صحتنا وشهيتنا للأكل، وعلى سعادتنا، وأعداؤنا يفرحون إذا علموا مقدار القلق الذي يسببونه لنا، وكراهيتنا لهم لا تضرهم وإنما تحول أيامنا وليالينا إلى جحيم»، وهذا الكلام موجه إلى من ينتهج الكراهية.
أما قائد حركة الحقوق المدنية في أميركا، مارتن لوثر كنغ، فقد كتب من السجن في 1957 إلى أنصاره يقول لهم: «علينا بتطوير قدرتنا على العفو عن الآخر، لأن الذي ليست لديه قوة التسامح ليست لديه قدرة على الحب، ومن المستحيل أن نبدأ بمحبة أعدائنا إذا لم يكن لدينا قبول مسبق بضرورة العفو عن أولئك الذين ألحقوا بنا الشر والأذى…».
ولو رجعنا إلى تقرير تقصي الحقائق، فإنه تطرق إلى حملات الحشد والكراهية التي تتبناها جهات معروفة، وأوصى التقرير بإيقافها، وإفساح المجال للتعددية والتنوع والرأي الآخر، وذلك من أجل تصحيح الوضع والبدء بعملية المصالحة الوطنية. وجاء في توصية رقم 1724 (ج) إن لجنة تقصي الحقائق توصي بـ «اتخاذ إجراءات مناسبة بما في ذلك الإجراءات التشريعية للحيلولة دون التحريض على العنف والكراهية والطائفية والأشكال الأخرى من التحريض التي تؤدي إلى خرق حقوق الإنسان المحمية دوليّاً، بصرف النظر عما إذا كان المصدر خاصّاً أم عامّاً». وهذه واحدة من التوصيات التي يتم تجاهلها، بل والعمل على الاستمرار في النهج ذاته، وكأن العالم لا يرى ولا يسمع ولا يعي ما يجري وما يكتب وما يقال وما يبث.