مالك عبدالله
ينظر إلى الأطباء في أي بلد على انهم من صفوة المجتمع، وخصوصاً أن الإنسان لا يصل في الغالب إلى هذا المستوى إلا بعد جهد جهيد من العمل والمثابرة والدراسة والتعليم، وحتى يصل إلى اكتساب ثقة الناس لابد له أن يبرهن على ذلك من خلال اتقان عمله وهو ما وصل إليه العديد من خيرة أبناء البحرين من أبناء الكادر الطبي الذين وللأسف بدل أن يتم تكريمهم يتم زجهم في قضية أصبحت نقطة سوداء في سمعة البحرين أمام العالم.
معظم المنتمين إلى الكادر الطبي والذين اعتقلوا هم من أبرع الأطباء في مجالهم على مستوى البحرين والخليج العربي بل حتى العالم العربي في بعض المجالات، العالم يعرف قضيتهم بتفاصيلها لذلك عبر عن قلقله لمحاكمتهم واتهامهم، وبدلا من التراجع عن السير قدما في عملية الانتقام من هؤلاء الأطباء يتم وبكل سهولة فصلهم من أعمالهم؛ باختصار «قطع أرزاقهم»، وآخرون يتم منعهم من مزوالة مهنتهم، فلا هم يعودون إلى وزارة الصحة للعمل ولا هم يعملون في عيادات خاصة ليعيشوا حياة كريمة وذلك على رغم براءتهم من التهم المنسوبة إليهم.
هؤلاء شكلوا ومازالوا يشكلون جزءا مهما من حلم البحرين، البحرين المتقدمة والمتعالية على الجراح، البحرين التي يقتسم أهلها ثروتها دون تمييز، البحرين التي يكون فيها الطبيب مكرماً لإنقاذه أرواح الناس لا أن يكون مفصولاً أو معتقلاً. في زمن وتوقيت اطلق فيه الحوار، أطلقت وزارة الصحة وديوان الخدمة المدنية الإنذار الأحمر في وجه الحوار بالنسبة لقضية الكادر الطبي بفصل عدد من الأطباء من عملهم، ورغم ذلك بقي هؤلاء يتجرعون الالم ويحملون الأمل، أمل المستقبل المشرق الذي ضحوا ودرسوا وتعلموا وبذلوا الوقت والجهد والمال من أجل الوصول إليه.
أحد الأطباء الذين عانوا ويعانون، وكلهم يمكن الحديث عنهم كمثال، ولكن هنا استعرض حالة واحدة، فهذا الطبيب منذ أن بدأ التعليم في مرحلة الروضة ومرورا بالمراحل المدرسية المختلفة حتى الجامعة لم تتكفل الدولة بأي من تكاليف دراسته بل كانت عائلته تتكفل بجميع مصاريف دراسته وتعليمه لأنها كانت تحلم بأن يحمل اسمها واسم البحرين ليؤدي دوره وأمانته في مهنة الطب التي أحب، ولم تعلم أن ممارسته لمهنته بكل أمانة ستكلفه سوء معاملة وكسرا في الوجه وبعدها فصلا من العمل. عائلته على رغم أن هذا الأمر شكل لها صدمة وألما فإنها مازالت تحمل في يدها مشعل الأمل بربها لينصف ابنها وباقي أعضاء الكادر الطبي.
إن وجود واستمرار قضية الكادر الطبي هو دليل واضح على أن أي تصريحات خارجية أو داخلية عن أنه «لا شيء» في البحرين، هي تصريحات تهرب من الواقع، فالواقع هو كادر طبي مفصول ومبعد عن عمله وكادر تعليمي يعاني الأمرين، وشارع ينتظر نتائج ووقائع على الأرض لا كلاما وتصريحات عن حوار أو مفاوضات أو أي شيء آخر.