انتهت الانتخابات النيابية إلى ما أفرح بعض الجمعيات السياسية وأزعج البعض الآخر.. وفي هذا السيناريو الساخن، اتضح ان جمعية الوفاق حققت ما تصبو إليه عن طريق التحشيد والالتفاف حول الملف الأمني من خلال الترويج بأن الطائفة (الشيعية) مهددة، وإذا لم تنتخبوا مترشحي الوفاق، ستضيع الطائفة، وهكذا جاءت النتائج لصالحها في حصد 18 مقعدا.كما انتهت الانتخابات الى ما أرضى جمعيتي الأصالة والمنبر الإسلامي على الرغم من الخلافات الظاهرة بينهما (مجرد لعبة يراد منها الضحك على ذقون الناخبين)، وعلى الرغم من التراجعات في عدد المقاعد التي حصدوها جراء التحشيد الطائفي والفائدة من بعض المستقلين في حسبانهم تحت عباءتهما.
كما أفضت نتائج الانتخابات الى ما أزعج حقا القوى الديمقراطية مثل: جمعية وعد والمنبر التقدمي والتجمع القومي الذين خاضوا الانتخابات في دوائر مغلقة وغير مغلقة بحسب التعبير الراديكالي المتطرف في العمل السياسي، وتأثروا جميعا من سلوك وموقف الجمعية الحليفة.
وفي هذا الخضم من التلاقي والتنافر، والدراسة والتمحيص، والقراءة والتحليل، انعقدت في الأيام الماضية عدد من الندوات في مقرات الجمعيات الليبرالية تقيِّم نتائج تجربتها الانتخابية في 23 و30 أكتوبر الماضي، وما هي أسباب الفشل، وما جدوى الاستمرار في تحالف مع طرف لا يعترف بالآخر؟
وقد أعلن إبراهيم شريف الامين العام لجمعية وعد في الرابع من نوفمبر الجاري أن الجهة الملامة على خسارة الطرف الديمقراطي هي الطرف الأكبر في المعارضة، قاصدا بذلك (جمعية الوفاق) فيما اعرب كل من عبدالنبي سلمان (نائب برلماني سابق ممثل للمنبر التقدمي) في ندوة بالمنبر أن لا جدوى من استمرار التحالف مع قوى مازالت تفضل مصلحتها الذاتية على مصلحة الوطن، وتبعه فاضل الحليبي من أمانة المنبر التقدمي بالقول إن المنبر التقدمي يرفض الاستمرار في التحالف السداسي.
ولم يتأخر التجمع القومي في الإفصاح عن موقفه، فقد جاء في الندوة التي أقيمت مساء أمس الأول في مقر التجمع حيث تحدث محمود القصاب (نائب الامين العام للتجمع) قائلا: إن انتخابات 2010، كان فيها توجه للتغيير، ولكن مع الأسف جُيِّرت باتجاه العودة الى المربع الأول نفسه أو ما يعرف بنقطة الصفر حيث ألقت الأحداث بأضوائها على العملية الانتخابية لتكشف عن وجهها الطائفي من جديد.
وقال: من الصعب التواصل مع من تقف معه في خندق المعارضة، وتجده في النهاية هو أول من يشوهك، ويخذلك قاصدا بذلك جمعية الوفاق. وقد أكد ذلك أيضا الدكتور حسن العالي (الأمين العام للتجمع) ان التجمع لا يمكنه ان يلتقي من جديد مع جمعية ترتدي العباءة الطائفية، اتخذت من التشهير والتحشيد الطائفي سبيلا لتسقيط المنافسين، وللفوز بأصوات الدائرة المتنافس عليها، وكأن الداخل على خط التنافس هو عدو وليس حليفا أو صديقا.
ودعا القوى الديمقراطية إلى تشكيل خريطة سياسية جديدة من خلال التنسيق فيما بينها، وإعلان حالة الطلاق مع الوفاق طالما أن الوفاق لا تعترف بمن معها من الجمعيات السياسية في المعارضة، أو تعترف بها لتكون تابعة لها، وحقها في الاستقلالية مشروع.
وفي الحديث عن موضوع الانتخابات نفسه، كشف محمود القصاب ان الدخول في الانتخابات، جاء بعد حوار بين جميع الأطراف الديمقراطية والوفاق، وتم الاتفاق على منافسة شريفة بين الأطراف لكن الأحداث قلبت هذه الحقيقة، كما نتج عن هذه الانتخابات تفتيت ما يعرف بالتيار الإسلامي السني وشهدنا حملات إعلامية غير معهودة، استهدفت القوى السياسية الديمقراطية من قبل الجهات الرسمية والوفاق، كما حدث في الدائرة السابعة والثامنة للمحافظة الوسطى مع إقرارنا بأن للدولة دور كبير في إدارة العملية الانتخابية وتوجيه مساراتها من خلال حزمة القوانين المنظمة والإشراف العام عليها.. مما يعني اطلاق رصاصة الرحمة على التحالف السداسي.
أما فيما يتعلق بمدى الشفافية، فقد ذكر القصاب أن التجمع لم يحصل على معلومات كاملة حول الدائرة السابعة من أسماء وعناوين، بالإضافة الى دور المال السياسي والفتاوى الدينية، وأصوات باطلة والمقاطعين في الدائرة كان سببا في النتيجة التي حصل عليها مترشح التجمع الدكتور حسن العالي (أكثر من 2400 صوت).
واعتبر ان هذا العدد من الأصوات ليس سيئا بل على العكس كون ان التجمع لأول مرة يخوض في هذه الدائرة، وعكس حقيقة الإقبال الشعبي على المشاركة في العملية الانتخابية فاقت نسبة 67% مع الإشادة بما وفرته الدولة من إمكانيات إعلامية وضعت مملكة البحرين على الساحة الدولية المسموعة والمرئية.
كما قدم الدكتور حسن العالي تقييما لنتائج الانتخابات، فقال: لم نكن معروفين بالشكل المطلوب في الدائرة، ولم يكن لدينا وهم بالفوز بأصوات كل القاطنين فيها، إلا أننا جمعية سياسية نتحمل أخطائنا، ونعتقد انه على الرغم من حداثة التجربة وضعف الإمكانيات والحرب الإعلامية التي شنت على التجمع، فقد حققنا نتائج ممتازة وصالحة لان تكون أرضية للبناء عليها في المرحلة المقبلة.
وتابع، لذا لابد لنا ان نبدأ لتتراكم الخبرات باتجاه الوجود والتواصل مع أهالي منطقة مدينة حمد وذلك في ظل إصرار الوفاق على عدم السماح لأي جمعية بمنافستها وخاصة ان الدائرة بها 12 ألف و800 ناخب.
وأكد أنه مع فريق عمله لمس حب الناس وشوقهم للخروج من العباءة الدينية، والبحث عن البديل الوطني الذي يلبي حاجاته في الوحدة الوطنية ونبذ الطائفية والتعايش السلمي مع مختلف الاتجاهات في البلاد، وكشف عن أسلوب التشويه الذي وزع على هيئة منشورات "حسن العالي يتآمر على شعب البحرين" وجدناه في بداية الحملة على احد المواقع التابعة لجمعية (الوفاق)، وتحدثت شخصيا مع الشيخ علي سلمان الامين العام لجمعية الوفاق، ووعدني بإيقافها، إلا أن الصور نفسها أعيد نشرها قبيل نهاية الحملة بأيام لتكشف الإصرار على التسقيط والتشويه من خلال توزيعها على يد شخصان من العمالة الآسيوية.
وذكر، ومما لاشك فيه أن هذه الحملة كانت بإيعاز من جهة تستفيد من هذا التسقيط والتشويه، هذه الجهة لا تعترف على ما يبدو للجمعيات السياسية الأخرى بحق العمل والترشيح والحضور، وبالتالي، فلا جدوى من التواصل مع مثل هكذا جمعيات تريد من الجمعيات التي تلتقي معها (حليفتها) أن تكون تابعة لها، مشددا على اهمية صياغة خريطة سياسية جديدة بين القوى الديمقراطية لتشكيل تيار فاعل مقابل التيارات الطائفية التي تنخر عظام البلد، وتغلب المصلحة الذاتية على المصلحة الوطنية.
أخبار الخليج :العدد 11922 – السبت 13 نوفمبر 2010 الموافق 7 ذو الحجة 1431