في الأسبوع الماضي اندلع ملف انقطاع الكهرباء في عراق ما بعد الاحتلال، لدرجة أن عمت تظاهرات في محافظة البصرة وتبعتها محافظات أخرى، واستشهد مواطن عراقي من أهالي البصرة على أيدي قوات الأمن؟
جاء اطلاق النار الحي على هذا المواطن من قبل قوات الأمن العراقية، وأردوه قتيلا (شهيدا)، والسؤال: ما ذنب هذا المواطن أو غيره ممن خرجوا للمطالبة بتوفير الكهرباء التي يدوم انقطاعها ما بين 18 و20 ساعة في اليوم؟ فهل يعقل أن يطلق النار على مواطن يطالب بتوفير الكهرباء في بيته، وفي محله؟ أليس هذا عجيبا وغريبا؟ هؤلاء الناس خرجوا ليس للمطالبة ببناء ملهى ليلي أو مكان للدعارة، ولم يخرجوا للمطالبة بإسقاط الحكومة القابعة في بغداد.
خرج هؤلاء المتظاهرون للمطالبة بتوفير الكهرباء، وتحسين خدماتها، خرجوا للمطالبة باستقالة المحافظ (شلتاغ عبود) أحد أقطاب حزب الدعوة (المالكي) لكونه لم يوف بوعوده.. فأين الغضّ؟ وأين الضرر؟ وأين السبب المقنع لإطلاق النار؟ ولا أدري هل نسى من أطلق النار أو تناسى من أعطاه الأوامر أن هذا المواطن بالمقام الأول هو عراقي.. وثانيا: خرج في مسيرة تطالب بتوفير الكهرباء، ولم تطالب بإسقاط حكومة المالكي أو غيرها من الكتل المتلهفة على السلطة؟
ثالثا: خرج المتظاهرون من أهالي البصرة ليقولوا للمسئولين: أين هي مخصصات المالية (360 مليار دينار للاستثمار في المحطات الأربع بمحافظة البصرة، وهي: الهارثة، النجيبية، خور الزبير والشعيبة).. أليس هذا من حقهم.. والبصرة محافظة النفط والنخيل وشط العرب؟
وهنا دعونا، نقف ولو للحظة، لنرى الحقيقة في هذا السلوك الأرعن، والمرفوض من قبل الجمعيات الأهلية والمنظمات الإنسانية، ولا أحد يبيح استخدام العنف وخاصة مع المتظاهرين المطالبين بأمور أساسية في الحياة.. فماذا يفعل العراقيون؟ فلا المحتلون الذين جاؤوا بالوعود، وفروا الكهرباء، ولا الجالسون على كراسي الحكم الذين جاؤوا مع قوات الاحتلال، وفروا الكهرباء والماء النظيف لشرب المواطنين.. ولا المسئولون بوزارة الكهرباء استطاعوا ان يوفروا هذه الحاجة الأساسية لشعب العراق.. ولم تتوقف قضايا الفساد، إذن هناك تقصير، وهناك عجز حكومي في الأداء والتنفيذ.. إذن هناك أزمة.
ولطالما في عراق اليوم أزمة، فسيخرج الناس للاحتجاج، وهذا أمر طبيعي، وفي هذه الحالة، أمتزج فيها قهر المواطن بانقطاع الكهرباء، وأطلق العراقيون على هذه الحالة (القهرباء) قابلها غضب الحكومة تحت ذريعة المشاركة في عدم الاستقرار.. فما ذنب المواطن العراقي، اذا خرج للمطالبة بحقه في الحصول على الكهرباء أو الماء النظيف الصالح للشرب، يواجه بالرصاص.. فأي نوع من الحكومات هذه؟