منصور الجمري
أصدرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» تقريراً مطولاً يقع في 87 صفحة عن البحرين يوم الخميس الماضي (20 يونيو/ حزيران 2013) تحت عنوان: «التدخل والتقييد والهيمنة»، لخصت من خلاله القيود المفروضة على حرية تكوين الجمعيات في البحرين.
وتكمن أهمية التقرير في أنه جاء ليسجل كيف تراجع دور مؤسسات المجتمع المدني من خلال قبضة حديدية حولت الحيوية التي كانت تفخر بها البحرين قبل عدة سنوات إلى حال يرثى لها الآن.
وفي الواقع، فإن البحرين، حتى أيام قانون أمن الدولة، لم تقمع نشاطات جمعيات المهنيين، مثل المحامين والأطباء والمهندسين، أما الآن فقد استسلم حتى المحامون أمام ترسانة الإجراءات الخانقة التي تستهدف أي نشاط مدني لا يروق لبعض التوجهات النافذة حاليّاً.
من الملاحظ أيضاً، أنه في حال لم تتمكن الحكومة من ضرب مؤسسة مدنية أو مهنية أو عمالية، يتم إنشاء بديل مناقض لها، وبالتالي؛ فإن البحرين لديها الآن مؤسسات تلبس اللباس الأهلي والمدني، لكنها تدعو إلى القمع والضرب بيدٍ من حديدٍ على كل نشاط أهلي أو مدني.
وقد أشارت «هيومن رايتس ووتش» في تقريرها الأخير إلى أن الإجراءات والتشريعات الحكومية تقوِّض قدرة مؤسسات المجتمع المدني على العمل، «وأنه على رغم ازدهار محدود للمجتمع المدني منذ 2001، فإن المنظمات المدنية والسياسية والمهنية كانت تعمل بصعوبة، إذ ضيَّقت السلطات على قادتها وأعضائها واعتقلتهم ولاحقتهم قضائيّاً».
تقرير المنظمة الحقوقية الدولية شرح كيف أن «السلطات تستغل القانون لقمع المجتمع المدني وتقييد حرية تكوين الجمعيات بثلاثة طرق رئيسية: الرفض التعسفي لطلبات التسجيل، الإشراف التدخلي على المنظمات غير الحكومية، والحل والاستيلاء على تلك المنظمات التي انتقد قادتها مسئولي الحكومة أو سياساتها».
من المؤسف حقّاً أن يتم تقنين القمع والإجراءات الخانقة للحريات، ومن ثم ضرب الحريات العامة باسم حكم القانون. فالقانون يجب أن يعكس إرادة المجتمع (لا أن يقمعها)، والقانون يجب أن يلتزم بحقوق المواطنين الأساسية لكي يكون قانوناً عادلاً يؤسس لحياة حرة كريمة، وليس العكس.