منصور الجمري
الطقس في البحرين هذه الأيام معتدل، وعلى رغم أنه غائم جزئيّاً مع بعض الرطوبة؛ فإن السماء صافية، وتعتبر هذه الفترة من أفضل فترات الطقس سنويّاً… ويتمنى المرء لو أن الأجواء السياسية تتمتع أيضاً بشيء مماثل، لكن الواقع السياسي يغطيه الضباب من كل جانب، وهذا الضباب مملوء بالشكوك والمناوشات والتصريحات الحادة التي تحمل في طياتها التهديد والوعيد، إضافة إلى الخرافات والتهويلات التي تنشر هنا وهناك، والقرارات التي تنتهك أبسط حقوق الإنسان من دون أي اعتبار، ومن دون أي تفكير عقلاني، في ما ينتج عن ذلك من تفاقم الأزمة يوماً بعد يوم.
لا مفرَّ من الإقرار بأن استمرار الأخبار السيئة التي تحيط بالوضع البحريني؛ لا تُنهك موارد البلاد فقط؛ وإنما تضيِّع أية فرصة تتوافر للخروج مما نحن فيه بصورة حضارية، وبحسب ما أوصت بذلك لجنة تقصي الحقائق قبل عام، وبحسب ما أوصت المراجعة الدورية الشاملة التي جرت في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، وبحسب نصائح كل أصدقاء البحرين.
لدينا حاليّاً جيل من الشباب يكبر في ظروف صعبة، ومع استمرار أمد الأزمة؛ فإن هؤلاء الشباب يكبرون أيضاً ويرون أن طموحاتهم تتعثر أمام الواقع المؤلم، ويتشكل أمامنا حراك مختلف عن الماضي. هذا الحراك ربما يختلف عما تطمح إليه بعض الجهات النافذة والتي تسعى إلى إضعاف القوى السياسية والاجتماعية والدينية الحالية على أمل السيطرة على الوضع بالطريقة التي يودون.
لدينا جيل عاصر أحداثاً لم يعاصرها الآخرون من قبله، وهو يعيش في بيئة مفتوحة عالميّاً على رغم كل الإجراءات التي تصدر يوميّاً بهدف التضييق على الحياة العامة.
ما نحتاج إليه ليس المزيد من التهديدات والقرارات السالبة للحقوق؛ فهذه مهما ازدادت في قسوتها فإن مفعولها محدود؛ لأنها لا تحقق أمناً أو استقراراً، وهي تعود بالضرر على من يصدرها وينفذها أكثر من الضرر الذي تحدثه في الذين يتم استهدافهم. ما نحتاج إليه هو خطوات منفتحة على المستقبل، تتقدم إلى الأمام وتحتضن جميع فئات الوطن في واحة من الأمان وحقوق الإنسان… وبذلك يربح الجميع.