الدكتور غالب الفريجات
يقوم الغنوشي بخطوات تطبيعية مع الصهاينة، فزيارته للولايات المتحدة ولقاؤه مع منظمة ايباك ليست من باب الصدفة، او ان الرجل لايعي انعكاساتها، ولا يعرف ما تهدف اليه، لان منظمة ايباك معروفة لاصغر عامل في السياسة، لانها منظمة صهيونية لها ثقلها على الارض الامريكية، ولها دورها البارز في صناعة القرار الامريكي.
لقاء الغنوشي مع ايباك هذه المنظمة الصهيونية لايصب في باب الخطأ غير المقصود، لان الشيخ الغنوشي له تاريخه الذي يعتد به، وهو بلا شك كان قبل هذه الممارسة التطبيعية يشار اليه انه من رموز المناضلين، الذين ناضلوا ضد كل انواع القهر والجبروت والطغيان، وله اسمه الذي لا يستطيع احد ان ينكره في الساحة السياسية، وخاصة في الاسلام السياسي كرمز من رموز الحركات الاسلامية المناهضة، ولا يمكن له ان يسقط هذه السقطة عن جهل وبدون وعي.
الغنوشي قد حضر مؤتمر دافوس وهو من يعرف تمام المعرفة ان هذا المؤتمر يقوده ويخطط له الحركة الصهيونية فقد دعي له الى جانب رئيس الوزراء المغربي عبد الإله بنكيران والذي صرح ان الحركات الاسلامية اكثر انفتاحاً مما يظن البعض وقال " نحن منفتحون جداً ويمكننا ضمان مصالحكم واستثماراتكم بصورة افضل من قبل، ومصالحنا متكاملة، ماذا تريدون اكثر من ذلك "، وقد أكد كل من راشد الغنوشي وبنكيران " ان على الفلسطينيين أن يقرروا بأنفسعهم شأن طبيعة علاقاتهم باسرائيل " مما يعني خروج دائرة الصراع العربي الصهيوني من بعده القومي او الديني.
المنصف المرزوقي رئيس النظام التونسي الجديد، والذي جاء بصفقة مع الغنوشي وحركته الاسلامية، التي فازت كأكثر تنظيم سياسي في الانتخابات البرلمانية، صرح قبل ذلك ان تونس ليس لها اعداء، وعلى الفلسطينيين ان يحلوا مشاكلهم مع الاسرائليين بأنفسهم، فماذا يعني ذلك غير التطبيع بعينه مع الكيان الصهيوني؟، لانه لا ينظر لهذا الكيان انه قائم على العدوان على ارض فلسطين، وان مجرد وجوده يشكل خطراً على الامة العربية جمعاء بما فيها تونس.
لماذا يسقط الاسلام السياسي بهذه السرعة، وقبل ان يتلذذ بطعم السلطة؟، وهل ذلك عائد الى تحالفات سرية مع الامبريالية الغربية، وبشكل خاص الامريكية قبل ما اطلقنا عليه الربيع العربي؟، واذا كانت هذه افرازات هذا الربيع، فهل كان بعيداً عن نظرية المؤامرة على الامة، حيث انتهى دور البعض من عملاء امريكا في النظام العربي الرسمي، ولابد من الخلاص منهم، لانهم لم يعودوا يمثلون الدور المطلوب منهم، ووجدت امريكا ضالتها في الاسلام السياسي الذي سقط بسرعة فاقت كل التصورات، فمن يرى ممارسات رموز الاسلام السياسي في العراق وتونس ومصر وليبيا، وما يحاك اليوم ضد سوريا لابد وان يصل الى نتيجة واحدة، ان هناك اتفاق سري بين الاسلام السياسي والمخابرات الامريكية لقيادة النظام العربي الرسمي، مع بقية دول النظام الرجعية، والتي باتت مخلب تنفيذي لهذه المخابرات، سواء في ليبيا او ما يجري على الارض في سوريا.
الاسلام بكل تأكيد بريئ من ممارسات الذين اتخذوا منه طريقاً للوصول الى السلطة بأي ثمن، ولوي عنقه بتأويلات واجتهادات ليست مما يدعو اليه، تعتبر انحراف عن الايمان بمادئه، لانه دين تحرر وليس دين عبودية، ولا يضير الاسلام هؤلاء المنحرفين، الذين يريدون تحقيق مآربهم الشخصية على حساب العقيدة والمبادئ، و اي اتصال مع العدو الصهيوني او التخلي عن قضية فلسطين كقضية مركزية للأمة، تتجاوز التطبيع الى حد الخيانة، ولا ينفع اصدار التصريحات اللفظية بعد ممارسة الفعل التطبيعي في احضان ايباك ودافوس.
شبكة البصرة