هاني الفردان
بعد صدور قانون غرفة تجارة وصناعة البحرين الجديد، وفي ظل اللغط الكبير الذي دار بشأن استقلالية الغرفة، وخضوعها لوصاية الدولة، بعد 73 عاماً من الاستقلالية في صنع القرار، بات من الضروري النظر في التعددية أيضاً في المؤسسات الأهلية لأصحاب الأعمال.
عندما يتم الحديث عن الاتفاقيات الدولية بشأن التعددية النقابية، فالحديث هنا لا يعني أبداً الحراك العمالي بل يشمل في طياته أيضاً المؤسسات النقابية لأصحاب الأعمال.
وفي ظل تشجيع الدولة لمفهوم التعددية النقابية، بات من الضروري أيضاً تشجيع قيام غرفة ومؤسسات أهلية خاصة بأصحاب المؤسسات ورؤوس الأموال، وذلك للنأي والابتعاد عن التجاذبات السياسية في ظل تسييس المنظمة الحالية واستغلالها في كل صغيرة وكبيرة، إذ إن الاتهام بالتسييس ليس حكراً على أحد، ولا يمكن فقط وصمه بفئة دون أخرى، فالاشتغال بالسياسة يطال الجميع، كما أن الحظر يجب أن يطال الجميع.
وبخصوص القانون الجديد لغرفة تجارة وصناعة البحرين وردني هذا التوضيح من أحد أعضاء مجلس إدارة الغرفة، أكد فيه أن القانون بصيغته النهائية لم يعرض على مجلس الإدارة لإبداء أي رأى أو ملاحظات أو حتى الاطلاع عليه قبل اعتماده من الأعضاء.
عضو المجلس قال إنه «على يقين بأنه لم يُعرض حتى على هيئة المكتب، وإنما من خلف الكواليس وبين عضوين أو ثلاثة أعضاء من أصل 18».
مجلس إدارة الغرفة الحالي تعهد بالرجوع إلى الجمعية العمومية لأخذ الموافقة على مشروع القانون، إلا أنه تمت مخالفة ذلك بـ «أوامر من فوق» خوفاً من عرقلة الجمعية العمومية والتصويت ضد القانون ومن ثم إسقاطه قبل ولادته.
القانون الجديد يناقض نفسه، إذ ينص على أن السلطة العليا للغرفة هي الجمعية العمومية له، إلا أنه يعطي الوزير (السلطة) أن يعترض على القرارات.
شواهد التسييس الحاصلة في الغرفة واضحة وبينة للجميع، وبالتالي بات من الضروري الدعوة لقيام غرفة حرة، في ظل موضة «التحرير» التي نعيشها في مختلف المؤسسات الأهلية سواء كانت عمالية أم أهلية!
إنه التوقيت المناسب لخلق غرفة تجارة أخرى «حرة»، في ظل تشجيع الدولة لقيام المؤسسات المنشقة والمبتعدة عن التسييس! فالغرفة الجديدة بالتأكيد لن تخضع لوصاية الدولة، ولن تستمد قراراتها من وزير الصناعة والتجارة، ولن تنتظر موافقة مجلس الوزراء على كل شاردة وواردة، وهي بذلك ستبتعد عن سياسة الدولة ولن تكون مسيّسة، وبحسب الرؤية الرسمية للدولة فإن هذا النوع هو المطلوب ليطلق عليه «حر» أو «حرة» في حالة الغرفة.
الفرصة مؤاتية أمام المؤسسات الصغرى والمتوسطة والتي سحب البساط من تحت قدميها بفضل القانون الجديد للغرفة، والتي بحسب المادة 14 من القانون، فإن الغلبة ستكون دائماً للشركات ذات رؤوس الأموال الضخمة في أي عملية تصويت واتخاذ للقرار، والدعوة موجهة لهم لتشكيل تنظيم جديد حر يمثلهم بعيداً عن أي وصاية، يدافع عن حقوقهم ومكتسباتهم ومصالحهم، ومن دون الحاجة للتوصيات والتوجيهات والقرارات الفوقية المعتادة.
الدعوة أيضاً موجهةٌ لأصحاب الأعمال والتجار المستهدفين منذ عام ونصف، للخروج بـ «غرفة تجارة حرة» قادرة على الحفاظ على مكانتهم، بعيداً عن المتمصلحين والمتملقين والذين لا يملكون قرارهم بيدهم.
هذه الدعوة تقوم على أساس ما تتبناه السلطة في العمل النقابي، وهو أن فكرة التنظيم الواحد أصبحت سداً أمام التقدم، لأنه يحتكر التنظيم ويركز السلطة، وهو ما ينطبق أيضاً على تنظيم أصحاب الأعمال، المحتَكَر الآن من قبل جهة واحدة قبلت على نفسها الوصاية الفوقية وضيعت على بيت التجار 73 عاماً من الاستقلالية.
التعددية لا يجب أن تطال فقط المؤسسات التي لا تخضع لوصاية الدولة ومؤسساتها، بل يجب أيضاً أن تنتقل للمؤسسات التي تخضع لوصاية الدولة وسياستها غير المباشرة، فهذا الحق مكفولٌ للجميع، ومن حق أصحاب الأعمال تأسيس مؤسساتهم النقابية المستقلة والحرة، والتي لا تخضع لوصاية الدولة.