منصور الجمري
استوقفني حديث عضو مجلس إدارة مجموعة جواد التجارية الذي تحدث عن حملة الاعتداءات الممنهجة والمنظمة والمستمرة على محلات جواد؛ إذ بلغ عدد الاعتداءات 54 ما بين مارس/ آذار 2011 ومارس 2012، الذي استغرب أن المعتدين يسرقون حتى الحصالات التي تُجمَع فيها أموال للصدقات وتُوزَّع على الفقراء.
تذكرت أيضاً العام الماضي حادثة استثنائية، وهي قيام أحد أئمة المساجد بإلقاء خطبة أوضح فيها للمصلين حرمة سرقة محلات جواد القريبة منهم. ولن يكون مستغرباً لو أن من يقوم بمثل هذه الأعمال يصلي ويصوم أيضاً، فلدينا تاريخ جاهلي قبل الإسلام كان يجيز «الإغارة على الغير» كمصدر رئيس للرزق وأن الإغارات (والحروب أيضاً) كانت تتوقف في الأشهر الحرم (وهي أربعة ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب). وعندما جاء الإسلام عظّمها، وأيضاً حرّم الإغارات والسرقات كمصدر للرزق، وأن «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده».
بعد بزوغ فجر الإسلام، عادت بعض الجماعات للسرقة والإغارات، ومن أجل تبرير ما تقوم به فإنها قد تلجأ لاستصدار فتاوى تعلن من خلالها أن هذه الفئة أو تلك ليست من الإسلام، أو أنها تعادي الدين، وتحلل لنفسها إهدار دمها ومالها وحتى أكثر من ذلك.
وفي البحرين، وفي العصر الحالي، فإنك تسمع وتشاهد كيف تحدث «الإغارات» وكيف يتم التحريض عليها، ومن يحرض عليها، وتلاحظ أموراً – كما قال المتحدث باسم مجموعة جواد التجارية – «يندى لها الجبين»، تحدث في دولة القانون والمؤسسات.
الإنسان المتحضر لا يسرق ولا يمارس عمل الإغارات من أجل جمع المال أو من أجل الانتقام. فالبحريني المتحضر تراه في قديم الزمان مزارعاً، وصائداً للسمك، وغواصاً، وحرفيّاً، وتاجراً، وفقيهاً يخاف الله في معاملاته. والبحريني المتحضر في زماننا تراه أيضاً مزارعاً وعاملاً ومهندساً وطبيباً وإداريّاً تاجراً ومهنيّاً يأمن الناس منه، وينشر سمعة حسنة عن أهل البحرين أينما حلَّ وارتحل.
الذين يقومون بالإغارات على مجموعة جواد التجارية قد يظنون أنهم في مأمن في الدنيا، ولربما أنهم أيضاً يعتقدون بأنّ الله سيجازيهم خيراً لأنهم يعتدون على فئة «استحلت» أموالها… ولكنهم مخطئون، فزمن الإغارات قد ولى، والأساليب التي يستخدمونها مكشوفة، ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين، وفي زمان حقوق الإنسان، ونأمل من المسئولين القيام بواجبهم في هذا المجال، عبر إلقاء القبض على من يقوم بالإغارات وإعلان أسمائهم ليكونوا عبرة لغيرهم.