«العفو الدولية»: البحرين لم تُظهر التزاماً ملفتاً بتنفيذ «توصيات بسيوني»
الوسط – محرر الشئون المحلية
قالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها: «لقد انتعشت الآمال في البحرين في نوفمبر/ تشرين الثاني 2011 بأن يؤدي نشر تقرير مستقل أعده خبراء دوليون بشأن الانتهاكات التي شهدتها الاحتجاجات الجماهيرية إلى انفراج وبداية جديدة في البلاد. وبحلول نهاية العام، لم تكن الحكومة أظهرت بعدُ أيَّ التزام ملفت بتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصّي الحقائق التي تناولت نطاقاً واسعاً من المشكلات في البلاد».
جاء ذلك في التقرير الصادر عن «العفو الدولية» بعنوان: «عام الثورات: حالة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، وهو التقرير الذي يقع في 80 صفحة، وتناولت فيه تعاطي الحكومات في مختلف أرجاء المنطقة في العام 2011 مع ما وصفته بـ «الدعوات غير المسبوقة إلى الإصلاح الجذري».
——————————————————————————–
في تقريرها عن «حقوق الإنسان في الشرق الأوسط»:
«العفو الدولية»: البحرين لم تظهر التزاماً ملفتاً بتنفيذ توصيات «تقرير بسيوني»
الوسط – محرر الشئون المحلية
قالت منظمة العفو الدولية في تقرير لها: «لقد انتعشت الآمال في البحرين في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بأن يؤدي نشر تقرير مستقل أعده خبراء دوليون بشأن الانتهاكات التي شهدتها الاحتجاجات الجماهيرية إلى انفراج وبداية جديدة في البلاد. وبحلول نهاية العام، لم تكن الحكومة أظهرت بعدُ أي التزام ملفت بتنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق التي تناولت نطاقاً واسعاً من المشكلات في البلاد».
جاء ذلك في التقرير الصادر عن «العفو الدولية» بعنوان: «عام الثورات: حالة حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا»، وهو التقرير الذي يقع في 80 صفحة، وتناولت فيه تعاطي الحكومات في مختلف أرجاء المنطقة في العام 2011 مع ما وصفته بـ «الدعوات غير المسبوقة إلى الإصلاح الجذري».
وركز التقرير على أوضاع حقوق الإنسان في البلدان التي شهدت احتجاجات في العام 2011، وهي: تونس ومصر وليبيا وسورية والبحرين واليمن والعراق.
وفيما يتعلق بالبحرين، أشار التقرير إلى أنه خلال الشهور التي أعقبت الأحداث التي شهدتها البلاد؛ تدهورت أوضاع حقوق الإنسان، ولقي 47 شخصاً مصرعهم بأحداث متصلة بالاحتجاجات، واعتُقل أكثر من 2500 شخص، تُوفي خمسة منهم على الأقل في الحجز تحت التعذيب، وطُرد من العمل أو أوقف عنه نحو أربعة آلاف شخص كونهم لم يلتحقوا بأعمالهم خلال الاضطرابات، أو للاعتقاد بأنهم شاركوا في الاحتجاجات، ومن بين هؤلاء نحو 300 من موظفي شركة نفط البحرين (بابكو).
كما لفت التقرير إلى فصل عشرات الطلبة من جامعة البحرين، بينما توقف صرف مستحقات الكثير من الطلبة المبتعثين في الخارج، ومثُل العديد من المعتقلين أمام محكمة عسكرية خاصة (محكمة السلامة الوطنية التي أُنشئت بموجب قانون الطوارئ)، ناهيك عن الحُكم في أبريل/ نيسان 2011 على أربعة من المتظاهرين بالإعدام بتهمة قتْل ضابطي شرطة، وتم فيما بعد تخفيف حكم الإعدام بحق اثنين منهما إلى أحكام بالسجن، وأنه في يونيو/ حزيران الماضي حُكم على ثمانية من الناشطين السياسيين بالسجن مدى الحياة بتهمة التآمر من أجل الإطاحة بالحكومة.
وأشار إلى أنه تم الحُكم على 13 شخصاً بأحكام بالسجن تصل إلى 15 عاماً بتهمة محاولة الاستيلاء على مجمع السلمانية الطبي، معتبراً التقرير أن مقاضاتهم تقوم على خلفية حديثهم إلى وسائل الإعلام الدولية وتطرقهم إلى العنف الذي تعاملت به قوات الأمن مع المحتجين، ولسماحهم للإعلاميين بتصوير الجرحى أثناء تلقيهم العلاج.
وأضاف التقرير «تتضمن التهم الأخرى الموجهة إلى الطواقم الطبية والعاملين في المجال الصحي رفضهم توفير العلاج للمسلمين السنة من البحرينيين والعمال الأجانب، وسرقة الأدوية، وحيازة السلاح. لكن لم تُقدم في المحكمة أدلة قوية تثبت تلك التهم الموجهة إليهم».
كما ذكر التقرير أنه في مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حُكم على 60 شخصاً بأحكام متفاوتة بالسجن لمدد تصل إلى 25 عاماً بتهم ترتبط بالاحتجاجات.
وبيَّن التقرير أن التعاطي الأمني مع الاحتجاجات التي شهدتها البحرين، أثار ردود فعل دولية وبواعث قلق واسعة، وخصوصاً تلك المتعلقة بادعاءات وقوع الوفيات وحالات التعذيب والاعتقال.
وتطرق التقرير كذلك إلى ما وصفه بـ «التوصيات المهمة» لتقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، بما فيها تأسيس هيئة مستقلة تُعنى بحقوق الإنسان تُناط بها مهمة التحقيق في جميع المزاعم المرتبطة بحالات التعذيب، ومحاسبة المسئولين عن ارتكابها ومن ضمنهم الأشخاص الذين أصدروا الأوامر، وأنه ردّاً على ذلك، وفي غضون ثلاثة أيام من صدور التقرير، أعلنت الحكومة أنها شرعت بمقاضاة 20 ضابطاً زُعم أنهم استخدموا القوة بشكل مفرط خلال الاحتجاجات، والتعرض للمحتجزين بسوء المعاملة.
وجاء في التقرير: «على رغم القيام بتلك الخطوات الإيجابية، يمثل التوتر الطائفي في البلاد تهديداً طويل الأمد لأوضاع حقوق الإنسان في البحرين (…). وتفاقمت تلك التوترات بفعل تدمير ما لايقل عن 40 دار عبادة، ومواقع التجمعات الدينية التي تم تشييدها من دون استصدار التراخيص اللازمة، وزُعم استخدامها كمواقع لانطلاق الهجمات ضد قوات الشرطة».
وأبدى التقرير قلقاً من أن يكتسب ما اعتبره «العداء والعنف» بين المكونات المختلفة طابعاً مؤسسيّاً في البحرين، وأن تترسخ حالة عدم الاستقرار في البلاد، لافتاً في الوقت نفسه إلى تدهور أوضاع حقوق الإنسان في البحرين على نحو كبير خلال العام 2011 أثناء التعاطي مع الحركة الاحتجاجية التي وقعت في شهري فبراير/ شباط ومارس/آذار الماضيين.
وقالت «العفو الدولية» في تقريرها: «إن من شأن سرعة تنفيذ الحكومة لتوصيات اللجنة المستقلة التي رُفعت إلى عاهل البلاد في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ومدى امتثالها لها أن يضعا التزام الحكومة على المحك فيما يتعلق بالابتعاد عن ضروب الإساءة التي ارتُكبت خلال العام 2011».
وانتقد التقرير عدم اتخاذ مجلس الأمن أي إجراء للتعاطي الأمني مع الاحتجاجات التي شهدتها البحرين، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن مجلس حقوق الإنسان التابع إلى الأمم المتحدة لم يقم بأي شيء للتصدي لأوضاع حقوق الإنسان في البحرين خلال العام 2011، كما انتقد أيضاً ما وصفه بـ «تغاضي الاتحاد الأوروبي عن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين».
وأشار التقرير إلى أنه في شهر مارس من هذا العام، قام أشخاص من جميع أنحاء العالم بإضافة أسمائهم على عريضة على موقع منظمة العفو الدولية على شبكة الإنترنت تحمل عنوان: «ضمان تحقيق المساءلة فيما يتعلق باستخدام القوة المفرطة، والدعوة إلى توفير الحماية للمحتجين في البحرين»، وأن الكثير من المكاتب والفروع المحلية للمنظمة قامت بالترويج للتحرك كل على مواقعها، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة، وتم جمع نحو 50 ألف توقيع، جاءت في معظمها من البحرين.
وقالت المنظمة في تقريرها أيضاً: «إدراكاً منها لمدى حرص السلطات البحرينية على صورتها أمام الرأي العام؛ عمدت منظمة العفو الدولية إلى الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي، وخصوصاً موقع (تويتر)، من أجل تسليط الضوء أمام الرأي العام على حجم رد المنظمة المستمر على الأوضاع في البحرين وكيفية التصدي له».
وأشارت إلى أنه في معرض تصديها لاعتقال العاملين في القطاع الصحي في البحرين ومحاكمتهم في المحكمة العسكرية، بادرت منظمة العفو الدولية إلى الدعوة إلى التحركات العاجلة بهذا الخصوص، وتابعت المحاكمات وراقبتها، وساهمت في رفع صوت أولئك العاملين عالياً في أروقة الشبكات الدولية المعنية بالمجال الصحي وجمعياتها والدوريات البارزة في مجال الأبحاث الطبية، كما قامت بنشر مقتطفات من مدونات أشخاص ثقات ومعروفين من البحرين الذين تأثروا من التعاطي الأمني مع الأحداث التي شهدتها البلاد، بحسب ما جاء في التقرير، وتوقع التقرير بصورة عامة، أن يستمر تسميم أجواء الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في 2012 جراء العنف والقمع الذي تمارسه الدول، ما لم تستيقظ الحكومات في الإقليم والقوى الدولية إلى مدى عمق التغيرات المطلوبة منها للتعامل مع ما يحدث، وفقاً للمنظمة.
وقالت المنظمة في تقريرها: «إن حركات الاحتجاج في الإقليم لم تبد مؤشرات تذكر على أنها توشك على التخلي عن أهدافها الطموحة أو تقبل إصلاحات بالتجزئة».
وفي هذا السياق، قال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالوكالة في المنظمة فيليب لوثر: «إن الحكومات، وباستثناءات قليلة، لم تدرك بعد أن كل شيء تغير. فقد برهنت حركات الاحتجاج في شتى أرجاء الإقليم، التي قادتها الأجيال الشابة ولعبت فيها النساء دوراً محوريّاً في بعض الحالات، على مدى إصرارها بصورة مدهشة في وجه أشكال من القمع تُفقد المرء صوابه في بعض الأحيان».
وتابع قائلاً: «أظهرت الجماهير المحتجة أنها لن تنخدع بسهولة بإصلاحات لا تغير شيئاً يذكر في طريقة تعامل الشرطة وقوات الأمن معها. وهي تريد رؤية تغييرات ملموسة في النهج الذي تحكم به».
وأشارت المنظمة في تقريرها، إلى أن طريقة تعامل القوى الدولية والهيئات الإقليمية، كالاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، مع التطورات في الإقليم في العام 2011 اتسمت بعدم الثبات، وفشلت في أن تلتقط عمق التحديات التي تواجهها أنظمة الحكم القمعية المتجذرة في الإقليم، بحسب ما جاء في التقرير.
ومضى فيليب لوثر إلى القول: «إن دعم القوى العالمية للناس العاديين في الإقليم كان انتقائيّاً وموسميّاً بثبات.
ولكن ما يثير الدهشة بالنسبة إلى العام الماضي هو أن التغيير قد تحقق إلى حد كبير– رغم وجود بعض الاستثناءات – نتيجة تدفق الأهالي إلى الشوارع، وليس بتأثير من القوى الأجنبية أو مشاركتها».
وختم حديثه بالقول: «ما يمدنا بالأمل في أن يكون 2012 عام خير لحقوق الإنسان؛ هو رفض الناس العاديين في مختلف أرجاء الإقليم لأن يرتدعوا، على رغم القمع، عن نضالهم من أجل الكرامة والعدالة»
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3412 – الثلثاء 10 يناير 2012م الموافق 16 صفر 1433هـ