(1) حاولت أن اجد مبررا واحدا يقنعني بجدوى تدافع الزعامات العربية نحو واشنطن الظالمة المستبدة. هل يريدون تبرئة ساحتهم من تهمة الإرهاب والأصولية الدينية المتزمتة؟ لن يجدي ذلك نفعا. انه عجيب أمر قياداتنا العربية ومثقفينا، فلماذا نحن عرب اليوم دائما نشعر بالدونية وبسرعة الاستجابة لكل ما يطلب منا دون مقابل، واذكر بأنه في فترة من الزمن ذهب علماء الفقه الإسلامي من العرب بأوامر من واشنطن إلى أفغانستان إبان حكومة طالبان لانقاذ تماثيل بوذا من الهلاك، لكننا لم نرهم يتدافعون نحو غزة لرفع الحصار الذي تفرضه سلطات رام الله المحتلة ومصر وإسرائيل كما يفعل الكثير من أخواننا المسيحيين عبر موانئ قبرص، ولم يهبوا لنصرة السودان والصومال.
الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة اليمين المتطرف (صهيوــ مسيحي) تمارس علينا ابشع صنوف الارهاب بما في ذلك جرائم الابادة الجماعية، ومع ذلك ما برح قادتنا وكتابنا يسيرون في الفلك الأمريكي وكأنه قدرهم.
في العراق وقعت اتفاقية بين الغزاة ولصوص بغداد تنظم العلاقة فيما بينهم، ويضمن بعضهم مصالح بعض دون الاهتمام بمصالح الشعب العراقي الشقيق، وتنظم وجود القواعد الأمريكية ودورها في العراق علما بأنه يوجد في السجون الأمريكية في العراق ما يزيد عن 16 الف سجين عراقي وما خفي كان اكبر. ان هذه الاتفاقية تمثل سابقة في تاريخ المنطقة الحديث قد تطبق في أماكن أخرى من العالم العربي عن طريق القوة والاحتلال ما لم يرفضها العرب ويرفضون التعامل مع حكومة العراق المنصبة من قبل المحتل، إنها اتفاقية بين لصوص وحماتهم.
السؤال الذي يطرح نفسه هل ستقبل إدارة اوباما المنتخبة حماية ما هو غير قانوني كما هو حادث في العراق؟ لا شك بان ردود الأفعال الشعبية والمقاومة العراقية على هذه الاتفاقية ستؤخذ في الاعتبار، وعلينا الانتظار.
(2)
إذا نظرنا جنوبا نجد أن الصومال يتخبط في حروب وانقسامات واحتلال بمباركة بعض الحكام العرب وكأن الصومال ليس عضوا في جامعة الدول العربية وعضوا في منظمة المؤتمر الإسلامي. ولقد جد على الساحة الصومالية معضلة أخرى وهي ما عرف بالقراصنة الصوماليين، من هم هؤلاء القراصنة؟ ومتى ظهروا على الساحة؟ المعلوم أن الأسطول الخامس الأمريكي يسيطر على المنطقة من الخليج العربي مرورا ببحر العرب وخليج عدن وحتى السواحل الكينية، وهذا الأسطول به كل أنواع السلاح البحري الأمريكي من الغواصات إلى حاملات الطائرات، أضف إلى ذلك قوات بحرية ألمانية وروسية وفرنسية وايطالية، وفي منطقة ليست بها غابات ولا جبال شاهقة ولا وديان وفوق هذا كله لم يتمكنوا من الحد من 'القرصنة الصومالية' ماذا يعني ذلك؟ ألا يعني أن هذه القرصنة تسير وتنفذ مهامها تحت بصر هذه الجحافل الغربية المسلحة؟ بهدف ابتزاز المنطقة ورفع أسعار التأمينات على المرور هناك لصالح الشركات الغربية والبحث في إقامة قواعد دائمة على اراضينا وفي مياهنا وبالقرب منا وبطلب عربي وموافقة دولية.
اذكر الناس جميعا بقضية ألغام البحر الأحمر في عام 1988 من القرن الماضي التي قيل انها تهديد الملاحة فيه الأمر الذي دفع بدول الخليج العربي وبعض الدول العربية المطلة على البحر الأحمر باستئجار كاسحات ألغام وغواصات بحرية بأثمان مضاعفة جدا واستقدام غواصين من كل هواة الغوص في العالم للبحث عن تلك الألغام بأجور باهظة، والنتيجة لا وجود لتلك الألغام إلا ما بثته الدول المحرضة علينا. بكلمات بسيطة إنها مشاريع ابتزاز وتخويف لامتنا العربية والإسلامية وقادتنا على الأرائك متكئون.
(3)
قرأت ما كتبه بعض كتاب عرب الخليج والجزيرة عندما دعوا في كتاباتهم إلى الانصراف عن اهتمام امتنا العربية بالشأن الفلسطيني من اجل التفرغ للتنمية الوطنية، وهذه الدعوة تزامنت مع تكاثر 'بدعة مؤتمرات حوار الأديان' التي تجتاح العالم العربي بهدف إرضاء أمريكا واسترضاء الكيان الإسرائيلي، والهول عندي شديد إذا كان الكاتب لا يعلم أن ما انفق وينفق من معونات مالية وغير ذلك من اجل فلسطين منذ عام 1948 وحتى الآن لا يساوي إنفاق يوم واحد من المال العربي على احتلال العراق وإذكاء نار الفتنة في السودان وكذلك الصومال، انه لا يساوي حصة فرد واحد من سمسرة (كمشن) على مشتريات صفقتين من صفقات التسلح التي لم تردع عدوا ولم تشد من أزر صديق.
كلمة أخيرة: علي أن أقدم اعتذاري الشديد إلى الأمة العربية والإسلامية عن زلات هؤلاء الكتاب الذين يلهثون نحو السراب الخادع، وادعوهم إلى عدم الاندفاع في معراج ثقافة السلام الخادع والاستسلام المبين.