لماذا هوجمت غزه في هذا الوقت؟ سؤال ربما يختلف كثير ممن يعنيهم الأمر في الاجابه عليه! الا ان الاحاطه ببعض المبررات التي تقف وراء العدوان الصهيوني قد تمكننا من تلمس الطريق لفهم السؤال والاجابه عليه ومنها:
أولا – تخليص الرئيس بوش من مأزقه الكبير ووعوده للفلسطينيين بإنشاء دولة فلسطين المستقلة في نهاية عام 2008 ومن هنا لم يعد احد يتحدث عن مصير تلك ألدوله المزعومة لأنها ماتت تحت أنقاض وركام القصف الصهيوني لغزه.
ثانيا – توجيه أنظار العالم عن الحادثة المثيرة أو التخفيف من تداعياتها التي كان بطلها الصحفي العراقي منتظر الزيدي الذي رشق الرئيس الأمريكي بوش بزوجي حذائه في سابقه تركت بصماتها على كافة الصعد العربية والعالمية ومن هنا جاء هذا العدوان ليبعد هذه ألواقعه عن اهتمام الرأي العام في كل مكان.
ثالثا – تكرار نفس السيناريو الذي نفذه الصهاينة في جنوب لبنان عام 2006 حيث سينتهي الأمر الى وضع قوات دوليه ظاهرها الفصل بين الجانبين الفلسطيني والصهيوني وباطنها وهدفها هو حماية الكيان الصهيوني من هجمات المقاومة الفلسطينية.
رابعا – تفكيك العلاقة بين حركة حماس وحاضنتها ألشعبيه لاسيما في غزه التي كانت مركزاساسي للحركة وقوتها.
خامسا – إعادة القضية ألفلسطينيه إلى المربع الأول وتجريف المطالب ألفلسطينيه وتقليمها وصولا إلى تصبح في حدود مشكله وليس قضيه متكاملة الأبعاد كما يجتهد مناصري تحرير فلسطين بالتعامل معها.
سادسا – فصل غزه عن باقي الأراضي ألفلسطينيه قولا وفعلا ولانستبعد أن يفكر البعض بإعادة السيطرة ألمصريه على غزه من جديد مثلما يرى البعض امكانية ارجاع الضفه الغربيه الى السيطره الاردنيه وهنا نذكر ان الضفه الغربيه وغزه كانتا بيد النظامين المصري والاردني ولم يفكر اي منهما في اقامة دوله فلسطينيه على هذه الاراضي قبل نكسة عام 1967 .
سابعا – فرصه للتخلص من حماس او إضعافها إلى الحد الذي لاتكون فيه قوه منافسه وخصم قوي لانصارمؤتمر مدريد الاستسلامي وفي مقدمتهم رموز السلطة ألفلسطينيه أمثال أبو مازن ومجموعته.
ثامنا – تحطيم إرادة ألمقاومه لدى الشعب الفلسطيني وان تكون معاناة غزة درسا ونموذجا للآخرين.
تاسعا – تغليب روح ألمهادنه ودعم معسكر التسوية في منهج عمل فصائل ألمقاومه على القتال والخيار العسكري.
عاشرا – دعم وإسناد مايسمى بمعسكر الاعتدال العربي في الانظمه العربية لاسيما دعم النظام المصري والأردني والقطري والسعودي وغيرهم.
احد عشر – انكفاء اهل غزه على انفسهم والتركيز على اعادة بناء ماتم تحطيمه من بنى ارتكازيه وترميم الوضع النفسي لسكان غزه
ان مايجري في الارض المحتله وتحديدا في غزه لايبتعد كثيرا عما حدث ولايزال يحدث في العراق وان مانراه اليوم من جرائم بشعه في غزه مشابهه لما يحدث يوميا في العراق على يد المحتل الامريكي الصهيوني .
ان الانظمه العربيه التي لم تحرك ساكنا عندما استبيح العراق بل ان اغلب هذه الانظمه وفر او شارك في احتلال العراق لايتوقع منها ان تفعل شيئا لاهل غزه خارج مصلحة الكيان الصهيوني ومانراه اليوم من انقسام حول الموقف من جرائم الصهاينه على شعب غزه العربي بات امر طبيعي لان لكل من الانظمه مرجعيته التي لابد وان يعود اليها في كل صغيره وكبيره ومن هنا لن يحدث اي شئ الا بعد ان ينتهي الكيان الصهيوني من تحقيق كامل اهدافه او الجزء المهم منها بعمليته العسكريه الهمجيه..اما مانسمع عنه من جعجعةكلاميه ومؤتمرات عربيه هنا وهناك فهي لاتعدو ان تكون مجرد ذر الرماد في العيون ليس الا.
ان ملاحظه متأنيه لما نراه من قتل وتدمير ضد غزه يذكرنا بما نراه يوميا في العراق رغم ان الاعلام لايسلط الضوء عليها فهناك اليوم طبخه اخرى ضد العرب ابطالها الانظمه العربيه ونعيد هنا الى الاذهان مايؤكد الترابط العضوي بين استهداف غزه وما جرى عندما تم غزو العراق عام 2003 .
فعندما بدء الغزو الأميركي – الصهيوني على العراق , قدّمت المذيعة" الإسرائيلية" ميكي حايموفيتش برنامجا" على التلفزيون " الإسرائيلي" والذي اظهر مدى الغبطة والانتشاء الذي رافق هذه المذيعة طيلة فترة البرنامج , ولم لا؟ فإذا كان ضرب العراق هو مهمة نفطية أميركية فان " لإسرائيل" مهمات أخرى تستطيع منها جني ثمار لم تكن لتحلم بها .
قالت المذيعة : لكم انتظرنا هذا اليوم , كم نحن سعداء , ثم أرادت أن تقدم المفاجأة حيث انضم إلى برنامجها مصمم "إسرائيلي " في المدن حيث أخذ يفاخر بأنه تبرع بتقديم خرائط مفصلة عن الأماكن الأثرية العراقية للقوات الأميركية ( دون مقابل!( ثم تتابع المذيعة قولها:" ينبغي أن يبادر طيارو التحالف الى قصف هذه الأماكن الأثرية من البر والبحر والجو لأنها أخطر من أسلحة الدمار الشامل " وتضيف:
" لا يمكن التخلص من الإرهاب الشرقي إلا بتدمير شامل للتاريخ ", احرموا سكان هذا الجزء من العالم تاريخهم الحضاري المتراكم , وحرروهم من تراثهم واتركوهم بلا ثياب داخلية ".
في مقابل هذا أصدر عدد من حاخامات اليهود في "إسرائيل" فتوى "دينية !" مع بدء الحرب تنص على أن العراق هو جزء من أرض "إسرائيل " الكبرى
وطلبت هذه الفتوى من الجنود اليهود في الجيشين الأميركي والبريطاني والذين يربو عددهم على الأربعة آلاف عنصر ويشاركون في الحرب على العراق أن يؤدوا الصلاة الخاصة عندما يقيمون كل خيمة أو بناء في أرض غرب نهر الفرات وأن يتلو كل جندي يهودي حين يشاهد بابل "صلاة " تقول: مبارك أنت ربنا ملك العالم لأنك دمرت بابل المجرمة!.
وفي خطٍ مواز , فقبل بدء الهجمات الأميركية على العراق , ردد الجنرال الأميركي وليام دالاس قائد القوات الأميركية في الكويت كلمات في جنوده لتحفيزهم على القتال حيث قال : مثل صوت الرعد الذي يهزّ الجبال , ومثل صوت النار التي تأكل الهشيم ..هانحن المستعدون للحرب .. سنتحرك يا رجال " . وببساطة فان ما قاله هذا القائد الأميركي لا يعدو كونه تردادا" لما ورد بشكل حرفي في التوراة في سفر يوئيل .
وعلى نفس المستوى من الجاهزية, أشارت صحيفة نيويورك تايمز الى أن جنودا" أميركيين وليسوا إسرائيليين!! فتشوا مقر الاستخبارات العراقية في بغداد بحثا" عن نسخة قديمة من كتاب التلمود تعود الى القرن السابع .
في حين كان الرئيس الأميركي يهدي شارون " خريطة للأراضي المقدسة"! تعود إلى عام 1678حيث تشمل هذه الخريطة دول المشرق العربي "بلاد الرافدين وبلاد الشام" بما فيها طبعا" مدينة بابل , ثم أن العراق بعد احتلاله شهد نشاطا"واسعا" لممثلي الوكالة اليهودية والموساد , بحيث يعملون تحت إشراف الوزير المتطرف " ايهود أولمرت " وبالتنسيق المباشر مع مركز العمليات المشترك للموساد ووكالة الاستخبارات الأميركية . CIA
اذن لافرق عند الصهاينه وادواتهم من تدمير العراق او فلسطين او لبنان فكل المنطقه هي هدف مباشر ولم يعد هذا سرا تخفيه (اسرائيل) بل اصبح لديها القدره على التبجح به ولكن لاحياة لمن يعنيهم الامر من الانظمه العربيه التي لايهمها سوى الحفاظ على كراسي الحكم ولو شكليا وليأتي على الامه بعد ذلك الطوفان.
ان الذي نتمناه على من يدعون معاداتهم للمشروع الصهيوني الامريكي ان يوحدوا جبهتهم فالعدو واحد في العراق وفلسطين وفي كل ارض العرب والمسلمين واعداؤنا لن يستكينوا الا بعد ان يحققوا كل اهدافهم ضد العرب والمسلمين لاسيما وقد تيسر لهم ادوات تتبرع بخدمتهم حتى وان لم يطلبوا منها وفي المقدمه منهم الانظمه العربيه المتهرئه فحسبنا الله ونعم الوكيل.