د. محمد صالح المسفر
(1)
لا يمكن الحديث عن تداعيات غزو العراق واحتلاله من دون الالتفات الى احداث مطلع حقبة تسعينيات القرن الماضي، انهيار الاتحاد السوفيتي حليف العرب، تدمير يوغسلافيا احدى ركائز دول عدم الانحياز وتفتيت وحدتها الى خمس دول بعد حرب ضروس انتقاما لدورها التاريخي في نصرة قضايانا العربية، ومن المجحف ايضا ان نتحدث عن حال العراق اليوم من دون الالتفات الى مطلع القرن الواحد والعشرين الذي لم يكن فاتحة خير على امتنا العربية والاسلامية وما لحق بنا جميعا، واهم تلك الاحداث تفجيرات مركز التجارة العالمية في نيويورك ومحاولة تدمير وزارة الدفاع الامريكية في واشنطن وغزو افغانستان واحتلالها ثم غزو العراق واحتلاله.
كل هذه العوامل وغيرها يجب اخذها في الاعتبار عند الحديث عن غزو العراق من قبل بريطانيا وامريكا عام 2003، وجدير بالقول انه لا يتسع المجال هنا لتناول تلك العوامل في مقال محددة كلماته مسبقا.
(2)
بعد احتلال العراق نتيجة لاكاذيب اشاعها الرئيس بوش الابن واركان نظامه التي وصلت الى 935 اكذوبة خلال الاعوام 2001/2003 كما ورد في تقرير مركز ‘من اجل السلامة العامة ومن اجل صحافة مستقلة’ امعنت سلطات الغزو وعملاؤها في تدمير العراق تدميرا شاملا بكل معنى التدمير الشامل، ولاحقت علماء واساتذة الجامعات العراقية لتصفيتهم. جنرال فرنسي متقاعد يروي للتلفزيون الفرنسي القناة الخامسة في 8 نيسان (ابريل)/2004 ان اكثر من 150 جنديا اسرائيليا من وحدة الكوماندوز دخلوا العراق بمعرفة لجان التفتيش عن اسلحة الدمار الشامل في العراق لاغتيال علماء العراق الذين يعملون في برنامج التسلح العراقي وكان عدد العلماء العراقيين المستهدفين 3500 عالم.
كان التدمير يشمل استهداف العقول العراقية والاراضي الزراعية وتدمير وحدة الدولة، وفي المجال الزراعي اصدرت سلطات الاحتلال قانون رقم 81 لتمكين شركة مونسانتو الامريكية من بيع بذورها القاتلة للفلاح العراقي كما ان الاراضي الزراعية والمراعي قد تلوثت نتيجة لاستخدام اليورانيوم المنضب الذي لوث الاراضي الزراعية لتنتج مواد غذائية للانسان والحيوان مسرطنة الامر الذي ادى الى انتشار امراض السرطان بين السكان العراقيين، وشتان بين القانونين قانون 80 القاضي بتأميم امتيازات النفط الذي اصدرته الحكومة الوطنية العراقية في ستينات القرن الماضي وقانون 81 القاضي بتدمير الاراضي الزراعية بطرق متعددة في ظل حكومة الاحتلال بقيادة نوري المالكي.
(3)
خسر العرب العراق من اجل استعادة مديونية تقدر بعشرة مليارات دولار مستحقة على العراق كان بامكان القادة العرب اقناع الاطراف المختلفة (العراق والكويت) بتدبير ذلك المبلغ، الا ان الامور سارت في غير اتجاه وخسر العرب العراق وخسروا اكثر من 400 مليار دولار نتيجة لتلك الحرب على العراق التي استمرت (13 سنة حصار واستنزاف + 10 احتلال)، وانهارت معاهدة الدفاع العربي المشترك لان معظم الدول العربية بما في ذلك مصر شاركت في حصار العراق وتسهيل غزوه واحتلاله..
في الجانب الامني تجتاح دول مجلس التعاون اعمال عنف/ارهاب لم تسلم دولة من هذه الدول من تفجيرات ومحاولة اغتيال كان اخرها محاولة اغتيال الامير محمد بن نايف وزير الداخلية السعودي الآن، وتنتشر الخلايا الايرانية النائمة في كل هذه الدول وخاصة البحرين والكويت،
في غياب العراق اشتد الدور الايراني واصبحت ايران تسيطر على العراق الشقيق كقوة احتلال جديدة بعد انسحاب بعض وحدات القوات الامريكية من العراق وكذلك سورية. الى جانب ايران نشطت تركيا الباحثة عن دور في المنطقة وهي لا شك قادمة لاداء ذلك الدور ولا يمكن تجاهل الهند التي يعيش بيننا ما يقارب 6 ملايين هندي يحولـون لبلادهم 40 مليار دولار سنويا كمـا قـال بـذلك السفير الهندي في البحرين (الوسط البحرينية).
اما التداعيات الاقتصادية فحدث ولا حرج، في الشأن العراقي دخلت دول مجلس التعاون استجابة لطلب امريكي بالمشاركة في اعادة اعمار العراق ودفعت اموالا طائلة ولم يعمر العراق بل نهبت كل اموال التعمير، وكذلك اعمار افغانستان، اي ان امريكا تدمر ودول الخليج عليها ان تتحمل اعادة اعمار ما دمرته الحروب.
جانب اخر هو من يتحمل تلكفة القوات الاجنبية في الخليج العربي فمثلا: حاملة الطائرات الواحدة تستهلك 5628 جالونا في الساعة، وقاذفات القنابل ب51 تستهلك 3612 جالونا في الساعة، وطائرات اف 15 تحرق 240 جالونا في الدقيقة الواحدة (مركز ابحاث الخليج).
السؤال ما هو نصيب دول الخليج من هذه التكاليف، علما بان هذه القوات البريطانية الامريكية جاءت لحماية الخليج واهله من صدام حسين.
(4)
واخيرا وليس اخرا يرتكب وزير ‘العدل’ العراقي مجازر وجرائم ضد الانسانية لاعدام ابرياء بموجب تقارير ‘منظمة المخبر السري’ التي شكلها نوري المالكي، ويقول في حديث صحفي انه سيجعل العراق الدولة الاولى في العالم التي تنفذ احكام الاعدام ضد المتهمين بموجب محاكمات صورية معتمدة على الكذب والبهتان
اخر القول: نناشد زعماء العرب ومثقفيهم واحرار العالم المطالبين بحقوق الانسان انقذوا الشعب العراقي من نوري المالكي وزمرته قبل فوات الاوان.