منصور الجمري
منذ أن اجتمع سمو ولي العهد مع الجمعيات المعارضة والموالية، فإن الحراك السياسي بدأ ينشط على مختلف المستويات. فعلى المستوى الدولي كان هناك «ترحيب حار» من المفوضة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون، التي كانت قد بدأت جولة خليجية في الوقت الذي بدأ الحديث عن إعادة تنشيط عملية الحوار في البحرين… ولكنها سارعت إلى ترحيبها بالتطورات السياسية الأخيرة في البحرين.
كانت لافتةً إشارة أشتون إلى أهمية اللقاءات التي أعلن عنها في البحرين في 15 يناير/ كانون الثاني 2014، ولاسيما اللقاء مع الأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، وهو الذي تم التحقيق معه قبل فترة وجيزة من الاجتماع بصورة وتَّرت الأجواء حينها. هذا إضافة إلى مشاركة مساعد أمين عام الوفاق خليل المرزوق الذي سُجن في سبتمبر/ أيلول 2013 ولايزال يخضع لمحاكمة، وهذا كله يفسر الترحيب الدولي، الذي اشتمل أيضاً على تصريحات مشجعة من أهم أصدقاء البحرين الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. تركيز البيانات الدولية كان أيضاً على ضرورة تلبية تطلعات «جميع البحرينيين»، من دون استثناءات، وأن ذلك هو «ضمان التهدئة الدائمة للتوترات في ظل احترام حقوق الإنسان ودولة القانون».
وتأسيساً على هذا الترحيب الدولي، أعلنت وزارة الخارجية عن توصلها إلى اتفاق مع المفوضة السامية لحقوق الإنسان في جنيف نافي بيلاي «بشأن الإطار المرجعي للتعاون التقني وبناء القدرات بين مملكة البحرين ومكتب المفوضة السامية لحقوق الإنسان»، إذ أشار بيان رسمي إلى أن وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أطلع بيلاي «على آخر التطورات الحقوقية والسياسية في مملكة البحرين»، والتي كان آخرها اجتماع ولي العهد مع الأطراف المشاركة في حوار التوافق الوطني بهدف «إزالة أي تحديات تعترض هذا الحوار، إدراكاً من القيادة لأهمية الحوار الوطني في تقريب وجهات النظر وتلبية تطلعات كل البحرينيين، واستعرض المرحلة الجديدة للحوار التي ستتسم بالجدية والمصداقية والمسئولية التي تضع المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار».
ولكن كل ذلك الترحيب الإيجابي، وأيضاً الاستجابة الإيجابية من الذين شاركوا في لقاءات ولي العهد لا يعني أن الطريق سهل، وهو ما تشهد به مواقع التواصل الاجتماعي التي اشتعل فيها النقاش من كل جانب، كما أن الجمعيات الموالية أصدرت بياناً مساء أمس أعلنت فيه ترددها وشكوكها في طريقة الحوار المقترحة، وكل هذا متوقع لأن إحدى مشكلاتنا هي «انعدام الثقة» من كل جانب. هذه المشكلة كانت تتعمَّق باستمرار وأوصلتنا إلى التوتر الطائفي والانقسام المجتمعي، وانفصال شبه تامٍّ بين الجهات الرسمية ونصف المجتمع. الطريق صعب، ولكن لابد من سلكه لكي نجد السبيل الأفضل لإعادة الثقة والتوصل إلى تسويات ضرورية لاستقرار البحرين وحفظ حقوق جميع البحرينيين دون استثناء.