الطائفية غطاء لمشكلة أخرى
منصور الجمري
جوهر المشكلة في البحرين لا علاقة له بالطائفية، رغم أن الممارسات الطائفية انتشرت بصورة سرطانية، ورغم أن الاستهداف الحالي يتجه نحو طائفة معينة توجَّه إليها التهم الباطلة وتفصَل من وظائفها وتحارب في رزقها وتمنع من ممارسة حياتها اليومية كمجموعة بشرية لها حقوق وعليها واجبات كما هو الحال مع أي مجموعة بشرية أخرى. إن جوهر المشكلة يتعلق بالمطالبة بالحقوق الأساسية المنصوص عليها في المعاهدات والمواثيق الدولية والمنصوص عليها في ميثاق العمل الوطني وفي الدستور. وعليه، وفيما لو تخلت هذه الفئة أو تلك عن المطالبة بحقوقها فستجد أن الحديث عن المشكلة الطائفية ينتهي بصورة سريعة.
الطائفية يتم خلقها وفرضها على المجتمع البحريني من أجل أن ينشغل ببعضه البعض، ومن أجل أن يحسد كل واحد الآخر، ويتم تسليط فئة على أخرى لكي يتحول الموضوع من المطالبة بالحقوق الإنسانية المشروعة إلى نوع من الاضطرابات الطائفية. والأمر في البحرين حالياً تعدى ذلك؛ إذ إن جهات رسمية تردد حججاً واهية وتقول إن على هذه الفئة، مثلاً، أن تتفاهم مع تلك الفئة، وبعد أن يتفقا مع بعضهما بعضاً فإن تلك الجهات الرسمية ستتفضل وتبدأ بالاستماع إلى المطالب. ونحن نعلم أن الذي اختلق تلك المشكلة الطائفية سيختلق ألف مشكلة لمنع التوصل إلى تفاهم بحيث لا يمكن في يوم من الأيام التحدث عن المطالب العادلة.
حجة بعض الجهات الرسمية أن الاستجابة للمطالب العادلة لم يكن ممكناً بسبب اختلافات طائفية إنما هي حجة واهية ومكررة، وإذا انتفعت منها هذه الجهات لفترة مؤقتة عبر استهداف فئة دون غيرها، فإن هذا الأمر لا يدوم، بل إنه ينقلب على من سار في هذا الاتجاه غير السليم.
البعض يحاول استغلال موسم العاشوراء لتأجيج نزاع طائفي غير موجود من الأساس، وهذا شبيه بما حدث في 1953 عندما تم استهداف مواكب العزاء في المنامة آنذاك، وكانت النتيجة أن وجهاء الشيعة والسنة توجهوا بكل شجاعة إلى الجميع وأبعدوا الفتنة ووحّدوا المجتمع حول المطالب التي تجمعهم. وقد يكون الوضع مختلفاً الآن؛ لأن المنتفعين من التوترات الطائفية ازداد عددهم، ولكن هذا صحيح لأن الأغلبية العاقلة ظلت صامتة خشية من استهدافها بالطرق غير الإنسانية التي شهدها العالم، وصدر تقرير بسيوني ليكشف بعضها.
ليس خافياً على أحد من يقف خلف العناصر الطائفية، كما ليس خافياً على أحد أنه يمكن ببساطة كبح جماح هذه العناصر، ولكن البعض ربما يعتقد بأن التوتر الطائفي والتنافر بين مختلف شرائح المجتمع يصب لصالحه، وبالتالي فقد يسعى لصب الزيت على النار، والمضي قدماً في خطة الاستهداف… ولكننا نعود لنقول بأن المشكلة في البحرين ليست طائفية، وإنما هي – في جوهرها – بين دعاة الإصلاح وأعداء الإصلاح
صحيفة الوسط البحرينية – العدد 3375 – الأحد 04 ديسمبر 2011م الموافق 09 محرم 1433هـ