منصور الجمري
الوضع الحالي مشلول سياسيّاً، وهذا له تبعاته الكثيرة على جميع المستويات. الشلل السياسي ليس خياراً حسناً؛ لأنه يؤجل تحريك المياه في الحياة السياسية بصورة إيجابية. إننا بحاجة إلى توجه الطاقات نحو التفاهم الذي يلبي طموحات إصلاحية مشروعة، وبحاجة إلى أن نعي بأن تأجيل الحل السياسي ربما يفيد على المستوى التكتيكي، ولكن مضاره الكثيرة واضحة للعيان، بدليل أن تأزيم الأوضاع سرعان ما يعود إلى السطح ليُذكّر الجميع بأن ما يحدث ليس مجرد أحداث أمنيّة تصدع الرأس، وإنما هي أعراض لحالة مزمنة.
من المدهش جدّاً أننا لا نكاد نشعر بأننا خرجنا من مشكلة إلا ونرى البلاد تعود إليها وكأن شيئاً لم يحدث، وسرعان ما تتبدد الآمال بشأن انفراج الأوضاع مع الارتداد نحو الأساليب ذاتها التي أوصلتنا إلى طريق مسدود. هذه الأساليب ربما تأتي للتعويض عن الشلل السياسي، ولكنها تأتي بخسائر على المدى البعيد.
إن الإرادة العاقلة ترفض الأطروحات التمزيقية والتخوينية والتشكيكية السائدة، وقطاعات واسعة من الناس ترى أنه لا بديل حقيقياً للتعامل مع القضية السياسية التي نمر بها وجهاً لوجه إلا من خلال النهج السياسي، وليس من خلال النهج الأمني الذي يصنف أيَّ معارض وكأنه مجرم أو إرهابي يجب اعتقاله وإيداعه السجون. فالسجون تمتلئ بطريقة تمس سمعة البلاد في كل مكان، ولاسيما أن حركة حقوق الإنسان الدولية لها وجهة نظر مختلفة عن التفسير الرسمي، والمعركة ضد حقوق الإنسان خاسرة، ولا تنفع معها أيّة بيانات تصدرها شركات علاقات عامة.
الحل المنشود هو الذي يؤسس لتوافق فاعل وحقيقي لمختلف الآراء بحيث يمكن الخروج بخيارات تلتزم بالعهود والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، ويكون أثرها واضحاً على مستوى الشارع وعلى مستوى دوائر القرار، وبحيث نجد سبيلاً للحد من التنافر الحالي الذي يثير الأوضاع بصورة غير حسنة. وعندما تتحرك الجهود في هذا الاتجاه يمكن حينها أن نرى انخفاضاً في وتيرة القرارات والمواقف والتصريحات الحادة.