علي محسن الورقاء
في مقال سابق لنا حمل عنوان «الاتفاق الثلاثي بشأن العمال المفصولين»، نُشر في صحيفة «الوسط» العدد 4236 (13 أبريل/ نيسان 2014)، بشأن الاتفاق الثلاثي المبرم بين كلٍّ من وزارة العمل، وغرفة تجارة وصناعة البحرين، والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، والذي على ضوئه قام هذا الأخير بسحب شكواه المرفوعة منه أمام منظمة العمل الدولية ضد الحكومة، والمتعلقة بموضوع الموظفين والعمال المفصولين آنذاك.
وقد قلنا في صدر ذلك المقال؛ أنه اتفاق معيب لما شابه من قصور في مضامينه وغموض في دلالاته، ولخلوه من أمرين مهمين هما: عدم تقرير استحقاق العمال لأجور مدة توقيفهم أو تعويضهم، وعدم شموله كافة العمال والموظفين المفصولين، وزاده عيباً حين أحال المتفقون هذين الأمرين إلى اللجنة الثلاثية المصغرة المؤلفة من أطراف النزاع لتقرر بشأنهما ما تراه، وكأن هذا الاتفاق بهذا الشكل لا يَعدُ اتفاقاً على بياض.
وبعد مضي قرابة العام على ذلك الاتفاق، يخرج علينا الأمين العام للاتحاد العام لنقابات العمال (سيد سلمان المحفوظ) متبرماً يشكو عدم عودة كل المفصولين المعنيين في ذلك الاتفاق إلى أعمالهم، ومشيراً إلى أن الاتحاد غير نادم على سحبه الشكوى المشار إليها.
وهنا نقول للسيد سلمان؛ سواء ندمتم أم لم تندموا فهذا لن يُغيِّر من الأمر شيئاً، إنما هناك حقيقةٌ مُرةٌ نؤاخذكم عليها وهي أنكم وقعَّتم آنذاك على بياض، ومن المفترض أن تقروا بذلك من باب براءة الذمة، لأن التوقيع على بياض ليس هو فقط التوقيع على ورقة بيضاء خالية من بيان، إنّما هو كذلك عندما يُعطي أحدٌ حقاً لآخر بناءً على وعدٍ من هذا الأخير دون أن يتريث أو يحتاط ويتأكد من سلامة نية من وعده، فهو نوعٌ من المجازفة، ويُعد بمثابة توقيعٍ على بياض.
أو عندما يُبرم أحدٌ عقداً مع آخر بشأن حق مستقبلي غير مؤكد، أو بناءً على رؤية مستقبلية غير مدروسة وغير مضمونة الاستحقاق، فهو بمثابة توقيعٍ على بياض أيضاً.
أو عندما يتعاقد شخصان بمقتضى اتفاق غير مكتمل العناصر، أو كان غامضاً في نصوصه وغير مفهوم في دلالاته، فهو بمثابة توقيع على بياض أيضاً.
أو عندما يتنازل شخصٌ لآخر عن حق بمقتضى عقد يُحيل الحقَ المُقابِل (غير المتفق عليه) إلى جهة أخرى تقرّره، فهذا التنازل بمقتضى هذا العقد هو بمثابة توقيع على بياض كذلك.
فإذا كان الأمر ذلك، وكان العقد الثلاثي المذكور قد حمل معظم الأوصاف السابقة، فلا جَرَم أن يُنعت هذا العقد بأنه «توقيع على بياض». وعليه نوجّه خطابنا إلى السيد سلمان بصفته، ونقول له: إن أنتم لم تشعروا بالندم فنأمل ـ على الأقل ـ أن تلحظوا أن هناك خطأً غير مقصود وقعتم فيه بتوقيعكم على بياض.