تحت عنوان «ماذا ينتظر الامة؟«، ألقى الاستاذ السيد زهره نائب مدير التحرير للشئون الخارجية محاضرة في مقر التجمع القومي بالزنج أدارها جمال السلمان عضو الأمانة العامة للتجمع. واستهل المحاضرة بالقول إننا عندما نتساءل ما الذي ينتظر الأمة ، فإننا نقصد ما الذي يراد بالأمة ويخطط لها ولمستقبلها ، وكيف وصلت الأمة الى الحال الذي وصلت إليه
اليوم، وما الذي يتوجب علينا عمله إزاء هذا. وقال: إن المدخل لفهم ما يخطط للأمة وما يراد لها هو ما يحدث في العراق وما هو متوقع أن يحدث في الأفق المنظور. وذكر بهذا الخصوص انه بغض النظر عن الاجماع الامريكي اليوم على الاعتراف بالفشل في العراق والجدل الدائر حول الانسحاب ، فان كل المؤشرات تشير الى ان العراق لن يشهد استقرارا ولا مصالحة وطنية ولا انحسارا للصراع الطائفي ، بل العكس هو الصحيح. والعراق يتجه الى التقسيم الفعلي. وقال إن الوضع في العراق على هذا النحو سيكون له تأثيرات كارثية على المنطقة. وبالاضافة الى هذا ، فإن الدرس الذي خرجت به أمريكا من العراق هو أن استراتيجية المراهنة على الانقسامات الطائفية وإثارة الفوضى والاضطرابات هي استراتيجية مجدية وفعالة لتطبيقها في باقي الدول العربية. وهذا هو ما تفعله بالفعل. وقال السيد زهره إن هذا هو أكبر ما ينتظر الأمة في المستقبل المنظور، أو ما يراد لها، أي أن تدخل في مرحلة من الفوضى والاضطرابات وعدم الاستقرار الداخلي. وقال ان الكارثة الأكبر اليوم أنه إذا تأملنا التطورات الجارية على الساحة العربية فسوف نلاحظ ان القرار بشأن المستقبل العربي وقضاياه لم يعد قرارا عربيا. أصبح بيد قوى اجنبية واقليمية ، وتحديدا يراد له ان يكون بيد امريكا واسرائيل وايران. وذكر ان هناك بالطبع تناقضات بين استراتيجيات هذه القوى ، ولكن هناك ايضا قواسم عامة مشتركة. وأشار الى ان هناك تيارا في الفكرالاستراتيجي الامريكي اليوم يدعو الى شكل من اشكال التحالف أو التفاهم الدائم بين امريكا وايران، ولديهم مبررات كثيرة لذلك شرحها المحاضر. وحذر من أي تفاهم دائم بين امريكا وايران فيما يتعلق بالوضع في العراق او قضايا المنطقة عموما سيكون بالضرورة على حساب الدول العربية. وقال انه على المستوى الاستراتيجي السياسي إذن يراد لمصير الامة ومستقبلها ان ترسمه قوى اجنبية، واننا إزاء مرحلة من مخططات لإثارة الفوضى وعدم الاستقرار. وذكر انه في خضم هذا، فإن القضايا العربية الكبرى ستكون الضحية وعلى رأسها القضية الفلسطينية. ونبه السيد زهره الى ان حربا خطيرة اخرى يتم شنها على الامة على جبهة الهوية والثقافة الوطنية والعربية والانتماء لا تقل خطورة عن هذه المخططات الاستراتيجية. وقال ان هذه الحرب يتم شنها على جبهات ثلاث: جبهة الاسلام، وجبهة الثقافة الوطنية والقومية ، وجبهة صناعة وتصعيد نخب فكرية وثقافية عربية موالية للغرب وتتبنى اجندته الفكرية والسياسية. واعتبر ان الهدف من هذه الحرب هو تحطيم الهوية العربية والقيم الوطنية والقومية. وتساءل السيد زهره عن الاسباب التي اوصلتنا الى هذا الحال التي تتيح لمثل هذه المخططات التي تستهدف الامة ان تنجح. وقدم شرحا تفصيليا لهذه الاسباب كما يراها جوهره ان الحكومات العربية تتحمل المسئولية الاكبر فيما وصلنا اليه وفي ترك مصير الامة مهددا على هذا النحو. وقال بهذا الخصوص ان الحكومات العربية لم تعد تعرف من هم الاعداء الحقيقيون للامة. ليس هذا فحسب ، بل ان هؤلاء الاعداء والذين على رأسهم امريكا واسرائيل تعتبرهم الحكومات العربية حلفاء ، فكيف نتوقع ان تواجه هذه الحكومات خطط ومؤامرات الاعداء؟ واضاف ان الحكومات العربية سلمت بان الشرعية في الحكم وفي العمل السياسي هي للموالين لامريكا واسرائيل . وهذا هو الذي حدد موقف الحكومات العربية مما يجري في العراق ولبنان وفلسطين. وقال انه حين تسلم الحكومات بان الشرعية قصر على التابعين لامريكا واسرائيل فإنها تسلم بان هذه القوى الاجنبية لها الحق في رسم المستقبل وتسلم بعجزها عن حل أي مشكلة او ازمة عربية. وتوقف السيد زهره مطولا في محاضرته أمام عامل اساسي وراء المحنة العربية الراهنة وهو العجز والاحجام عن استخدام مصادر القوة التي تملكها الامة من اجل الدفاع عنها وعن مستقبلها. وتساءل لماذا مثلا في كل مرة يطرح فيها استخدام النفط كسلاح سياسي للدفاع عن مصالح الامة يقابل هذا بالاستنكار والرفض التام؟ وقال انه حتى مصادر القوة الكبرى التي اتيحت لنا بالفعل تم التفريط بها. وتحدث هنا بصفة خاصة عن قوى المقاومة العربية سواء في العراق او لبنان او فلسطين وكيف ان الدول العربية لم تفرط فيها وتعجز عن استثمارها فقط بل انها انقلبت عليها واشتركت في شن الحرب عليها. وفيما يتعلق بالمستقبل وما ينبغي علينا عمله، قال السيد زهره اننا لا نستطيع ان نمنع أي قوة اجنبية من ان تستهدف الامة وتخطط لمستقبلها بما يخدم مصالح هذه القوى ولا نستطيع حتى ان نلومها. المشكلة فينا نحن حين نعجز عن الدفاع عن امتنا واستخدام مصادر قوتنا من اجل ذلك. وقال انه بغض النظر عن المطلوب من الحكومات العربية اليوم وما يجب ان تفعله ، فإن المهمة الاساسية الملقاة على عاتقنا اليوم هي تحصين الجبهة الداخلية في دولنا العربية في مواجهة مخططات الفتنة والفوضى. وذكر انه من الاهمية بمكان في هذا الصدد ضرورة ان يكون هناك اجماع وطني في دولنا على رفض التدخل الاجنبي في شئون دولنا ومجتمعاتنا من أي قوة ايا كانت. كما لفت الانظار الى الاهمية القصوى للدفاع عن هويتنا العربية وعن ثقافتنا وقيمنا الوطنية في مواجهة محاولات التحطيم والمحو. وقال ان هويتنا وثقافتنا الوطنية والقومية هي الاطار الجامع الذي يمكننا من نبذ وحصار النزعات الطائفية والانعزالية.