منصور الجمري
الملاحظ أنه ومنذ الإعلان عن تعيين سمو ولي العهد نائباً أول لرئيس الوزراء انتشر التفاؤل بصورة عامة، وهذا التفاؤل أصبح أمراً واضحاً؛ لأن البحرين لم تشهد سوى التوترات والأخبار السيئة منذ فترة غير قصيرة. هذا التفاؤل مهم لبعث الأمل في مستقبل أفضل مما نحن عليه.
كانت البحرين في مقدمة دول المنطقة في عدة مجالات على مستوى الإصلاحات السياسية والاقتصادية والعلاقات العالمية. بدأنا القرن الحادي والعشرين وكنا نتحدث عن كيفية اللحاق بالديمقراطيات العريقة، وحتى لو اختلفنا في التفسيرات لمعنى الديمقراطية، لكن على الأقل كانت هناك الجرأة لطرح الموضوع على طاولة البحث بصفته طموحاً مشروعاً.
ثم دخلنا مرحلة من المطبات السياسية المخيبة للآمال، وكانت الأساليب المتبعة لمعالجة الأمور دون المستوى حتى وصل الأمر لاستخدام القوة بشكل غير متوقع، وبصورة لا تحتملها البحرين على أي حال، ونحن الآن نعيش في تداعيات سوء التعامل مع المطبات السياسية، ومن ثم تداعيات استخدام القوة المفرطة جداً للتعامل مع تطورات الأوضاع.
عودة ولي العهد للبروز في منصب تنفيذي رفيع جداً أعاد التفاؤل بأن البحرين يمكنها أن تتخطى المرحلة الصعبة التي تمر بها عبر نهج مختلف، يعتمد على السياسة والحوار، بدلاً من القوة والقمع. البعض يعيب على من يتبنى السياسة والحوار نهجاً في إدارة الشئون العامة، بل وربما يعتبره نوعاً من الضعف، ولكن هؤلاء لا يعون طبيعة البشر، ولربما أن هؤلاء لا يستطيعون رؤية أي بلد ناجح وعزيز ومتقدم وقوي من الناحية الحضارية، الذي تسود فيه ممارسات السياسة والحوار، أمّا البلدان التي يسود فيها من يمارس القوة والقمع والغرور والتباهي بالقدرة على إيذاء الآخر بدلاً من الاستماع إليه، فإنها أشبه بخربة لا ديمومة لأحد فيها.
التحدي الأكبر الذي يواجه موجة التفاؤل الجديدة هو الإبقاء عليها وعلى صدقيتها في التعاطي مع مختلف القضايا من خلال اتباع سياسة أكثر عقلانية تفسح المجال لإعادة البحرين إلى ما تستحقه من مكانة، بحرين عزيزة بعزة أهلها من مختلف الفئات، وبحرين ترفع رأسها بين الجميع لأن شعبها متماسك غير مفكك، متداخل ومترابط، متساوٍ في الحقوق والواجبات، ومندمج في مؤسساته الرسمية قبل الأهلية. هذه البحرين العزيزة تتحقق عبر السياسة والحوار فقط.