أن من يصاب بأزمة قلبية بسبب تدخينه الشره، لا تكون السيجارة الأخيرة من قتله، بل آلاف السموم التي دخنها عبر السنوات متغافلاً / متجاهلا/ متعامياً عن أثرها المميت.. هذا هو ما حصل في البحرين بالضبط.. سنواتٌ وكل البحرينيين يعانون حتى كست وجوههم مسحة إنهاك وبؤس عجيبة، سنوات ونحن نتحدث عن الدفان الجائر التي وضع 10 آلاف أسرة تعتاش من الصيد في مأزق ورفعت سعر السمك لأعلاه في جزيرة مطوقة بالسواحل ! سنوات ونحن نشتكي أزمة الأراضيً بعد أن شُرع الباب لتملك الأجانب والشركات دون ضوابط ما رفع سعر المنازل من 40 ألفاً لـ180 ألف فصار البحريني عاجزاً عن جُحرً في وطنه.. سنوات والعاطلين يعتصمون ويشتكون والدولة تستورد الأجانب بالجملة وتتجاهلهم إلا من عطايا وتحركات بسيطة ! المؤسسات العسكرية تثق بالغريب وتستورد المرتزقة وتستكثر هذا الحق على أبن البلد ما يزيد من غيضه وألمه وانكساره..!! أزمة تمييز ومواطنون يعيشون في خرائب تبنى مقابلهم مدن أحلام تزيدهم حسرة وشبابٌ يذهبون للمجمعات ويرون كيف يصرف غيرهم المئات على كماليات وهم بالكاد يستطيعون دفع وجبه عشاء ! نساء يتوسلون بالصناديق الخيرية ليحصلوا على مكيف ويذلون أنفسهن للنواب لكي لا تقطع الكهرباء عن منازلهن.. أحاسيس ومشاعر متراكمة ومختلطة عاشتها كل فئات البحرين بشكل متفاوت ولدت من مستنقع المحسوبية وغياب العدالة ونشر ثقافة نحن ومن بعدنا الطوفان وهيمنة التدين الوهمي الذي مسح الطيبة والسماحة وزرع بدالها الحقد والطائفية..وتسالون كيف وصلنا لهذه الأزمة ؟
ببساطة كان قطارنا المنحرف سار بنا باتجاه الهاوية؛ ولم نكن واعيين بما يكفي للجمر الذي يحترق تحت الرماد.. ولكن الفرصة لم تفتنا بعد.. بإمكان ما نمر فيه من مخاضً عسير أن يكون فجراً جديداً إن وعينا واتحدنا وحكمنا العقل وتركنا عنا التشظي والفرقة سيما أننا كشعب نتفق في الهموم والمطالب بنسبة 90%..!
أن شعب البحرين الذي اتحد واتفق في الخمسينات والسبعينات ليس بعاجز اليوم، بعد 60 عاماً، أن يعيد الكرة وينهض نحو دولة دستورية متقدمة تمارس فيها المواطنة ويعطى كل ذي حق فيها حقه..
نعم؛ أنفجر الوضع واحتمال أن نصبح عراق أو لبنان أخرى -معاذ الله- قائم وقد نصبح رواد الخليج كما كنا!!
حرر في 28- فبراير الحزين