هدى ابو غنيمة
كم هو مذهل هذا المخزون من الأسلحة، التي كادت تصدأ لولا قيام الثورات العربية! وكم هي مذهلة هذه الطاقة المقاتلة التي تدمر العواصم العربية الثائرة!
ألم تكن كافية لتحرير القدس؟ أو لردع عدو يستبيح أجواء هذه الأمة ويتسلى جنوده بقتل الفلسطينين، وإذلالهم، ويمارس مستوطنوه نزعاتهم السادية باقتلاع الشجر والبشر والحجر؟
لم يعد الصراع في الساحات العربية، بين السلطة المستبدة والثوار، ولا بين رموز الفساد ودعاة الإصلاح، بل تحول إلى ما يشبه ساحة مصارعة رومانية البقاء فيها للأكثر وحشية ودموية، واستبدت غريزة القتل بالمتصارعين حتى غاب الهدف الأساس،الذي ثارت الشعوب من أجله والدم يستسقي الدم·
فهل ستتحقق الديمقراطية بعد هذه المذابح في العواصم العربية؟ وهل ستأتي أنظمة تحقق الازدهار والتقدم لبلادها، وتحقق أحلام الشعوب الفقيرة بالحرية والكرامة؟ أم ستعلم التضحيات الجسيمة هذه الشعوب كيف تنتج ديمقراطياتها بمعزل عن الديمقراطية الملغومة بأحلام السلطة وشهواتها؟
ما نراه للآن هو إقصاء الشعوب التي كانت وقودا للثورات عن مواقعها وظهور قوى تدير البلاد باسم الإسلام ·
لا أحد في العالم يهمه ما يحدث في العواصم العربية، ولو أصبحت خرائب بقدر ما يهمهم أمن الكيان الصهيوني ومصالح القوى العظمى في السيطرة على منابع الثروات في العالم، فقد روت صديقة لي كان زوجها مهندس بترول في بلد عربي نفطي، أنها في احدى حفلات الاستقبال التي تقيمها الشركة سمعت تعليقا من أحد الحاضرين الأجانب يقول لصديقه: هل يستحق هؤلاء العرب المتخلفون كل هذه الثروات؟
إلى أين يسير عالمنا العربي؟ لم أفقد يوما الأمل بقدرة هذه الأمة على البقاء ما دامت تقاوم اليأس والعجز والتخلف، ورغم تردي الواقع العربي فإن التغيير أفضل من السكون والاستكانة إلى الظلم والاستبداد، فلا بد أن تستعيد أمتنا موقعها الحضاري ما دامت أجيالها على مر الزمان تقاوم غزاتها وتثور على الظلم والاستبداد·
© جمعية التجمع القومي الديمقراطي 2023. Design and developed by Hami Multimedia.