السيد زهرة
الدول العربية وما يجري في اليمن-1
الذي يجري في اليمن هذه الأيام، ليس شأنا يمنيا داخليا وحسب، وإنما هو بنفس القدر شأن عربي عام.
منذ سنوات، واليمن يخوض صراعا مريرا مع الجماعات المتطرفة المسلحة، اتخذ في جانب اساسي منه كما نعلم بعدا طائفيا خطيرا.
والكل بات يعلم اليوم، او المفروض ذلك، ان هذا الصراع لا يتعلق فقط بأوضاع داخلية يمنية، وانما له بعد خارجي واضح. فلم يعد سرا ان قوى دولية واقليمية تدعم بشكل مباشر او غير مباشر بعض هذه الجماعات الطائفية والمتطرفة المسلحة، وتغذي تمردها وتشجع عليه، وذلك سعيا الى تحقيق اهداف واطماع معروفة واذا كان هذا الصراع الذي تخوضه السلطات اليمنية منذ سنوات مع الجماعات الطائفية والمتطرفة المسلحة المتمردة هو صراع خطير بالطبع، فلقد شهدت الفترة القليلة الماضية تفجر ازمة جديدة لا تقل خطورة، بل من الممكن ان تصبح اكثر خطورة.
نعني بذلك الاحداث العنيفة التي شهدها اليمن، وما ارتبط بها من جدل حول قضية الوحدة اليمنية، وظهور جماعات تروج مجددا لدعوات انفصال الجنوب. وفي الايام الماضية، تابعنا اخبار الاشتباكات المسلحة التي اندلعت مع هذه الجماعات وسقط فيها بعض الضحايا، في ظل مخاوف من ان يتسع نطاقها .في ظل هذه الاحداث، احتدم الجدل في اليمن وعلى كل المستويات حول قضية الوحدة ودعوات الانفصال. الرئيس اليمني اكد في خطابات القاها انه لا خوف على الوحدة، وان الدولة مستعدة للتصدي لأي نزعات انفصالية بكل السبل.. تشكلت لجان شعبية في عدد من المدن اليمنية للدفاع عن الوحدة.. الكتاب اليمنيون يتناولون القضية في تحليلاتهم التي تنشرها الصحف.. عقدت ندوات لأكاديميين واساتذة تناقش القضية.. وهكذا.كل هذا الجدل يعطي صورة واضحة لحقيقة ان القضية مطروحة بإلحاح وانها موضع قلق عام ازاء هذا الوضع، نظن ان ثمة عدد من الحقائق يجب التأكيد عليها:
أولا: انه بغض النظر عن اختلاف الآراء والتقييمات، في داخل اليمن وخارجه، حول الصراع المسلح الذي جرى في عام 1994، فإن الوحدة اليمنية اصبحت اليوم واقعا وحقيقة ثابتة، ولا يجوز ابدا العودة الى دعوات انفصال الجنوب، تحت أي ذريعة كانت او مبرر كان.
نعني انه من الطبيعي ان تكون هناك دعوات للإصلاح. ومن الطبيعي ان تكون لهذه القوة او تلك، سواء في مناطق الجنوب او في أي من انحاء اليمن انتقادات تراها على السياسات الحكومية، ومطالب معينة اقتصادية او سياسية.وليس هناك أي بأس من ان تعبر أي قوة عن انتقاداتها ومطالبها. ولكن هذا، يجب ان يتم في اطار ان الوحدة اليمنية، هي خط احمر ليس مقبولا تجاوزه تحت دعوى أي انتقاد او مطلب
ثانيا: ان هذه الحقيقة.. حقيقة ان الوحدة اليمنية هي خط احمر ليس مقبولا تجاوزه في العمل الوطني، لا تعني بداهة غض السلطات اليمنية النظر عن أي مشاكل او مظالم يتم التعبير عنها، او أي مطالب بالاصلاح والانصاف نعني انه اذا كانت بعض القوى تشكو من ان مناطق الجنوب تعاني قدرا من التهميش الاقتصادي او السياسي، فإن هذا يجب ان يؤخذ بجدية تامة من جانب القيادة اليمنية، وان تبادر بطرح رؤية شاملة وواضحة تعالج هذه الأوضاع، ان ثبت ان هذه الشكاوى لها ما يبررها.
ثالثا : انه، وكما اشار بالفعل عديد من الاخوة الكتاب والساسة في اليمن، فإن هذه القضية التي تفجرت لا يمكن معالجتها فقط باللجوء الى القوة او التهديد باللجوء اليها طالما ان القضية تفجرت على هذا النطاق، واصبحت تثير قلقا عاما على هذا النحو، فإن الحاجة ملحة الى حوار وطني شامل ومفتوح .حوار وطني يناقش القضية في كل جوانبها في اطار الثوابت الوطنية واولها ثابت الوحدة، ويطرح في نفس الوقت ما يثار من هواجس او مطالب، ويبلور رؤية وطنية عامة لاحتوائها والتعامل معها.
ولسنا نحسب ان الرئيس اليمني علي عبدالله صالح يعارض مثل هذه المبادرة للحوار الوطن.بقي جانب له اهمية قصوى يتعلق بالبعد العربي لما يجري في اليمن، والمطلوب من الدول العربية .وهذا حديث آخر.
أخبار الخليج العدد 11366 – الاربعاء 6 مايو 2009