بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
خمس سنوات مرت على احتلال العراق.. وعاما بعد عام يزداد الوضع الداخلى سوءاً ويتعرض العراقيون لابشع الجرائم من قتل للنساء والاطفال والشيوخ وتدمير وتهجير.. عاماً بعد عام يتم تهريب عائدات النفط الى الخارج دون توجيه جزء منها للانفاق على النازحين والمهجرين.. الوضع الامنى يزداد تدهورا وتسيطر ميليشيات الاحزاب الحاكمة على مقدرات الشعب العراقى وتبث الرعب والخوف فى نفوسه وتمارس الارهاب ضده.
وفى المقابل تثبت المقاومة العراقية التى تضم كافة الاطياف العراقية فشل المشروع الامريكى فى العراق.. وتثبت انها استطاعت تركيع اكبر دولة فى العالم وهى امريكا.. وانها تتنامى لتكشف عن حقيقة التحالف والشراكة بين طهران وواشنطن فى مسلسل تدمير العراق.
هكذا وصف السفير العراقى السابق فى القاهرة الدكتور محسن خليل الوضع الحالى فى العراق بعد مرور خمس سنوات على الاحتلال، واكد ان من مصلحة المحتل ان يعلن الانسحاب غير المشروط قبل فوات الاوان.
وكشف خليل فى حوار مع «الشرق» عن بعض معالم مستقبل العراق وحقيقة العلاقة بين واشنطن وطهران واعتبر الزيارة الاخيرة للرئيس الايرانى احمدى نجاد للعراق خير دليل على تلك العلاقة، ونفى ان يكون هناك انقسام داخلى واستبعد قيام حرب اهلية على اساس طائفى او اثنى واكد ان العراق شعب ونسيج واحد وان مايتم تصويره على انه فتنة طائفية انما هو من تخطيط وتدبير المحتل.
وشدد خليل على دور المقاومة العراقية وقال: انها السبيل الوحيد لاستعادة حرية العراق ودعا القمة العربية القادمة فى دمشق إلى ان تعلن مساندتها لتلك المقاومة وان تُذكر بما حدث فى اجتماع وزراء الخارجية العرب فى اعقاب الغزو وبالتحديد فى 23 مارس من عام 2003 حينما خرجوا بقرارات بشأن الاحتلال.
سؤال : مرت خمس سنوات على احتلال العراق.. بعد تلك المدة كيف ترون الوضع فى العراق وكيف تصفون الحالة التى عليها العراقيون؟
الدكتور محسن خليل : استطيع ان اتحدث عن جانبين فى وصف الوضع العراقى..الجانب الاول يتعلق بالحالة المأساوية التى نتجت عن الاحتلال، وتتلخص فى حجم الانتهاكات التى مارسها المحتل والحكومة التى انشأها والتى ادت الى تهجير اكثر من4 ملايين عراقى منهم2 مليون داخل العراق ووجود اكثر من مليون ارملة و3 ملايين طفل يتيم وبطالة هائلة وتدمير لمؤسسات الدولة بكل ماتعنيه من تفاصيل كثيرة وتدمير للمنظومة القيمية والحضارية واشاعة الفتنة الطائفية والنزعات العدائية العرقية، وحقيقة هناك الوان بشعة من الانتهاكات قد تطول القائمة فى تعدادها وهى معروفة للجميع ولكن اقول: ان مشروع الاحتلال لم يكن مجرد احتلال للعراق انما كان يحمل معه مشروعاً آخر لتدمير العراق ككيان ومجتمع ودولة من منطلق قناعة المحتل بان العراق يشكل احد اعمدة الامن القومى العربى، وله قدرات فى ترسيخها وبالتالى استثمر الاحتلال ليس لبسط الهيمنة على العراق فحسب وانما لتدميره على صعيد مؤسسة الدولة وعلى الصعيد الحضارى والقيمى ايضا وعلى صعيد هويته العربية، وفى ظل الاحتلال وجدنا العراق الذى يتكون من اغلبية عربية اكثر من85 بالمائة اختفت هويته العربية، وتحول اسم العراق الى اسم يحمل التسميات التجزيئية والتفتيتية اما العراق العربى فاختفى من قاموس المحتل ومن قاموس الحكومات التى انشأها.
الوجه الثانى فى هذا الامر ان اكذوبة التحرير والديمقراطية والتخلص من الدكتاتورية اصبحت مكشوفة للغالبية الساحقة من ابناء العراق حتى للذين خدعوا فى البداية واعتقدوا ان من الممكن ان يحدث شيء أيجابي مع الاحتلال..حتى تلك القلة فقدت ثقتها بالمحتل ولم تعد ترى فيه الا اداة تدمير وتخريب وتحطيم للعراق.
المقاومة
سؤال : وماذا عن الجانب الآخر فى تصوير الحالة فى العراق بعد5 سنوات من الاحتلال؟
الدكتور محسن خليل : الجانب الآخر فى هذا الموضوع هو ان المقاومة الوطنية العراقية استطاعت خلال5 سنوات ان تصمد وتصبح العامل الفاعل الاساسى المتحكم فى تقرير مصير العراق، ولم يعد المحتل هو الذى يقرر مسار التطورات في العراق، ولا الحكومات التى انشأها المحتل ولا اى قوة اخرى،فالعامل المستقل الذى يتحكم فى نمط التغيرات وفى العوامل الاخرى هو المقاومة العراقية، بمعنى انها العامل المستقل والعوامل الاخرى تابعة تعتمد عليها،وهنا نقول انه بعد5 سنوات فشل مشروع الاحتلال فشلا كاملا على يد المقاومة العراقية الباسلة وفشل مشروع تفجير الفتنة الطائفية الذى كان احد عناصر مشاريع الاحتلال لقد فشل فشلا ذريعا ولم تتمكن كل الذرائع ذات الصبغة الطائفية التى مارستها قوات الاحتلال وحكوماتها ان تفجر فتنة طائفية وبقى نسيج المجتمع العراقى متماسكاً قوياً لا تمييز بين ابنائه على اساس الدين او المذهب، وانخرط فى المقاومة الوطنية فئآت من كل مكونات الشعب العراقى دون استثناء.
اذن مشروع الاحتلال الذى كان يراد له ان يتخذ من العراق نقطة وثوب يؤسس من خلالها لتدمير المنطقة العربية وتفكيك دولها على اساس طائفى وعرقى وتحويل (اسرائيل) الى دولة امبراطورية وسط دول متشرذمة هذا المشروع فشل وقضي عليه قضاء تاما، والآن المحتل يترنح امام المقاومة.
سؤال : وصفتم الحالة التى عليها العراق بعد5 سنوات من الاحتلال بانها تشهد دمارا على كافة المستويات.. وارجعتم السبب الى المحتل فى حين يرى البعض ان الاحتلال كشف حقيقة العلاقة التى تربط بين طوائف الشعب، ومن ثم وحسب هذا الرأى كان للعوامل الداخلية دور فى تأجيج الصراع الداخلى واستند فى ذلك الى العلاقة بين السنة والشيعة والى دور الاكراد فى احكام قبضة المحتل على بغداد.. واذا كنتم وكما فهمت من كلامكم انكم تستبعدون العوامل الداخلية.. فبماذا تفسرون سيطرة بعض الميليشيات على مناطق مختلفة من العراق وتدهور الوضع الامنى فيها، فضلا عن عمليات السلب والنهب وبث الرعب فى نفوس العراقيين؟
الدكتور محسن خليل : هذا ما يقوله المحتل لتبرير مشروع غزوه للعراق واحتلاله، ويطرح هذا النوع من التفسيرات وجود مشكلة بين السنة والشيعة فى العراق لتبرير ما يحصل وأعفاء المحتل من المسؤولية،فى حين انه لا توجد اصلا مشكلة بينهم ولا حتى بين العرب والاكراد،ومن عاش فى العراق يعرف ان ما يربط بين ابناء الشعب بكل مكوناته روابط وثيقة غير مصطنعة، والمحتل اساسا حمل معه مشروع التفتيت واعتمد على مجموعة من الاحزاب ذات البنية الطائفية وهى الاحزاب الحاكمة وجميعها تتوزع الى احزاب ذات تركيبات طائفية او عنصرية اثنية، وهذه الاحزاب لا تمثل طوائف ولا اقليات قومية وانما مجموعة من المرتزقة الذين ارتبطوا بالقوى الخارجية وكانوا مجرد اداوت،ولذلك فشلوا فى تفجير فتنة بين السنة والشيعة او بين العرب والاكراد..صحيح الاحزاب الطائفية تغذى الشحن الطائفى بين ابناء العراق والاحزاب العنصرية فى الشمال التى يرأسها جلال طالباني ومسعود البارزاني تغذى الشحن العنصرى، ولكن كلا النوعين من الاحزاب فشل فشلا ذريعا وتجد ان فصائل المقاومة بها من كل تلك الاطياف خاصة الاكراد التى منها نسبة عالية داخل اوساط وفصائل المقاومة، والتعتيم عليها هو الذى يحجب العالم الخارجى عن التعرف على حقيقة المقاومة وتركيبتها.
إرهاب المحتل
الشرق: هل معنى ذلك أن الازمة العراقية الداخلية فى رأيكم هى من صنيعة المحتل وآلياته من الاحزاب ذات البنية الطائفية والعنصرية..؟
الدكتور محسن خليل : نعم.. الازمة الداخلية او ما يسمى بالارهاب والقتل التنكيل والتعذيب والتهجير كلها عمليات يمارسها المحتل وقوات الحكومة التى انشأها من الشرطة والجيش والميليشيات المرتبطة بالاحزاب الحاكمة وفى مقدمتها ميليشيا بدر والدعوة والبيشمركة وحزب الله وثار الله، بالاضافة لفرق الموت والفرق الامنية المرتزقة التى انشأها المحتل وهى التى تمارس عمليات الإرهاب وتقتل السنة وتترك بصمة على ان القاتل شيعى، والعكس صحيح،وهى التى تدمر المسجد السنى وتترك بصمة على ان الفاعل شيعى،وتدمر الحسينية الشيعية وتترك بصمة على ان الفاعل سنى بهدف الفتنة وكلها فشلت حتى عمليات التهجير، ومن يقول ان المناطق ذات الاغلبية الشيعية تهجر السنة كلام غير صحيح فالذى يقوم بالتهجير الاحزاب الطائفية والعنصرية وليس أبناء المجتمع،ونسيج المجتمع متماسك ولا خوف من حرب اهلية ولايمكن ان يحدث ذلك على مستوى طائفى او حتى اثنى بين العرب والاكراد.
شراكة استراتيجية
سؤال : الا ترون ان المحتل ايضا استعان بأيادٍ خارجية لفرض سيطرته على الداخل العراقى واعنى هنا عدو الداخل الذى مد يد العون وقام بتسهيل مهمة المحتل فى دخول العراق واتاحة الفرصة امامه لمحاولة فرض مشروعه وانجاحه، هذا بخلاف مايراه البعض من تدخل ايرانى.. فهل ترون ان المحتل استعان بالدور الخارجى خاصة دور ايران كما يرى البعض؟
الدكتور محسن خليل : الوصف الصحيح للدور الايرانى ليس استعانة وانما شراكة استراتيجية بين ايران والولايات المتحدة فى تدمير المجتمعات العربية والاسلامية، وايران شريكة بدلالة اعتراف قادتها بأنهم كانوا عنصرا اساسيا فى تسهيل الاحتلال الامريكى لافغانستان وللعراق وهذا اولا: وثانيا فيلق القدس التابع للحرس الثورى الايرانى ومقره مدينة الاحواز هو الذى يشرف على الميلشيات التابعة للاحزاب الحاكمة ومنها جيش مقتدى وفيلق بدر وحزب الفضيلة وغيرهما، وهذه الميلشيات يقودها ايرانيون من الحرس الثورى الايرانى ومعهم مشرفون سياسيون ودعويون لاغراض الشحن الطائفى بالاضافة للتمويل ويتم ذلك بموافقة من المحتل، وما يقال من ان ايران تسلح الميلشيات لتضرب القوات الامريكية هو جزء من المسرحية التى تريد ان تغطى بها على الشراكة الامريكية – الايرانية،لان ما تستطيع ان تفعله ايران من تدمير للمقاومة العراقية وتفتيت للوحدة العراقية لاتستطيع ان تفعله قوات الاحتلال لان تدخل قوات الاحتلال يؤدى الى تماسك المجتمع وتوحده، ولكن عندما تتدخل ايران من منطلق طائفى ومذهبى تستطيع أن تتسلل للنسيج العراقى ولذا فانها تمتلك قدرة على أيقاد الفتنة اكثر من المحتل ومهمة ايران ليست فقط التمكين من احتلال العراق وانما هي اوسع من ذلك فلدى ايران مشروع توسع فى الوطن العربى عن طريق التسلل الطائفى بواسطة الاحزاب سواء فى منطقة الخليج العربى او المشرق العربى، ومشروع التفتيت مشروع صهيونى غربى يتوافق مع المشروع الايرانى الذى يريد استخدام التفتيت المذهبى لتفكيك الدول العربية على غرار ما تفعله في العراق.
من هنا التحالف الامريكى – الايرانى يظل قويا فيما يتعلق باحتلال العراق وتفتيت المنطقة العربية وكل مايقال عن صراع امريكى – ايرانى هو جزء من هذا التحالف وقد يختلف الامريكان مع الايرانيين على الملف النووى وهذه ليست مسألة امريكية وأنما مطلب اسرائيلى وليس ناتجا عن خشية اسرائيل من عداء متحكم به من نظام ايران وانما لأن لديها ما يسمى الميثاق الوقائى وتم وضعه عام 1981 فى اعقاب ضرب المفاعل النووى العراقى يقول ان اسرائيل لن تسمح تحت اى ظرف لاى دولة فى المنطقة من امتلاك اسلحة دمار شامل،لان اسرائيل هى الدولة الوحيدة التى لاتتحمل خسارة حرب واحدة،ولذلك لاتريد ان ترهن مستقبلها ومصيرها باحتمالات مستقبلية وإن كانت ضئيلة فى ان تعرض نفسها لاحتمال ان تأتى نخبة سواء فى ايران او اى مكان فى المنطقة وتستخدم اسلحة الدمار الشامل في تصحيح موازين القوى بينها وبين دول المنطقة.
زيارة نجاد
سؤال : لاول مرة يقوم رئيس ايرانى بزيارة للعراق التقى خلالها مسؤولين عراقيين.. بعض المحللين السياسيين والمراقبين للاحداث يصفون تلك الزيارة بانها صراع ايرانى – امريكى على فرض النفوذ والسيطرة على العراق والبعض الاخر وصفها بأنها تحد جديد من طهران لواشنطن على الملف النووى الايرانى.. فكيف تصفون هذه الزيارة واهدافها؟
الدكتور محسن خليل : زيارة نجاد للعراق تؤكد ما ذهبنا اليه من ان هناك شراكة استراتيجية بين ايران وامريكا وهى تكريس ودعم للاحزاب الموالية لايران التى تقود الحكومة الحالية.. اما ما يقال من ان الزيارة تأكيد للنفوذ الايرانى فهذا غير صحيح لان نجاد زار العراق بحماية امريكية كاملة ولم يستطع ان يدخل الا المنطقة الخضراء وهى منطقة القيادة الامنية الامريكية والسفارة الامريكية وهى محمية امريكياً مائة بالمائة وبالتالى الاجراءات الاستثنائية التى اتخذت لحمايته ومنها اخلاء بغداد ومنع التجول وعدم تحرك اى آلية بما فى ذلك عربات الكارو، ووضعت حواجز حول بغداد وكل هذه الاجراءات التأمينية من المستحيل اتخاذها دون موافقة امريكية.من جانب آخر الزيارة هي نوع من لملمة الحالة المنهارة لحكومة الاحتلال التى تواجه هروب مسؤولين كبار خارج العراق وتهريب عوائل كبار المسؤولين واموالهم للخارج كما أن عشرات ومئات من عناصر الاحزاب الحاكمة الدعوة والمجلس الاعلى يهربون لدول اوربا ويطلبون اللجوء السياسى.. انهيار واضح فى الحالة المعنوية للقوات الامريكية وفى معنويات الاحزاب الموالية لايران وزيارة نجاد هدفها اعطاء دفعة لتلك الاحزاب وهناك اتفاق على اقتسام كعكة العراق بين امريكا وايران ولو كان بينهما صراع نفوذ حقيقى على العراق لتحركت قوات الاحتلال فى منع الحرس الثورى والميليشيات التابعة له واكثر من5 آلاف محطة للمخابرات الايرانية منتشرة فى وسط وجنوب العراق واذا كانت الميلشيات تتسلح من ايران كما تقول امريكا فكيف تسمح قوات الاحتلال ببقاء هذه الميلشيات فى كل انحاء بغداد وكل المحافظات ولديها مقرات رسمية فى الوقت الذى تقوم فيه حكومة وقوات الاحتلال باعتقال المئات على شبهة تعاملهم مع المقاومة الوطنية فلماذا يذبح الناس وتدمر القرى على شبهة التعامل مع المقاومة بينما الميليشيات التي تتلقى التدريب والتسليح من ايران تترك وتعمل بحرية تامة وبشكل علنى.
الملف الأمني
الشرق :هذا يجرنا لسؤال آخر حول ما قامت به قوات الاحتلال لما يسمى بتسليم الملف الامنى لسلطات الجيش العراقى.. فهل تعتبرون ذلك تسليما للجيش والسلطات الامنية العراقية ام للميلشيات؟
الدكتور محسن خليل : هذا ليس تسليما أنما حالة القوات الامريكية المعنوية وصلت لادنى مستوياتها والجندى الامريكي لم يعد يصمد امام المقاومة فى اى اشتباك ولذلك نقلوا مايسمى بالملف الامنى الى الحكومة لكى تقوم قوات الحكومة بتشكيل سياج امنى يحمي القوات الامريكية عندما تنتقل من مدينة أو منطقة الى اخرى أو عند مداهمة مناطق معينة ولذلك منذ ان بدأ نقل الملف الامنى لم تقم الولايات المتحدة بأى عملية مداهمة منفردة وانما مشتركة مع قوات الحكومة التى تشكل سياجا يحمى القوات الامريكية من ضربات المقاومة وعمليا لايوجد نقل فعلى ولا تزال القيادة الفعلية فى يد الاحتلال.
سؤال : اشرتم الى ان الازمة التى تواجهها قوات الاحتلال نتيجة طبيعة للمقاومة العراقية التى ادت الى زيادة عدد القتلى الامريكان الى الآلاف منذ بدء الاحتلال.. فهل المقاومة الان واقصد بعد مرور اكثر من عام على اعدام الرئيس الراحل صدام حسين قد تنامت ام ضعفت خاصة بعد غياب الرئيس الذى كان يمثل لفصائل المقاومة رمزا وحافزا رغم وجوده رهن الاعتقال الامريكى.. فهل تغير حال المقاومة الان؟
الدكتور محسن خليل : اغتيال الرئيس اعطى دفعة جديدة للمقاومة خصوصا الطريقة التى اغتيل بها كما أن الشجاعة التي اظهرها اعادت احياء البطولة العربية بأبلغ معانيها وبالتالى بثت من الحماس والاندفاع فى اوساط الشباب والاطفال والنساء مالم يكن متوقعا وكانت عامل تشجيع لمزيد من مقاومة وتحدي الاحتلال،والمقاومة مع مكانة الرئيس الراحل الكبيرة ليست مرتبطة بشخص وانما هى التزام وطنى وشرعى دينى فى مقاومة المحتل بصرف النظر عما اذا كان القائد موجودا او غير موجود.. المقاومة يفرضها وجود الاحتلال وطالما وجد الاحتلال وعملاء الاحتلال فالمقاومة مستمرة.
وتسأل هل تنامت المقاومة.. المقاومة خلال الفترة الماضية كانت فى مرحلة التأسيس ان جاز التعبير واليوم تستعد لكى تنتقل الى مرحلة جديدة هى معركة التحرير الشامل وهى اكثر قوة الان وغدا سوف تكون اقوى وخطت خطوات على طريق توحيد صفوفها وهناك جبهة من 22 فصيلا تسمى جبهة القيادة العليا للجهاد والتحرير ويرأسها الامين العام لحزب البعث ولديها مفاوضات مع 11 فصيلا للانضمام اليها بالاضافة لجبهات اخرى مثل جبهة الجهاد والتغيير والجهاد والاصلاح وتتكون كل منها من عدة فصائل وربما تدخل هذه الجبهات فى مفاوضات لتوحيد صفوفها فى المستقبل تمهيدا لخوض معركة تحرير شاملة وحاسمة وهناك ايضا جبهة سياسية أسمها الجبهة الوطنية والقومية والاسلامية تضم عدة تنظيمات وهي بمثابة جناح سياسى لجبهة الجهاد والتحرير.
اخراج أمريكي
سؤال : نعود الى المحتل ومحاولات اظهاره للمجتمع العراقى وقد شابته الصراعات الطائفية وهنا اعود للوراء الى ديسمبر من العام 2006 حيث تم اعدام الرئيس الراحل وتم تداول مشهد الاعدام عبر وسائل الاعلام المختلفة وعبر شبكات الانترنت ومن المؤكد ان ذلك كانت له رسالة فمن يقف وراء تلك الرسالة وهل كان مقصود بها اذلال القادة العرب وارسال رسالة لهم بان هذا هو مصير من يقف فى وجه امريكا؟
الدكتور محسن خليل : لاشك ان هذه العملية اخرجها المحتل ومن نفذها هم ادواته سواء الحكومة التى انشأها او ميليشياتها والرسالة بها هذا الجانب الذى تفضلت به وهو بث الخوف والرعب والردع للقادة العرب كى يمتثلوا للارادة الامريكية ويتذكروا بانه لاحصانة لاحد اذا تمرد على الاملاءات الامريكية والجانب الاخر من الرسالة هو حرص المحتل على ان يتم تنفيذ عملية الاغتيال بطريقة طائفية نفذتها مجموعة من العملاء لاينتمون الى الشيعة ولا الى السنة وأنما هم عملاء تعمدوا ان يكون شكل التنفيذ والاخراج كما لو انه ثأر طائفى لتوليد رد فعل طائفى مضاد ومن حسن الحظ ان الشعب العراقى بدل ان يتصرف بشكل طائفى تصرف برد فعل وطني ضد المحتل وضد عملائه احزابا وشخصيات المرتبطة بالمحتل وايران معاً لان المعركة الحقيقية ليست بين طوائف واثنيات وانما بين المحتل واعوانه من جهة والمناهضين له من جهة اخرى.
فات المحتل أن الرسالة التى اراد المحتل ان يوجهها كانت تحمل في ثناياها رسالة اخرى مضادة لرسالته وهى ان المقاومة العراقية هي الوحيدة فى تاريخ حروب التحرير المحرومة من أي دعم ومساندة و"اليتيمة" التى لايوجد من يمولها ولا حتى من ينقل خبرا عنها،أحبطت بأمكاناتها الذاتية مشروع الاحتلال الامريكى وأذلت قواته واجبرته على ان يبحث عن صيغ خلاص وبعد ان كان يتصرف بغرور ويهدد بمعاقبة المعارضين للاحتلال ويعد باجراء التغيير والاصلاح فى الدول العربية عاد تحت ضغط المقاومة ليتوسل العون من الدول العربية ولذلك بدلا من أن يتلقى الحكام العرب أغتيال الرئيس الشهيد على انها رسالة ردع وتحذيرلهم عليهم ان يستلموا الرسالة الاخرى وهى الاصح والابقى لأن الرسالة الاولى تبخرت كالفقاعة على ايدى المقاومة اما الرسالة الثانية فهى رسالة المقاومة والتى تقول إن امريكا وهى اقوى دولة فى العالم وقعت وسقطت مترنحة فى ايدى المقاومين الذين لايملكون سندا ولا ملاذا ولا دعما وانهم مصممون على الحاق الهزيمة بها في العراق ان لم تتدارك نفسها وتعلن الانسحاب غير المشروط قبل فوات الاوان.. وإن أراد الحكام العرب اتخاذ الموقف السليم لاختاروا دعم المقاومة لانها هى الكفيلة بحماية امنهم الوطنى والاستقرار فى دولهم والقادرة على أخراج امريكا ليس من العراق وحده ولكن من كل الوطن العربى.
أزمة المهجرين
سؤال : العراق يتعرض الان لاكبر عملية نزوح وطالبت الامم المتحدة لشؤون اللاجئين بتقديم الدعم للمهجرين خاصة فى سوريا والاردن.. فهل ترون ان هناك دورا عربيا مفقودا فى هذا السياق واذا كان الامر كذلك فما هو هذا الدور برأيكم؟
الدكتور محسن خليل : الواجب الرئيسى هو ان تعتمد الدول العربية على ما يقرره القانون الدولى وهو تحميل المحتل مسؤولية هؤلاء المهجرين وثانيا سحب اعترافها بحكومة المحتل لان مشكلة المهجرين نتيجة لما تعرضوا له من جرائم الميلشيات التى شكلتها الاحزاب الحاكمة واعمال القتل التى قامت بها وعملية التهجير جزء من مخطط المحتل لتفريغ العراق من الكثافة السكانية وتجفيف المنابع البشرية للمقاومة وهى عملية مخططة وتتم بتدبير منظم من قوات الاحتلال والموقف العربي من مشكلة المهجرين يجب ان يستند على سحب الاعتراف والدعم المقدم للحكومة القائمة تحت الاحتلال ومطالبة قوات الاحتلال طبقا للقانون الدولى بتحمل مسؤولياتها بحماية المدنيين تحت الاحتلال بموجب اتفاقية جنيف لعام 1949 وعليها ان تلجأ لمجلس الامن لالزام المحتل بتخصيص جزء من عائدات النفط لاعاشة هؤلاء المهجرين بدلا من سرقتها وتهريبها للخارج، وقد تلقت حكومة الاحتلال عوائد نفط تزيد على 200 مليار دولار منذ بدء الاحتلال وبدلا من الحملة "السخيفة" التى قادتها جامعة الدول العربية لجمع تبرعات "بملاليم" وشارك فيها عراقيون اكثر سخافة متواطئين مع حكومة الاحتلال،وصوروا العراقيين على انهم متسولون وبدون كرامة،على على العرب بدل ذلك تفعيل ميثاق جامعة الدول العربية والكف عن الهرولة وراء ما
نشر في : شبكة البصرة